منذ عدة سنوات خلت، فإن بلدنا المغرب قد تبنى سياسة الأمن الغذائي، سياسة متغيرة ومرنة تستجيب للتطورات التي يعرفها العالم في هذا المجال، وتواجه التحديات المرتبطة ببعض الظرفيات و الوضعيات الخاصة كما هو الحال خلال أزمة فيروس كورونا المستجد.
فمنذ الاستقلال، بذلت المملكة المغربية مجهودات كبيرة من اجل الرفع من الإنتاج الغذائي بإعطائه الأولوية للقطاع الفلاحي من خلال برنامج المغرب الأخضر، و تزويد السوق الوطنية بما تحتاجه من مواد وسلع ذات جودة ووفرة عالية، لتجاوز العجز الذي يعانيه الميزان الغذائي في بعض المواد.
أكيد أن الفلاحة المغربية تشكل رافعة أساسية للاقتصاد الوطني، مكنت من تحقيق مجموعة من المكتسبات بفضل التعبئة المستمرة حول مخطط المغرب الأخضر، الذي اشرف جلالة الملك نصره الله على انطلاقته في ابريل من سنة 2008 واستطاع هذا المخطط بفضل المجهودات التي راكمها، جعل الفلاحة من أولويات القطاعات الإستراتيجية الوطنية، التي عملت على تحديث وعصرنة الفلاحة وتعزيز الاستثمارات والتكامل الجيد بين السلاسل الإنتاجية، والحد من التغيرات المناخية والحفاظ على الموارد الطبيعية وإنعاش صادرات المنتجات الفلاحية وتثمين المنتجات المحلية وخلق فرص العمل، وأخيرا ضمان الأمن الغذائي.
باستثناء الحبوب يؤمن المغرب اليوم اكتفاءه الذاتي من المنتجات الزراعية، حيث تم تامين 100 في المائة من حاجاته في اللحوم والخضر والفواكه، والحليب و السكر. فزراعات الحبوب تهيمن على حوالي 75 في المائة من إجمالي المساحة الصالحة للزراعة. رغم ذلك لازال يستورد 30 في مائة من هذه المادة من الأسواق الاخرى ويعزى هذا النقص حسب رئيس الجمعية المغربية لمكثري البذور –”يستطيع المغرب إنتاج الحبوب الكافية دون ان يستوردها، بالتخلي عن زرع الأشجار المثمرة في الأراضي المخصصة لزراعة الحبوب وزرعها في الجبال، إضافة الو تجاوز مشكل عدم احترام الفلاحين للدورة الفلاحية، ايضا ضرورة تنويع المزروعات بين القطاني والقمح للرفع من إنتاجية وخصوبة الأرض”… لكن ماذا عن مفهوم الاكتفاء الذاتي هل أصبح متجاوزا حاليا في وقتنا المعاصر؟
فإلى حدود بداية التسعينات فإن مفهوم الأمن الغذائي كان يفهم على أنه تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية, وبالتالي تزويد السوق المحلي بمنتوجات وطنية. وكان للقطاع الفلاحي دور أساسي في تحقيق الأمن الغذائي. بعد ذلك ومع ظهور سياق دولي جديد تغير كل شيء، فلم يعد الأمر يتعلق بتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية، بل ضمان الأمن الغذائي الذي يأخذ بعين الاعتبار إمكانية الإنتاج الوطني والفرص التي تقدمها التجارة الدولية. فتحدي اليوم يكمن في توفير المواد الغذائية الأساسية، وهو ما أكدته الوزارة الوصية وزارة الفلاحة من خلال بلاغها للرأي العام حول وفرة التموين والمواد الأساسية إلى غاية شهر دجنبر من السنة الجارية 2020 والمتطلبة لمعيشة المواطنين والمواطنات، واستقرار أسعارها، ونشير هنا لما تطرق اليه وزير الفلاحة في كلمة شكر وجهها الى احصائيات وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عموم الفلاحين ومهنيي القطاع على تعبئتهم التي سمحت باستمرارية النشاط الفلاحي على طول سلسلة القيمة، وضمان التموين العادي والمنتظم للسوق الوطني، والحفاظ على توازنات العرض والطلب في هذا الظرف الاستثنائي. وتبقى هذه التعبئة مستمرة مع الحفاظ على استمرار النشاط الفلاحي، وتوفير العرض خلال شهر رمضان الابرك بتموين ومستويات إنتاج مريحة. (على اثر اجتماع عزيز اخنوش وزير الفلاحة بتقنية الفيديو عن بعد في ظل هذا الوضع الاستثنائي، مع رئيس جامعة الغرف الفلاحية ورؤساء الغرف الفلاحية ورئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية- كوما دير- الممثلة للفدراليات الفلاحية البيمهنية).