أنهت الرباط “الجدل” حول زيارة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى جنوب إفريقيا، باعتبار الأخيرة “دولة بلا وزن وتأثير” للعب دور في ملف الصحراء، واضعة بذلك “مؤشرات استمرار العلاقة” مع المسؤول الأممي، رغم خطوته.
وتؤشر طبيعة العلاقة المستقبلية بين المغرب والمبعوث الأممي على التشديد في احترام القواعد الثلاثة المسطرة، وهي “التفاوض مع الأطراف الأربعة، التشاور والشفافية، مسار الحل يكون فقط تحت مبادرة الحكم الذاتي وفق السيادة المغربية”.
وفي ظل استمرار غياب أي رد من المبعوث الأممي حول الخطاب المغربي، وهو الحال لدى الإيجازات الصحافية للمتحدث الرسمي بالأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، قد تسير القضية إلى نفق النهاية.
ورغم تشديد بعض مراقبي ملف الصحراء على أن دي ميستورا “سيبقى بدون حل للملف، خاصة بعد زيارة بريتوريا”، يرى آخرون أن “التزامه بالقواعد التي سطرها المغرب سيجعله أمام مفاتيح عديدة للتوصل ولو كأضعف الإيمان إلى مؤشرات أولية لعودة سيرورة المفاوضات”.
وتؤكد قضية دي ميستورا استمرار “نهج الرباط الصارم” مع المبعوثين الأمميين إلى الصحراء، الذين يخرجون عن آليات عملهم، ويقعون في الشرك الانفصالي، ويبتعدون عن قواعد صاحب الدلائل التاريخية الملموسة، والفائز في سباق التسعة وأربعين سنة، بارتفاع أعداد الداعمين لسيادته على أقاليمه، وتراجع متواصل لمؤيدي أطروحة قيادة الرابوني.
الالتزام بالقواعد أو النهاية
وقصد محاولة استشراف طبيعة وقواعد العلاقة التي ستجمع المغرب مع دي مستورا مستقبلا، قال موساوي العجلاوي، مختص في قضية الصحراء والشؤون الإفريقية، إن “دي ميستورا سينجح في مهمته إذ تفاوض مع الأطراف الأربعة للنزاع، وعكس ذلك فنهايته ستكون مؤكدة”.
حسابات انتخابية
يرى الخبير و المحلل السياسي، الدكتور أحمد نور الدين، أن غضب المغرب يعود إلى عدم وجود الحياد والموضوعية من جانب جنوب أفريقيا في النزاع الإقليمي حول الصحراء.
وأشار في حوار مع الجزيرة إلى أنها تتبنى بدون تحفظ الأطروحة الانفصالية، وتعترف بما يسمى “الجمهورية المعلنة في تندوف من طرف واحد”. وهذا الاعتراف يعني من الناحية القانونية أن بريتوريا قررت مصير الإقليم موضوع النزاع عوضا عن الساكنة.
ولفت المتحدث إلى أن جنوب أفريقيا وجهت الدعوة إلى المبعوث الأممي، رغم أن ليست معنية جغرافيا، وغير معنية مؤسساتيا، لأنها لا تملك تفويضا من مجلس السلم والأمن الأفريقي صاحب الاختصاص أفريقيا في الوساطة لحل النزاعات داخل القارة.
ويرى نور الدين أن هذه الخطوة محكومة بحسابات انتخابية، إذ ستشهد جنوب أفريقيا انتخابات برلمانية في ماي المقبل، لذلك يرجح أنها “محاولة لتحقيق بعض النقاط في السياسة الخارجية علها تعوض الفشل في سياستها الداخلية”.
هل تتأثر الثقة؟
أمام هذه التطورات المتواصلة يُطرح السؤال حول ما إذا كانت ردود الفعل الغاضبة من الرباط قد تترجم إلى سحب الثقة من المبعوث الأممي دي ميستورا، وهل يتكرر سيناريو 2012 حين سحب المغرب ثقته رسميا من سلفه كريستوفر روس بعد أن اتهمه بالتراجع عن المحددات التفاوضية التي سطرتها قرارات مجلس الأمن، وسلوكه لأسلوب غير متوازن ومنحاز وهو ما دفعه في النهاية إلى الاستقالة من مهمته.
بالنسبة لنور الدين، فإنه من حكم المؤكد أن علاقة المغرب بالمبعوث الشخصي ستتضرر بعد هذه الخطوة، خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية المغربي والسفير عمر هلال.
ويرى أن دي ميستورا ارتكب خطأ مهنيا حين لم يخبر المغرب بزيارته لجنوب أفريقيا، وارتكب خطأ سياسيا حين تجاهل رفض المغرب إجراء تلك الزيارة، مضيفا أن “المغرب هو المعني الأول بالنزاع، ويكفي أن يرفض المغرب التعامل معه لكي تنتهي مهمته دون اللجوء إلى سحب الثقة”.
ومضى نور الدين أبعد من ذلك، حين توقع أن تفضي الأزمة الحالية إلى إنهاء مسلسل التسوية الأممية برمته والذي انطلق سنة 1991، ولم يؤد إلى أي نتيجة.