في أوج الحملة الانتخابية الرئاسة المقررة من 26 الى 28 مارس 2018، التي بدأت رسمياً في 24 فبراير الماضي، وفي ظل التواجد شبه الدائم للرئيس الذي لا يواجه أي منافسة حقيقية، يضيق الخناق على الصحافة والحريات.
ومنذ أن أطاح الجيش بالرئيس المصري السابق، في يوليوز 2013، تواجه الحكومة المصرية بانتظام اتهامات بقمع الأصوات المعارضة وباستهداف الصحافة.
وتحتل مصر المرتبة الـ 161 (من إجمالي 180 دولة) في الترتيب العالمي لحرية الصحافة خلال العام 2017 الذي أعدته منظمة مراسلون بلا حدود. ويوجد 29 صحافياً محبوساً في مصر، بحسب المنظمة نفسها.
“أخبار كاذبة”
وانتقدت الهيئة العامة للاستعلامات، المسؤولة عن تنظيم عمل وسائل الإعلام الأجنبية في مصر، هذا الاسبوع قناة “بي بي سي” البريطانية، واتهمتها بنشر “أكاذيب”، بعد أن بثت تقريراً يتضمن شهادة لسيدة تقول أن ابنتها اختفت وتتهم الشرطة باحتجازها.
وظهرت الابنة بعد ذلك على شاشة قناة تلفزيونية مصرية خاصة مؤكدة أنها متزوجة ولديها طفل عمره 15 يوماً وأنها على خلاف مع والدتها التي لا تعلم عنها شيئاً منذ عام.
وقررت نيابة أمن الدولة المصرية، يوم الجمعة الفائت، حبس الوالدة منى محمود محمد 15 يوماً بتهم “نشر أخبار كاذبة”، وفق ما قال مسؤولون.
كما طلبت الهيئة العامة للاستعلامات من الـ “بي بي سي” الاعتذار. ولكن القناة اكتفت بتأكيد ثقتها في “نزاهة” مراسليها.
وعلى إثر هذا التقرير وتداعياته، أعلن النائب العام، الأربعاء الماضي، في بيان أن “إجراءات جنائية” ستتخذ ضد وسائل الإعلام في حال نشر “أخبار كاذبة” من شأنها “تكدير السلم العام”.
حجب للمواقع
ومن جهة أخرى، تم حجب قرابة 500 موقع على الإنترنت في مصر منذ ماي 2017، بحسب مؤسسة حرية الفكر والتعبير المصرية غير الحكومية.
ومن ضمن المواقع المحجوبة قناة الجزيرة القطرية، وموقع مدى مصر الإخباري، والصحيفة الإلكترونية الناطقة بالإنكليزية ديلي نيوز إيجبت. وامتد الحجب إلى البرامج الإلكترونية التي يمكن من خلالها تجاوز الحجب.
ويقول محمد طاهر الباحث في مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن “مصر لم تعرف الحجب مطلقاً منذ دخول الإنترنت في التسعينيات” باستثناء بضعة أيام أثناء الثورة في العام 2011.
وحتى الآن، لم تؤكد السلطات ولم تنف مسؤوليتها عن الحجب. ويؤكد طاهر أنه “ليس بوسع أي شركة اتصالات أن تحجب موقعاً إلا بناء على طلب من الحكومة”.
ويقول رئيس تحرير موقع مصر العربية المحجوب إنه يترتب على ذلك نتائج “مادية ومعنوية”.
ويواجه الموقع مشكلات مادية، ما أدى وفقاً له إلى “تخفيض عدد الصحافيين بنسبة كبيرة جداً تصل إلى 60%”، وفضلاً عن ذلك فإن “كثيراً من المصادر لا تريد التعامل مع صحافيين من موقع محجوب”، إذ يخشون ردود فعل الأجهزة الأمنية.
ولم يحصل موقع “مصر العربية” على التصريح الرسمي لتغطية الانتخابات، أما بقية وسائل الإعلام المصرية، فإن تغطيتها للحملة الانتخابية تظل حذرة إن لم تكن موالية للرئيس السيسي. وفي المرات القليلة التي تشير فيها إلى الأصوات المعارضة فإنها تنتقدها.