عز الدين السريفي، صحفي استقصائي
ذكرت وكالة بلومبرغ نيوز، نقلا عن مصادر مطلعة أن شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) تواصلت مجددا مع كريتيريا كايشا، أكبر مساهم في ناتشرال إنرجي غروب (ناتورجي) التي تعد أكبر شركة غاز إسبانية.
وقالت بلومبرغ نيوز إن وزير الاستثمار الإماراتي محمد حسن السويدي الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس إدارة شركة طاقة سافر إلى إسبانيا للقاء أحد المسؤولين التنفيذيين في كريتيريا كايشا لمناقشة صفقة محتملة.
وأضاف تقرير بلومبرغ نيوز أن كريتيريا لا تزال منفتحة على إجراء محادثات طالما أن طاقة لن تسعى للحصول على حصة أغلبية في ناتورجي وأن الأمر لن يتسبب في مشكلات دبلوماسية مع الجزائر حيث تقوم ناتورجي بعمليات كبيرة.
ووفقا لبيانات جمعتها مجموعة بورصات لندن، فإن كريتيريا هي المساهم الرئيسي في كايشابنك وتمتلك حصة قدرها 26.7 بالمئة في ناتورجي.
وفي العام الماضي، سعت شركة طاقة إلى الاستحواذ على حصة كريتيريا البالغة 26.7 بالمئة في ناتورجي في إطار اتفاقية شراكة محتملة لكنها لم تتوصل إلى اتفاق.
وفي أوائل العام الماضي، قالت الجزائر إنها ستوقف شحنات الغاز إلى ناتورجي إذا اختارت الشركة الإسبانية بيع أسهمها إلى جهة أخرى في إشارة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وجاء القرار الجزائري على خلفية تأكيد شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة)، أنها تجري مناقشات مع أكبر ثلاثة مساهمين في ناتورجي، ما قد يؤدي إلى عرض استحواذ كامل على أكبر شركة غاز طبيعي في إسبانيا.
وتملك” ناتورجي” حصة في خط أنابيب غاز رئيسي بين إسبانيا والجزائر، ولديها كذلك عقود رئيسية مع سوناطراك الجزائرية التي تمد إسبانيا بالغاز عبر خط أنابيب. وتلتزم ناتورجي أيضا بعقد طويل الأجل لتوريد نحو 3 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي الروسي المسال سنويا.
وقالت “طاقة” الإماراتية العام الماضي إنها تجري محادثات مع شركتي الاستثمار المباشر (سي.في.سي) و(جي.آي.بي)، التي تملك كل منهما حصة تزيد على 20 بالمئة، لشراء حصتيهما.
وأضافت “طاقة” أنها تجري محادثات مع شركة (كرايتيرا)، أكبر مساهم في ناتورجي، والتي تملك حصة قدرها 26.7 بالمئة، تتعلق باتفاقية شراكة محتملة.
وكانت شركة “طاقة” المملوكة لإمارة أبو ظبي قد أبدت رغبتها في الاستحواذ على كامل أسهم “ناتورجي”، أكبر شركة غاز في إسبانيا والثالثة في مجال الكهرباء، وتريد تكرار محاولة شراء “سيبسا” النفطية منذ سنوات.
ويعود تردد الحكومة الإسبانية وقلق الجزائر إلى أن “ناتورجي” تمتلك 49% من أسهم أنبوب “ميد غاز” الذي يحمل الغاز الجزائري إلى السوق الإسبانية والبرتغالية، بينما تمتلك الجزائر الباقي.
وكان مجلس الوزراء الإسباني قد صادق العام الماضي على اتفاقية مع الإمارات لحماية الاستثمارات الثنائية وتسهيل الاستثمارات البينية، مما جعل بعض وسائل الإعلام تعتبر ذلك تمهيداً للموافقة على استحواذ “طاقة” للاستحواذ على “ناتورجي” مقابل 22 مليار دولار أو حتى 26 مليار دولار، وفق صحيفة “دياريو”.
لكن العائق الرئيس هو سياسي بالدرجة الأولى، حيث تعرف العلاقات الإماراتية الجزائرية توترا صامتا خاصة في ظل الهجوم السياسي والإعلامي الجزائري على الإمارات واتهامها باستهداف الجزائر.
وسبق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن انتقد دولة عربية لم يسمها، متهما إياها بتوظيف أموالها في بؤر التوتر حول العالم، في إشارة إلى دولة الإمارت، وهو ما رد عليه أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية ووزير الدولة للخارجية سابقا.
وعبّر قرقاش، عن استغرابه من سلوك القيادة الجزائرية دون أن يسميها بشكل مباشر، مشيرا إلى أن “هذا السلوك غير مبرر”، وأن الإمارات لن تتورط في صدام مع الجزائر وستظل تتبنى سياسة التحلي بالصبر وعدم الرد على التجاوزات.
ورغم أنه لا يوجد على المستوى الرسمي من الجانبين أي تصريحات أو مواقف معلنة يُفهم منها وجود توترات بين البلدين، غير أن هناك تصريحات متبادلة فيها رسائل واضحة بين البلدين، خاصة من قبل مسؤولين سياسيين جزائريين.
وكان مجلس الوزراء الإسباني قد صادق العام الماضي على اتفاقية مع الإمارات لحماية الاستثمارات الثنائية وتسهيل الاستثمارات البينية، مما جعل بعض وسائل الإعلام تعتبر ذلك تمهيداً للموافقة على استحواذ “طاقة” للاستحواذ على “ناتورجي” مقابل 22 مليار دولار أو حتى 26 مليار دولار، وفق صحيفة “دياريو”.
لكن العائق الرئيس هو سياسي بالدرجة الأولى. وفي هذا الصدد، فإن عملية استحواذ على شركة ناتورجي التي تعتبر الخامسة في بورصة مدريد بقيمة تتجاوز 24 مليار يورو، وهي أيضا استراتيجيةٌ للأمن الطاقي الإسباني، تتطلب عدم اعتراض حكومة مدريد.
وكانت جريدة “البيريوديكو دي كتالونيا” قد أوردت حرص الحكومة على أن يكون المستثمر في ناتورجي شركة إسبانية وليس أجنبية.
وأخذت حكومة مدريد بعين الاعتبار موقف الجزائر التي لا تحبذ دخول الإمارات في رأسمال ناتورجي كمساهم رئيسي بالنصف.
ولا تنظر الجزائر بارتياح إلى دخول دولة مثل الإمارات التي لديها علاقات متأزمة معها، كما أنها من ضمن الحلفاء الرئيسيين للمغرب.
وذهبت جريدة “كونفدنسيال” الإسبانية في تقرير لها، العام الماضي للحديث عما وصفته بـأنها” مناورة من الإمارات لتصب في صالح المغرب لكي يحصل مستقبلا على الغاز من طرف شركة “ناتورجي” التي ستكون تحت تصرف الإمارات، مبرزة أنه جرى تقديم تقرير في هذا الموضوع إلى رئاسة الحكومة الإسبانية”.
وتشترط الجزائر في عقودها مع الشركات الإسبانية عدم إعادة بيع الغاز الجزائري لطرف ثالث إلا بموافقتها.
وتنوب إسبانيا في الوقت الراهن عن المغرب في شراء الغاز من السوق الدولية، وتلتزم بألا يكون مصدره من الجزائر، ثم تقوم بإعادة تصديره للمغرب عبر أنبوب” الغاز المغاربي”، الذي يمر عبر المغرب ويربط إسبانيا بالجزائر، قبل أن تقرر الأخيرة وقفه.