عقوبات مالية سريعة وخشية من أخرى عسكرية وسياسية لاحقة
فرانكفروت ـ «القسم التحرير»: أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه مايك بنس تهديدات غير مسبوقة بفرض «عقوبات شديدة» فورية على تركيا في حال عدم إطلاقها سراح الراهب الأمريكي «أندرو برانسون» الذي يحاكم في تركيا بتهم تتعلق بالتعاون مع تنظيمات إرهابية، في واحدة من أكبر الأزمات بين الحليفين في «الناتو».
والخميس، هدد ترامب تركيا بـ«عقوبات شديدة»، وكتب عبر تويتر: «ستفرض عقوبات شديدة على تركيا لاعتقالها الطويل للقس اندرو برانسون، وهو مسيحي رائع ورب عائلة. انه يعاني كثيرا. هذا الانسان المؤمن البريء ينبغي الافراج عنه فورا»، وذلك بعدما اعتبر أنه من «المعيب تماما» ان تقرر محكمة تركية إبقاء القس قيد الاعتقال حتى استكمال محاكمته.
وبلغة أشد وليس عبر تويتر أعلن نائبه مايك بنس أن الولايات المتحدة ستفرض «عقوبات شديدة» على تركيا إذا لم تتخذ «تدابير فورية للإفراج» عن برانسون، وقال إنه يحمل «رسالة من رئيس الولايات المتحدة إلى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحكومته مفادها «أطلقوا سراح القس اندرو برانسون أو انتظروا عواقب قراراتكم».
وفي أول خطوة عملية، وعقب ساعات من تهديدات ترامب، وافقت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، على مشروع قانون قدمه كل من أعضاء مجلس الشيوخ يقيّد حصول تركيا على قروض من المؤسسات الدولية. ويحتاج اعتماد مشروع القانون إلى مصادقة مجلسي النواب والشيوخ وتوقيع رئيس البلاد.
وعلى الصعيد المالي أيضاً، يتوقع أن يسرع القضاء الأمريكي بإصدار حكم نهائي في المحاكمة المتواصلة لمسؤولي هالك بنك الحكومي التركي المتهم بالمساهمة في التحايل على العقوبات الأمريكية على إيران، حيث يتوقع أن يفرض القضاء الأمريكي على البنك عقوبات تصل إلى مليارات الدولارات، في خطوة يمكن أنو توجه ضربة كبيرة للاقتصاد التركي. ومع إصرار أنقرة على عدم الرضوخ للعقوبات الأمريكية الجديدة على إيران لا سيما فيما يتعلق باستيراد النفط، يتوقع أن تستغل الإدارة الأمريكية الأزمة للتلويح بعقوبات أكبر على تركيا بتهمة خرق العقوبات الأمريكية على إيران، كما يجري حالياً في قضية «رضا زراب» و«هاكان أتيلا».
وإلى جانب ذلك، يخشى اقتصاديون أتراك أن توسع واشنطن عقوباتها في حال تصاعد الأزمة لتشمل التضييق على التبادل التجاري الكبير بين البلدين، لا سيما التضييق على الصادرات التركية إلى أمريكا، على غرار ما حصل في الأسابيع الأخيرة من رفع للضرائب على العديد من البضائع الموردة من تركيا إلى الولايات المتحدة.
وفي خطوة أخرى، يتوقع أن يوافق ترامب على مشروع قانون أقره مجلس الشيوخ ينص على حظر بيع تركيا طائرات مقاتلة من طراز «إف 35» وذلك رغم تسليم أنقرة أول طائرة في حفل رمزي جرى الشهر الماضي في الولايات المتحدة، حيث تصاعدت خلال الأشهر الأخيرة مساع كبيرة لإعاقة بيع تركيا هذا النوع من الطائرات على خلفية شراء أنقرة منظومة إس 400الدفاعية من روسيا. وفي حال الموافقة النهائية على استبعاد تركيا من برنامج تصنيع الطائرة الأحدث في العالم سيتوجب على الإدارة الأمريكية سحب القطع المصنعة في تركيا من الطائرة ومن خروج هذا النوع من الطائرات من الأراضي التركية بشكل نهائي.
ولا يتوقف الأمر على صفقة الطائرات الأخيرة، وربما يتطور إلى تمرير قوانين في الكونجرس تتعلق بتقليص أو حظر أنواع أخرى من الأسلحة والقطع العسكرية التي تستوردها تركيا باستمرار من شركات الصناعات الدفاعية الأمريكية.
وعلى صعيد آخر، يتوقع أن يتأثر الاتفاق الأمريكي التركي حول سحب وحدات حماية الشعب الكردية من منطقة منبج في شمالي سوريا، ومن الممكن أن تعلن الإدارة الأمريكية تجميد التعاون فيما يتعلق بخريطة الطريق المتعلقة بالأوضاع في شمالي سوريا، لا سيما وأن أردوغان عبر قبل يومين عن عدم رضاه عن تطور تنفيذ الاتفاق في منبج فيما يبدو أنه تجميد أو إبطاء أمريكي غير معلن لتنفيذ الاتفاق.
وفي حال عودة التوتر في العلاقات التركية الأمريكية بشمالي سوريا، تخشى أنقرة أن تعود واشنطن للعب بورقة الوحدات الكردية هناك لممارسة مزيد من الضغوط على أردوغان، إلى جانب وقف التعاون الأمني والاستخباري الذي ظهر تطوره بشكل كبير فيما يتعلق بمكافحة تنظيم «بي كا كا» الإرهابي في تركيا وشمالي العراق. لكن كل هذه التكهنات ستبقى رهن التطورات التي سيشهدها ملف توقيف الراهب الأمريكي وما إن كانت أنقرة سوف تطلق سراحه بناءاً على صفقة ما مع الإدارة الأمريكية أو رضوخاً للضغوطات والتهديدات، أو إصراراها على إكمال محاكمته في تركيا.