بقلم : خالد زروال ، استاذ مغربي
ورد في موسوعة روزنتال الفلسفية أن المفهوم هو شكل من أشكال انعكاس العالم في العقل، يمكن به معرفة الظواهر والعمليات وتعميم جوانبها وصفاتها الجوهرية، وهو نتاج معرفة متطورة تاريخيا ترتفع من الأدنى إلى الأعلى.
نستخلص من خلال قراءتنا الإبستيمولوجية لهذا التعريف أن المفهوم، والمعرفة العلمية بشكل عام، يحكمهما منطقان اثنان:
«المنطق الأول، دياكروني تاريخي: ذلك أن المعرفة لها منبعها وسيرورتها التاريخية، وهو المسار الإبستيمولوجي الذي ينبغي أخذه بعين الاعتبار أثناء تقديم أي معرفة للمتعلم. فالمفهوم تصور للعالم، لكنه ليس بالجامد أو النهائي، بل هو متحول ومتغير من مستوى أقل تعقيد إلى مستوى أكثر تعقيدا وتجريدا. بعبارة أخرى، فالمفهوم العلمي هو انبناء تاريخي وتكوين مستمر وليس مجرد معطى ميتا فيزيقي ينزل مرة واحدة في ذهن المتعلم، بل هو موضوع يتدفق تدريجيا وبشكل يزداد اتساعا وعمقا وتكاملا في سيرورة ومسار حلزونيين.
«المنطق الثاني، سانكروني بنيوي: تفيد القراءة الإبستيمولوجية لتاريخ العلم، منذ نظرية المعرفة مرورا بفلسفة العلم وصولا إلى الإبستيمولوجيا المعاصرة، أن المفهوم هو انعكاس للعالم ولظواهره في العقل وتعميم لها، بدءا بالملاحظة ثم التجريب والتحقق، وهذا ما يعرف بالمنطق الصوري.
عبر هذين المنطقين، تنتظم المفاهيم لدى الطفل بشكل علمي عبر احترام تجربته الذاتية وتراكماته السابقة (المنطق التاريخي)، ومن خلال قيامه بملاحظات ومناولات ملموسة لظاهرة معرفية معينة، ثم مناقشتها قصد التحقق منها بشكل يجعلها تثبت في ذهنه (المنطق الصوري).