خلصت دراسة استقصائية إلى أن 81.1 في المائة من الشباب المشمولين بالمقابلات الميدانية لا يفكرون في الهجرة السرية بتاتاً، وهو ما اعتبره الدراسة “مؤشراً إيجابيا يمكن ربطه بالمجهودات المبذولة على مستوى التنمية بالمملكة، ويعكس التمثلات السلبية والتخوفات التي يحملها الشباب تجاه الهجرة السرية”.
وأشارت الدراسة، التي أعدّها الباحث مصطفى تاج، بوصفه طالباً في سلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس بالرباط، إلى أن 10.9 في المائة من الشباب المغاربة مازالوا يفكرون في الهجرة السرية، ما يعكس “انسداد الآفاق لدى هذه الفئة داخل المجتمع، رغم ما تم القيام به من سياسات عمومية طيلة العقدين الأخيرين”، بتعبيره.
وأوضح البحث الميداني أن 65.1 في المائة من الشباب المغربي يفضلون العيش خارج أرض الوطن، وبالضبط في دول أوروبا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية؛ الأمر الذي أرجعته الوثيقة إلى “انبهار الأجيال الجديدة من الشباب المغربي بدول الغرب، وبمستوى التقدم الاقتصادي والاجتماعي والعلمي فيها”.
وتابع المصدر عينه: “كما يعكس في المقابل عدم رضا وسخطا ضمنيا على الوضعية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يعيشها الشباب بالبلاد. ولعل التقارير الدولية المختصة التي تصنف المغرب في أدنى الترتيب على مستوى مجموعة من المجالات لمحفز من المحفزات التي تجعل الشباب المغربي اليوم يفكر في الهجرة، بالإضافة إلى ضيق الأفق وقلة فرص الشغل الكريم”.
وأوردت الدراسة أنه رغم اشتغال 66 في المائة من الشباب المستجوب في القطاع العام وشبه العام والخاص وقطاعات أخرى، إلا أن 58.3 في المائة منهم يفكرون في الهجرة النظامية، فيما 16.4 في المائة عبروا عن ترددهم بهذا الشأن.
وسيُهاجر 77.4 في المائة من الشباب المُستجوب إذا ما أتيحت لهم فرصة للهجرة النظامية، يضيف معدّ الدراسة، الذي قال إنها “نسبة عالية يمكن ربطها بـ87.9 في المائة التي تمثل نسبة الحاصلين منهم على تكوين جامعي فما فوق، كما يمكن ربطها بـ34 في المائة التي تمثل نسبة المعطلين ضمن المجتمع المدروس”.
وانطلق البحث الميداني من تساؤل مركزي مفاده: “ما هي الأسباب والعوامل التي تدفع الشباب المغربي إلى التفكير في الهجرة؟ وكيف يمكن للدولة الحد من هذه الظاهرة؟”. وللإحاطة بهاته الإشكالية المركزية، قام الباحث المغربي بتوزيع استمارة على عدد كبير من الشباب (503) ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و40 سنة، موزعين على كافة جهات المملكة.
وبالنسبة إلى أسباب الهجرة، عزا 217 مستجوبا الظاهرة إلى مبررات متعددة الأبعاد بنسبة 43.1 بالمائة، وعزاها 215 مستجوبا إلى مبررات اقتصادية بنسبة 42.7 بالمائة، وأرجعها 52 شخصا إلى مبررات اجتماعية بنسبة 10.3 بالمائة، وفسرها 5 مستجوبين بالمنطلقات الأمنية والثقافية والنفسية بنسبة 1 بالمائة لكل منها، وعزاها 3 مستجوبين إلى أسباب دينية بنسبة 0.6 بالمائة.
وتبعا لذلك، أشار الباحث إلى أن “1 بالمائة من المجتمع المدروس عبر عن استعداده للهجرة بدوافع ثقافية، فيما عزاها 0.6 بالمائة فقط إلى أسباب دينية؛ وبالتالي يدحض ذلك الكليشيهات الإعلامية الأجنبية التي تسوق أن الشباب المغربي له مشاكل مع قيمه الدينية والثقافية”، على حد قوله.