عز الدين السريفي
بعد مرور نصف قرن (49 سنة) من إقدام الجارة الشرقية على طرد المغاربة تعسفيا من أراضيها، لايزال التجمع الدولي لدعم العائلات ذات الأصل المغربي المطرودة من الجزائر يتشبت باعتراف السلطات الجزائرية بمسؤولياتها عن هذه المأساة وتراجعها عن حرمانهم من كافة حقوقهم وممتلكاتهم.
وإعلن التجمع الدولي لدعم العائلات المطرودة من الجزائر – 1975، وهو منظمة دولية غير حكومية تأسست في 27 فبراير 2021، عن مواصلة الدفاع عن مصالح المطرودين من الجزائر أمام مختلف الهيئات خاصة الدولية، مشددا على ضرورة تيسير لم شمل العائلات المغربية مع تلك التي لازالت مستقرة بالجزائر وفق ما يتضمنه ميثاق الأمم المتحدة و الإعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان وآليات حقوق الإنسان ذات الصلة.
وجدد التجمع الدولي، في بلاغ توصلت جريدة “مدار21” الالكترونية بنسخة منه، التأكيد على أن السلطة الجزائرية تتحمل لوحدها مسؤولية الطرد التعسفي الذي تعرضت له العائلات المغربية في شتاء 1975 بقرارها في دجنبر 1975 الذي نفذته قوات الأمن والمصالح التابعة للدولة الجزائرية.
واعتبر المصدر ذاته أن السلطات الجزائرية لم تكلف نفسها الاعتراف لحد الآن بمسؤولياتها الحصرية عن هذه المأساة التي لها ارتباط وثيق بحقوق الإنسان، مؤكدا أن التجمع، وانطلاقا من طبيعته الدولية، وبحكم مؤهلات أعضائه ومسانديه، لن يتوانى عن القيام بمسؤولياته على تعبئة الرأي العام الدولي والمؤسسات والمنظمات الدولية من خلال مبادراته النوعية والمتجددة لاثارة انتباه المجتمع الدولي إلى مأساة المغاربة المطرودين من الجزائر سنة 1975 والضغط على السلطات الجزائرية بالخصوص للاعتراف بمسؤوليتها المباشرة والحصرية عن هذه المأساة.
واسترجع التجمع تفاصيل هذا الحادث المأساوي الذي أقدم عليه المسؤولون الجزائريون قبل 49 سنو وفي الثامن من دجنبر الجاري بتهجير مغاربة قسرا صبيحة عيد الأضحى 1975، معتبرا أنها المأساة التي لم يعترف بها النظام الجزائري إلى حد الآن، رغم مرور زهاء نصف قرن على هذه الواقعة البشعة والمأساوية.
وفي الوقت الذي كان فيه العالم الإسلامي يحتفل بعيد الأضحى المبارك، يضيف البلاغ أن الدولة الجزائرية عمدت، بشكل تعسفي وبدون سابق إنذار، على طرد ما يناهز 45 ألف عائلة مغربية من الجزائر، وكلهم من المواطنات والمواطنين المغاربة، المقيمين بصفة شرعية فوق التراب الجزائري منذ عدة عقود.
ولفت المصدر ذاته إلى أن عددا كبيراً من المطرودين أسسوا أسرا مختلطة جزائرية مغربية، ومنهم من حمل السلاح خلال حرب التحرير في مواجهة الاستعمار الفرنسي، لتتم في الأخير مجازاتهم بهذه الطريقة التعسفية والمهينة .
وأوضح التجمع نفسه أن هذه العائلات عانت نفسيا وجسديا حينما وجدت نفسها في رمشة عين وفي ظل ظروف مناخية قاسية، خارج ديارها، وظلت دوما تعيش تحت وقع هذه الصدمة وهول الفاجعة، مسجلا في الآن حرمانهم من طرف الدولة الجزائرية من كافة حقوقهم وممتلكاتهم، مع اقتياد الآلاف من النساء والرجال والأطفال والمسنين مجردين حتى من أغراضهم الشخصية في تجاه الحدود المغربية الجزائرية.
وعلى الرغم من مرور هذه السنوات على هذه المأساة، يشدد المصدر ذاته أن الضحايا وذوو حقوقهم والأبناء والأحفاد وأنصار حقوق الإنسان، تمكنوا أن يقاوموا النسيان، وحولوا هذه الفاجعة إلى ذاكرة حية، من خلال تسليط الضوء على أحداثها ووقائعها وانعكاساتها، وإثارة الانتباه دوما إلى مسؤولية السلطات الجزائرية، والمطالبة بترتيب الآثار القانونية على هذه التصرفات اللاانسانية.
وبهدف الإبقاء على هذا الملف مفتوحا وطنيا ودوليا، أشار التجمع إلى أنه الضحايا قاموا بإطلاق مبادرات جماعية وفردية وتوثيق شهاداتهم من خلال إصدار كتب وأفلام سينمائية، مؤكدا أن هذا ما مكن ذلك من طرح هذا الملف على أنظار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولجنة حماية حقوق العمال المهاجرين وجميع أفراد أسرهم، غير أن هذه الخطوات – على رغم من أهميتها – تظل غير كافية خاصة في ظل استمرار الدولة الجزائرية في التعتيم والتضليل على هذه الجريمة، ونكران حدوثها أصلا، وتزييف الحقائق بشأنها، على الرغم من أن السلطات الجزائرية تتحمل بمفردها كامل المسؤولة عن هذه المأساة.
واستهجن المصدر نفسه تصرفات السلطات الجزائرية المشينة التي خرقت كل المواثيق والأعراف الدولية وحسن الجوار ،معتبراً أن تطورات الأحداث منذ واقعة طرد المغاربة من الجزائر، وما نشهده الآن من تحرشات واستفززات النظام الجزائرى المتواصلة لبلادنا، منها التلويح باشعال فتيل الحرب بين البلدين الشقيقين، يؤكد بالملموس أن طرد السلطات الجزائرية للمواطنات والمواطنين المغاربة من الجزائر سنة 1975، تعسفيا لم يكن حدثا معزولا بل كان حلقة ضمن حلقات مسلسل تآمري متواصل للنظام الجزائري.