مع وضع اللمسات الأخيرة على أعمال بناء مطار إسطنبول الجديد وما يعرف حتى الآن بـ«مطار إسطنبول الثالث» وقرب افتتاحه رسمياً، تجدد الجدل المتواصل في تركيا منذ أشهر مجدداً وبقوة حول الاسم النهائي الذي سيطلق على المطار الجديد.
ويتركز الخلاف بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأنصاره وبين المعارضة العلمانية بشكل خاص التي تخشى إزالة اسم مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك من أبرز معالم البلاد، ضمن ما تقول المعارضة إنها خطوات متتالية لأردوغان تهدف إلى تقليل مكانة مؤسس الجمهورية عند الشعب التركي والأجيال الجديدة.
وحتى الآن لم تعلن الحكومة أو الرئاسة التركية أي اسم لمطار اسطنبول الجديد والذي اصطلح على تسميته حتى الآن بـ«مطار إسطنبول الثالث»، وذلك كونه ثالث مطار في المدينة التي يوجد بها مطارا أتاتورك في الجانب الأوروبي، و«صبيحه غوكتشين» في الجانب الآسيوي.
وتفجرت الخلافات من جديد، الأحد، عندما قال صحافي مقرب من الحكومة إن مصادر خاصة من شخصيات مقربة في الدولة أكدت له أن المطار الجديد سوف يحمل اسم السلطان العثماني عبد الحميد الثاني وسيكون اسمه «مطار عبد الحميد خان» ما يعني فعلياً اسقاط اسم أتاتورك.
وعلى الرغم من عدم تأكيد هذه المعلومات حتى الآن، إلا أنها تتوافق إلى درجة كبيرة من التسريبات السابقة التي تقول إن أردوغان لن يبقي اسم أتاتورك للمطار الجديد، ويفكر في إطلاق اسم عثماني عليه، كما فعل عندما أطلق اسم السلطان يافوز سلطان سليم على الجسر الثالث المحاذي للمطار الجديد.
ومنذ أشهر، ينظم أنصار المعارضة لا سيما حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك حملات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المقربة من الحزب يطالبون فيها بـ«حتمية» تسمية المطار الجديد بـ«مطار أتاتورك»، الذي ما زال يحظى بمكانة راسخة وكبير جداً لدى شريحة واسعة من الشعب التركي.
الكاتب التركي المقرب من الحكومة أحمد هاكان طالب في مقال له بصحيفة حرييت التركية، الاثنين، الرئيس التركي بالتدخل والإبقاء على اسم أتاتورك للمطار الجديد، مقترحاً أن يكون الاسم «مطار مصطفى كمال» في حال الإصرار على تغيير الاسم حتى لا يكون مكرراً من الاسم السابق.
ومن المقرر أن يتم افتتاح المرحلة الأولى من المطار الجديد في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل، حيث أعلنت الجهات القائمة عليه اكتمال قرابة 95٪من أعمال بناء المطار الذي يتسع في مرحلته الأولى لـ90مليون مسافر، وقدرة استيعاب إجمالية تصل إلى 200مليون مسافر سنوياً عقب اكتمال بناء جميع أقسامه.
ويقول المسؤولين الأتراك إنه سيكون واحداً من أكبر وأحدث وأرقى المطارات حول العالم، ويعتبر أبرز المشاريع الضخمة التي عمل عليها أردوغان خلال فترة حكمه. وعلى الرغم من وجود مخاوف سابقة لدى المعارضة العلمانية في البلاد، إلا أن هذه المخاوف تعاظمت وظهرت بشكل غير مسبوق عقب إعلان أردوغان بشكل قطعي أن المطار الجديد سوف يلغي مطار أتاتورك بشكل نهائي الذي سيتم هدمه وتحويله إلى حديقة وطنية ضخمة على غرار «سنترال بارك» في نيويورك، و«هايد بارك» في لندن، على حد تعبير الرئيس التركي.
هذا الإعلان كان بمثابة إسقاط رسمي للمطار واسمه الذي ظل راسخاً لعقود في عقول الأتراك ومئات ملايين السياح الأجانب الذين زاروا تركيا من خلاله، لتتحول كل الأنظار حالياً إلى الاسم الذي سيطلق على المطار الجديد وما إن كان سوف يحمل اسم «أتاتورك» أم لا؟
وطالب أنصار أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم بإطلاق اسم آخر على المطار الجديد، مقترحين اسم «أردوغان» بشكل أساسي، فيما اقترح آخرون اسم «محمد الفاتح» الذي طرد البيزنطيين من إسطنبول، أو «السلطان عبد الحميد»، واسماء عثمانية أخرى.
وعلى الرغم من أن شريحة واسعة من الشعب التركي إلى جانب مقربين من أردوغان يستبعدون بشكل كبير جداً قبول أردوغان بتسمية المطار الجديد باسمه، إلا انهم يجمعون أيضاً على أن المطار الجديد لن يحمل اسم «أتاتورك مجدداً»، ويتوقع البعض أن يكتفي أردوغان بإطلاق اسم «مطار إسطنبول» عليه، تجنباً لمزيد من الانقسام في الرأي العام التركي.
وبشكل عام، تتهم المعارضة التركية الرئيس والحزب الحاكم بالعمل منذ سنوات طويلة على تغيير هوية البلاد العلمانية وإعطائها الطابع الإسلامي المحافظ وذلك من خلال سلسلة طويلة من الإجراءات كان أبرزها تقليل المواد التي تتحدث عن أتاتورك في المناهج التعليمية وتغيير أسماء الكثير من المناطق والمعالم في البلاد.