سمير شوقي، صحفي مغربي
وأنا في طريقي لمراكش، فُوجئتُ بكمِّ قوافل المساعدات من كل الأشكال. شاحنات عملاقة، عربات نفعية متوسطة، سيارات خاصة.. ولافتات تشير لأسماء جمعيات وأحياء وتُجار من مختلف المدن المغربية.
في باحات الاستراحة، الحشود كثيرة حتى يُخيل لك أن الشعب المغربي هبَّ كله للمساهمة في عمليات الانقاذ وإطعام الساكنة المكلومة، وإسنادها معنوياً.
في الواقع، يقشعر البدن لتلك الحشود المهيبة ولهذه التعبئة الغير مسبوقة، ولكرم هذا الشعب الطيب الجميل. أنا من الجيل الذي عاش أجواء المسيرة الخضراء سنة 1975، ويمكنني أن أجزم أن المملكة لم تشهد تعبئة تضامنية كالتي تعرفها هاته الأيام منذ المسيرة الخضراء المتوجهة للصحراء المغربية.
في مرات عديدة قلتُ أن هذا الشعب طيب صبور و يتحمل من أجل الوطن الظلم والحكرة، لكنه لم يكن أبداً إبناً عاقاً للوطن الذي يعتبره كالأب الذي قد يقسو عليك، لكنه منكَ، من لحمك و دمك.
أتعجب في الحين ذاته لأولئك الذين يريدون الوصاية على هذا الشعب ويتمنونَ لو صرخَ، وتمردَ وقلبَ الطاولة، لكن أعود لأبتسم شامتاً من جهالتهم. فهم لا يستطيعون أن يفهموا أن المغربي قد يغضب وقد ينتقد بملء فيه، لكن علاقته بالملكية علاقة خاصة خارج كل المعادلات. علاقة ارتباطٍ ووفاء متبادل يصعب على الكثير ضبط أوثارها.
هذا هو المغرب الجميل، نفرح جميعاً ويشاركنا الملك فرحتنا في الشوارع، ونبكي ونحزن جميعاً وهو وسطنا يئنُ كما نتألم. نشارك بعضنا الحلو والمر ونتضامن في الشدة وتسقط بيننا كل قيود الطبقية لترتفع قيم “النية” ونكران الذات.
فشكراً لتلك العجوز التي رأيتها تحمل قنينة زيت لتضعها ضمن شحنة قافلة التضامن وهي تبدو بحاجة إليها أكثر من أي واحد. شكراً للمواطن العادي الذي ترك عمله و ملأ سيارته بما استطاع من مواد واتجه الحوز و تارودانت.
شكراً لجمعيات تعبأت فما ارتاح أعضاؤها ولا ناموا منذ أيام. شكراً للشركات المواطنة التي جندت موظفيها للمساهمة في الإنقاذ وكذلك تلك التي جادت بسخاء من هبات عينية و مالية.. كل الحب لهذا الشعب الأصيل، ولعلها مسيرة خضراء ثانية ووقفة مع الذات لتجديد لُحمة الوطن. دامت لكم العزة والنخوة والشموخ يا أبناء وطني.