التضليل ونشر الأخبار الزائفة، وهما جوهر الحرب الإعلامية، عملية تواصلية تتطلب استعمال وسائل الإعلام لنقل أخبار محرّفة، بغرض التشويش وإثارة البلبلة والتأثير بالرأي العام، بما في ذلك دفعه إلى رد فعل في اتجاه معين. وفي الغالب، يُحيل الحقل الدلالي للحرب الإعلامية على التسميم ونشر الأخبار المفبركة والكاذبة والمعلومات الخاطئة أنها حقيقية لا يعتريها الشك، مع اعتماد التهويل والتضخيم منهجاً لتحقيق أغراض هذه الحرب.
وبالنظر إلى التطورات التكنولوجية السريعة والمذهلة، إننا نعيش وسط عاصفة من المعلومات التي تتدفق بمنسوب عالٍ، في سياق دولي وإقليمي مضطرب ومحموم. وهذا ما حدا مشتغلين في الدراسات الإعلامية إلى القول إننا نعيش عصر ما بعد الحقيقة الذي تحكمه قوى غير عقلانية مستعدّة لنسف كل القواعد والقيم والأخلاقيات، والإجهاز على جوهر فلسفة الإعلام، باعتباره سلطة ضرورية لا تستقيم باقي السلطات من دون أن تتمتع هذه السلطة بالشروط التي تضمن لها مجالاً حيوياً وواسعاً من الصلاحيات.
والملاحظ أن عملية نشر أخبار كاذبة، في حالة انتقال الحرب الإعلامية إلى الدعاية (البروباغندا)، التي تقوم بها دولة أو جماعة سياسية أو عسكرية، عادة ما تخضع للتخطيط والهندسة، ويجري التفكير فيها بوعي مع سبق الإصرار والترصّد، وتجري بتواطؤ مع وسائل الإعلام، حسب مستوى الديمقراطية السائد في هذا البلد أو ذاك. ووفق درجة استقلالية هذه الوسائل التي تعمد إلى تحريف الخبر الأصلي وتشويهه، وتقديمه بشكل منقوص، لا يقبل سوى جزء من الحقيقة، أي الجزء الذي يتوافق مع أغراض جهة التضليل، ويتجاوب ويتلاءم مع الأجندة التي تدافع عنها، وينسجم مع الاتجاه الذي تريد السير فيه، والذي يتوخّى إثارة المشاعر وكسب التعاطف والتأثير في مجموعات معينة، معتمدة في ذلك استراتيجية البلبلة والتشويش، ونشر الوثائق غير الصحيحة والصور المركّبة بشكل زائف.
الحرب القذرة التي يشنها النظام العسكري الجزائري ضد المغرب: التضليل والبروبكندا الاعلامية، السرقة الثقافية وكل ما هو فن العيش والديكور والزخرفة والمعمار، قرصنة الشخصيات التاريخية، حرب الكترونية على الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي، انتحال الصفة للمؤسسات والشخصيات المغربية، تزوير الحقائق على موسوعة ويكيبيديا على الانترنت، هجوم على الرياضة المغربية، تشويه سمعة المغرب…
فهل تبقى الوزارات والمؤسسات المغربية المعنية في مقعد المتفرج؟ ام انها تشتغل على استراتيجية مضادة؟ وهل سنكتفي بالرد على المواقع الإلكترونية أم ان وزارات الخارجية المغربية والثقافة وغيرها ستراسل المنظمات الدولية المعنية مثل اليونسكو والفدراليات الدولية والمنظمات المعنية بهذه الاساءات والقرصنات والتشويه الممنهج الذي يهدد الامن القومي المغربي على أكثر من صعيد؟
أحمد نورالدين ، باحث في القضايا الدولية والمتخصص في شؤون شمال افريقيا