الكاتب عبد الفتاح سالم / العيون
ماذا سيقول أبواق قيادة البوليساريو بعد أن أكد التسجيل المسرب للبشير مصطفى السيد على كل الملاحظات والانتقادات التي كنا نوجهها للجبهة الانفصالية..
أحد أهم القيادات في البوليساريو يؤكد على أن قرار الحرب لم يكن مدروسا، وأن الجبهة لم تكن جاهزة للتصعيد العسكري الذي انخرطت فيه منذ 13 من نوفمبر 2020.
فالرجل الذي كان يستفرد بقرار الجبهة حتى حدود بداية تسعينيات القرن الماضي، يعترف بأن كل الصلاحيات في تنظيم البوليساريو تتركز لدى أمينها العام، خاصة منذ حل ما يسمى “اللجنة التنفيذية” في مؤتمر الجبهة التاسع المنعقد سنة 1991، وهي الهيئة التي وصفها ب”المرحومة” قياسا لما يسمى ب”الأمانة الوطنية” التي عوضتها والتي أكد على أنها بدون أي صلاحيات تذكر. ما يحيل على تهميش دوره (البشير) في مركز قرار الجبهة وصعود نجم قيادات أخرى عقب ذلك المؤتمر.
“أجيال السلاح الثلاثة موجودة عندنا…، إضافة إلى الوسائل التقليدية التي كانت لدينا، لكن “الرجل” -كناية عن براهيم غالي- يعلم أن السلاح لا بد له من الأسلوب الذي يستخدم به”، يؤكد البشير في تسجليه المسرب، في إشارة إلى ضعف التدريب والجاهزة لدى عناصر البوليساريو، ليقارن بين فعالية مليشيا البولساريو في حربها السابقة وعجزها منذ إعلانها الأخير عن تنصلها من وقف إطلاق النار.
“لقد خسرنا الرجال حينما قدموا إلينا، واليوم نبحث عنهم بدون جدوى بعد أن غادرونا” يوضح البشير السيد مدى ضعف قدرة البوليساريو على التأطير في ختام كلمته المسربة، ما يؤشر على ضعف الموارد البشرية لجناحها المسلح.
التسريب الصوتي نفسه يكشف أيضا حجم الانقسامات التي تعيشها قيادة الجبهة، في ظل الفراغ الذي تشهده زعامتها منذ افتضاح تهريب براهيم غالي الى اسبانيا بهوية مزورة، وانتكاس وضعه الصحي مؤخرا، فضلا عن المتبعات القضائية بتهم ثقيلة التي ظل موضوعا لها إلى جانب بقية القيادات في الجبهة، من قبيل القتل خارج القانون، الاختطاف، التعذيب والإغتصاب، وهي عوامل تنضاف الى تصاعد الاحتجاجات في مخيمات تيندوف التي بات يتزعمها بعض العناصر القيادية، إلى جانب الفوضى الأمنية التي يكرسها تقاطع أجندات القيادة مع عصابات الجريمة المنظمة في تيندوف.
البشير فضح أيضا ارتهان قرار البوليساريو للجزائر حيث أوضح أن قائد الأركان السابق للجيش الجزائر قايد صالح هو من أعطى الضوء الأخضر لقيادة الجبهة للدخول في دعايتها الحربية، في حين أن الجزائر هي من كانت تمنع البوليساريو من النتصل من وقف إطلاق النار، بحسب التسجيل المسرب.
لفهم التوجه الجديد لبعض العناصر القيادية نحو مراجعة مغامرة العودة للحرب، ووقوفها على فشل دعايتها العسكرية، فينبغي الإشارة إلى بيان أمانة الجبهة الأخير حول تأييد إعلان إسكات البنادق الصادر عن قمة الإتحاد الإفريقي منذ ديسمبر 2020، فضلا عن الخطاب المهادن الذي تبنته مجلة الجيش الجزائري في عددها الأخير، ما يؤشر على نوع من التعاطي الإيجابي من طرف النظام الجزائري، مع الدعوة التي وججها العاهل محمد السادس في خطابه الأخير إلى الأشقاء في الجزائر لطي صفحة الخلافات بناء علاقات طبيعية بين البلدين.