عبرت 20 دولة إفريقية، عبر مؤسساتها التشريعية، من بينها موريتانيا ونيجيريا وأنغولا، عن دعم المبادرة المغربية لفائدة الدول الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس في نونبر من سنة 2023، وذلك من خلال تبني “إعلان الرباط” الذي تلا اجتماع رؤساء البرلمانات الوطنية في البلدان الإفريقية الأطلسية، والذي نص بشكل صريح أيضا على احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية.
ونص “إعلان الرباط، من أجل تحويل الواجهة الأطلسية الإفريقية إلى فضاء للتكامل والازدهار والجاذبية والربط مع العالم”، على دعم “مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية”، وإعطائه الزخم السياسي بما يسرع تفعيله على الأرض في مشاريع ملموسة، تجسد طموح شعوب قارتنا في التقدم وتحقيق الاندماج الإقليمي والقاري”، وفق منطوق الوثيقة.
وقال موقعو الإعلان إن “مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية”، الذي أُطلق بمبادرة من الملك محمد السادس، يحظى بالتقدير من أجل تحويل الواجهة الأطلسية الإفريقية إلى فضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي، والازدهار الاجتماعي، والجاذبية الاستثمارية الدولية، معتبرين أنه يتكامل مع مبادرة العاهل المغربي بشأن تمكين بلدان الساحل الإفريقي من الولوج إلى المحيط الأطلسي.
وأورد رؤساء المجالس التشريعية ورؤساء الوفود أن هذه الخطوة ترتبط باستحضار السياقات الدولية والقارية والإقليمية التي تحيط بالمشروع، ومنها على الخصوص ما يميز السياق الدولي الراهن من حالات اللايقين، والعودة إلى سياسات الأقطاب، والمحاور والأحلاف الدولية، إلى جانب التحديات التي تواجهها قارة إفريقيا بما في ذلك نزعات الانفصال والنزاعات الداخلية والعابرة للحدود، وما ينجم عنها من تطرف وإرهاب فضلا عن انعكاسات الاختلالات المناخية على القارة.
موقعو الإعلان وقفوا أيضا عند الإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها القارة، ومنها الدول الأطلسية، وخاصة الأراضي الزراعية والمعادن والموارد الطاقية الاستراتيجية في الصناعات والتكنولوجيات التي يحتاجها العالم، مع تثمين الموارد البشرية الهائلة الواعدة التي تزخر بها إفريقيا ذات الهرم الديموغرافي الشاب، وما تتوفر عليه من نخب ومؤهلات وكفاءات علمية رفيعة ومهارات في مختلف المجالات، والتي تشكل دعامة أساسية للنهوض الإفريقي، مع تقدير الحاجة الملحة إلى تحويل هذه الإمكانيات إلى قيم مضافة وازدهار اقتصادي واجتماعي، تلمسه الشعوب الإفريقية وتنخرط في تحقيقه وتتمتع بفوائده، وفق الوثيقة.
وأكد رؤساء البرلمانات الإفريقية وممثلوهم، على أهمية تعزيز انفتاح القارة الإفريقية على باقي الاقتصادات الدولية، مشددين على أهمية الشراكات العادلة والمتوازنة والدينامية القائمة على الربح المشترك، والمُحَقِّقة لنهضة إفريقيا من خلال توطين الاستثمارات، ونقل التكنولوجيات والمهارات والمعارف، وتيسير تملكها من قبل الكفاءات الإفريقية، بما ييسر لحاق إفريقيا بباقي التكتلات والقوى الاقتصادية الدولية، ويسد الفجوات الصناعية والتكنولوجية والرقمية التي تفصلها عن عدد من الفضاءات الجيوسياسية الأخرى، وبما يحقق بالأساس، طموح إرساء تعاون جنوب جنوب
وفي ارتباط مباشر بقضية الصحراء، أكد الموقعون على ما وصفه الإعلان “المبادئ الأساسية التي ينبغي أن تحكم العلاقات بين الدول الإفريقية، وبالتحديد احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وسلامة أراضيها باعتبار كل ذلك الحجر الأساس في العلاقات الدولية”.
وقال الرؤساء إنهم يثمنون نُبل المسلسل الذي ينطوي على رهانات تاريخية وجيوسياسية من خلال استثمار الإمكانيات التي تتوفر عليها البلدان الإفريقية 23 المشاطئة للمحيط الأطلسي، معتبرين هذا المسلسل مبادرة جد طموحة، ورافدا مهيكلا للاندماج القاري الإفريقي، ورافعة لتعزيز وتقوية منطقة “التجارة الحرة القارية الإفريقية”، وإحدى بواباتها الكبرى نحو العالم.
وذكر الموقعون بأن المسلسل يتوفر على جميع فرص ورافعات النجاح، وخاصة منها الأهمية الاستراتيجية للمحيط الأطلسي بالنسبة لإفريقيا، وما يختزنه الساحل الأطلسي الإفريقي من ثروات فضلا عن موقعه الجغرافي المتميز، وقابليته لاستقطاب استثمارات عالمية لإقامة المنشآت والمشاريع الضخمة، وما يتميز به هذا الساحل من أمن واستقرار وحركة آمنة للأشخاص والبضائع، مع استحضار تطلعهم إلى أن يمكن هذا المسلسل من تحويل الواجهة الأطلسية الإفريقية إلى قطب دولي جاذب للاستثمارات والخدمات والسياحة ومنصة للمبادلات الدولية.
واعتبر الرؤساء العشرون للمجالس وللبعثات البرلمانية المشاركة، أن مما يزيد من أهمية المسلسل ونجاعته، هو تكامله مع مبادرتين ومشروعين إفريقيين هامين هما، مشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب الذي سيربط 13 بلدًا إفريقيا وأوروبا، وسيشكل شريانا لاقتصاد المنطقة، ومبادرة تمكين دول الساحل الإفريقي من الولوج إلى المحيط الأطلسي.
وتابع الموقعون “نؤكد قناعتنا بأن المسلسل يشكل دعامة أساسية لمستقبل بلداننا المشترك، وسيطلق ديناميات كبرى في اقتصادات بلداننا، ويساهم في تجهيزها بالطرق والموانئ وباقي المنشآت الأساسية، وفي الخدمات المرتبطة بالدينامية – التجهيزية، وما سينتج عن ذلك من انفتاح وتشبيك للمواصلات وربط عصري بحري وبري وجوي بين بلداننا، مع باقي دول القارة وبلدان العالم، ومن فرص تشغيل هائلة”.
وأورد الرؤساء أنهم يثمنون الخطوات المحققة بين حكومات بلدانهم لتحقيق هذا المشروع الطموح، مؤكدين على أهمية المقاربة الإشراكية والتشاورية المعتمدة من أجل بلورته، وندعو إلى تنويع آليات التفكير والتخطيط المشتركة، قصد تملك المشروع من طرف كافة المؤسسات الوطنية في الدول المعنية.
ودعا الموقعون إلى التعريف بالمسلسل على الصعيد القطري في البلدان المعنية ولدى باقي القوى الاقتصادية، حتى يصبح جزءا من الأجندات الاقتصادية والإضافات الإنمائية العالمية، ولجعله في صلب اهتمامات المستثمرين الدوليين من دول ومؤسسات مالية ومقاولات دولية.
وأضاف الرؤساء “من أجل ذلك نؤكد تصميمنا والتزامنا وانخراطنا من موقعنا، كمؤسسات تمثيلية، في الترافع الدولي من أجل المسلسل، خاصة في أوساط المجموعة البرلمانية الدولية، في سياق ترافعنا من أجل قضايا إفريقيا العادلة”، وأضافوا “نؤكد تشبثنا بترسيخ روابط التضامن والتآزر بين البلدان الإفريقية وندعو إلى السعي دائما، وفي جميع الحالات، إلى تسوية الخلافات بالحوار والطرق السلمية وتجنب اللجوء إلى القوة”.
ومن أجل المساهمة في هذا الجهد ومأسسته، أعلن الموقعون عن قرار إحداث شبكة برلمانية تمثل فيها برلماناتهم الوطنية لتنسيق اتصالاتهم، وتوثيق أعمالهم في هذا الاتجاه، وترصيد التراكم والخطوات التي يتم تحقيقها، وتيسيرا لذلك، تقرر إحداث كتابة تقنية لتتبع الخطوات المقبلة للشبكة.
يشار إلى أن الإعلان وقعه عن الجانب المغربي رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، إلى جانب رؤساء البرلمانات والوفود الممثلة للجمعيات الوطنية في موريتانيا وأنغولا والسنغال والبنين والكونغو برازافيل والكونغو الديمقراطية وغامبيا والكاميرون والرأس الأخضر والكوت ديفوار وساو تومي وبرينسيبي والطوغو، ومجالس النواب في نيجيريا وليبيريا وغينيا الاستوائية، وكذا الجمعية الوطنية الانتقالية للغابون، والمجلس الوطني الانتقالي في غينيا، ورئيسا برلماني غانا وسيراليون.
