عز الدين السريفي
في تطور دبلوماسي بالغ الأهمية، أعلنت الإكوادور سحب اعترافها بالبوليساريو الجزائرية. تأتي هذه الخطوة في وقت يتزايد فيه دعم المجتمع الدولي لمغربية الصحراء، وتؤكد على التحولات الجذرية في المواقف الإقليمية والدولية. وفيما يلي أبرز النقاط التي تعكس أهمية هذا القرار بالنسبة للمغرب:
تعزيز الشرعية الدولية لمغربية الصحراء: يُعد سحب الإكوادور اعترافها تجسيدًا لتحول جوهري في الدعم الدولي لمغربية الصحراء، مما يُقوض شرعية البوليساريو الجزائرية ويدعم موقف المغرب الثابت في المحافل الدولية. يُظهر هذا التحول أن المزيد من الدول تدرك أهمية الحفاظ على السيادة والوحدة الترابية للمملكة المغربية من أجل تعزيز السلم، ونبذ العنف، والقضاء على الجماعات الإرهابية المتواجدة في المنطقة.
نجاح الدينامية الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس: يعكس القرار نجاح الاستراتيجية الدبلوماسية التي يقودها جلالة الملك، والتي تسعى إلى تحقيق انتصارات متتالية في قضية الصحراء. هذا النجاح الذي يؤكده الارتفاع الكبير في عدد الدول التي تدعم الوحدة الترابية للمملكة، والمؤيدة لمشروع الحكم الذاتي، حيث يفوق عددها 100 دولة، بالإضافة إلى افتتاح 29 قنصلية في كل من العيون والداخلة. كما يُعتبر هذا التطور نتيجة مباشرة للجهود المستمرة والمركّزة لتعزيز العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية، التي كانت من أشد الداعمين لأطروحة الانفصال.
فتح آفاق جديدة للتعاون الثنائي: يعد سحب الاعتراف بداية جديدة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين المغرب والإكوادور. فبإمكان المغرب استثمار هذه الفرصة لتعزيز التبادل التجاري والتعاون في مجالات عدة مع الإكوادور وجاراتها، مما يسهم في تنويع شركاء المملكة ويعزز من موقعها في أمريكا اللاتينية.
المكتسبات الإقليمية في أمريكا اللاتينية: في ظل كون الإكوادور عضوًا في عدة تجمعات إقليمية، مثل الاتحاد الأمريكي ومنظمة الدول الأمريكية ومجموعة الـ77 ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ورابطة دول أمريكا الجنوبية (UNASUR)، فإن موقفها الجديد قد يكون له أثر عميق في تشجيع دول أخرى في المنطقة على إعادة تقييم مواقفها تجاه قضية الصحراء. وهذا التحول يُعتبر خطوة مماثلة لتوجهات دول مثل بنما والبرازيل، مما يعكس تحولًا عامًا في دعم مغربية الصحراء وفتح أفق جديد للتعاون الإقليمي مع الدول التي تدعم الوحدة الترابية للمغرب.
دور الإكوادور في مجلس الأمن: حيث أن الإكوادور عضو حاليا بمجلس الأمن فإن موقفها الجديد يُعزز من إمكانية دعم المبادرات المغربية المقترحة في القضايا الأمنية. حيث ستتيح هذه العضوية للمغرب فرصة أكبر للضغط على البوليساريو وحلفائها من خلال تقديم رؤية واضحة لأهمية السلام في المنطقة، ودعم جهود الأمم المتحدة للقضاء على الإرهاب والجماعات المتطرفة.
المكتسبات في الاتحاد الإفريقي: يُتوقع أن يؤدي هذا القرار إلى تراجع أكبر في عدد الدول التي تعترف بالجمهورية الوهمية، مما يتيح للمغرب تعزيز موقفه في الاتحاد الإفريقي، في أفق طرد الجمهورية الوهمية من هذا التنظيم الكبير. حيث يُعتبر هذا التحول في مواقف دول أمريكا الجنوبية فرصة كبيرة لتعزيز التأييد الإفريقي لمغربية الصحراء، بحكم ارتباط معظمها بالقيادات التاريخية لأغلب الدول الإفريقية.
إن الإكوادور، التي كانت تاريخيًا من أكبر الداعمين لجبهة البوليساريو، حيث اعترفت بها سنة 1983 وافتتحت سفارة لها في كيتو سنة 2009، قد خلقت الحدث بهذا القرار المهم والتاريخي. باعتبارها قوة كبرى داخل اتحاد دول أمريكا اللاتينية وعضوا حاليًا في مجلس الأمن. كما يبين هذا التحول فعالية الدبلوماسية المغربية في توجيه مواقف الدول نحو الاعتراف بحقوق المغرب في صحرائه. حيث يُعتبر هذا القرار خطوة استراتيجية تُعزز من موقف المغرب على الساحة الدولية، وتُشير إلى نجاح الجهود الدبلوماسية المغربية، مما يُسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية المنشودة في المنطقة.
هذا “الحدث المهم سيشكل لبنة من اللبنات التي سيعمل المغرب على استثمارها في سبيل التعريف بعدالة القضية الوطنية في مواجهة أطروحة الخصوم المتمسكة بأوهام الحرب الباردة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الدبلوماسية الملكية القائمة على عدم التسرع، والقيام بالخطوة في الوقت المناسب دون ارتجال، فرضت الواقع الحالي الذي كسبت فيه المملكة العديد من المواقف الداعمة للقضية الوطنية، وآخرها الاعتراف الفرنسي بمغربية صحرائه، كما أعلن الخطاب الملكي الأخير عنوان المنهجية الجديدة القائمة على الانتقال من التدبير القائم على ردود الأفعال إلى التغيير القائم على المبادرة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية”.
هذا، ويفتح سحب الاعتراف بجمهورية الوهم فصلًا جديدًا في العلاقات المغربية الإكوادورية قبيل اجتماع مجلس الأمن حول الصحراء لمناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وإصدار قرار بتمديد فترة ولاية البعثة الأممية لسنة أخرى إضافية، وهو ما يزيد من ألم الصفعة التي تلقتها الجبهة الانفصالية في هذا التوقيت.