إن ما يعيشه مغربنا العزيز اليوم من وقائع متتالية ومسترسلة، نكاد نصنع منها مسلسلا، خاصة أنها أصبحت في الوقت نفسه مصدر شوق وتعجب وحسرة، يقودنا إلى التأمل والتفكير وطرح أسئلة من قبيل إلى متى؟ إلى أين؟ وكيف؟.
إن إضافة الساعة لم تكن سوى تلك النقطة التي أفاضت الكأس، إذ لا بد من الاعتراف بأن تراكمات عدة دفعت إلى مجموعة من الأمور التي نراها اليوم وكانت إلى عهد قريب من سابع المستحيلات. وأكبر وأقوى ما يمكنه مشاهدته من فصول هذا المسلسل هو جيل قادم سكب علينا دلو ماء بارد يستعمل كلمات نابية أمام مجلس البرلمان، بما له من رمزية مؤسساتية وحرمة يجب توقيرها، ليقول للمسؤول والسياسي والمجتمع إنكم أخفقتم في تربيتنا وأخفقتم في تعليمنا. والإخفاق في هذا المجال هو إخفاق ضمني في صنع جيل يخدم هذا الوطن.
لا بد أن نعترف بالفشل الذريع في حماية التوازن الذي كان من سمات المجتمع المغربي، والذي أصبح يدخل وبلغة علم النفس في اكتئاب سمته عدم وضوح رؤية المستقبل، ما يعد مضرا جدا لصحة المجتمع، وخاصة الشباب الذي يصبح عدم التفاؤل يدفعه إلى اعتناق دين الهروب نحو المجهول، ولو بالتضحية بأرواحهم في البحار.
إن إنزال نموذج تنموي جديد يعد ضرورة حتمية اليوم، فلابد أن نتجند جميعا ونجعل الوضع الحالي قضية وطنية نتعبأ فيها كأسرة واحدة، لأن يدا واحدة لا تصفق. نعم، اليد الواحدة لا تصفق، من اللازم أن يتجند الجميع من مسؤولين وأحزاب ومجتمع مدني لفتح حوار صريح وطني من أجل تخطي هذه المرحلة التي تتسم بالركود، والتي لا يمكن الاستمرار فيها، لسبب واحد هو أن بوادر احتقان اجتماعي واضح المعالم موجودة، والانفتاح على المجهول لا يجب أن يكون طريقا نسلكه لحماية كل المكتسبات. نعم لأنه وسط هذه الظروف من اللازم أن نقول إن هناك نقطا مضيئة تحققت، إلا أن إضاءتها غير كافية، لكون المشاكل الاجتماعية اليوم متفاقمة وقائمة وتضر المواطن بشكل مباشر.
الدعوة إلى كل غيور على هذا الوطن. الأمور لا تدعو إلى الارتياح، ولذا لننهض جميعا كرجل واحد من أجل تخطي هذه الأوضاع التي لا يجب أن نتركها فريسة المجهول.