•بقلم : عز الدين السريفي / صورة : عادل العلوي
إذا قررت معرفة أسباب تقدم وازدهار الأمم، وتطور الحضارات المختلفة، فلن تجد سوى «الضمير والقيم الأخلاقية»، وإذا بحثت ونقبت عن سبب انهيار الإمبراطوريات الكبرى، واندثار الحضارات العظيمة، فى جميع المراجع التاريخية المختلفة، فلن تجد سببا سوى «قلة الضمير واندثار القيم الأخلاقية».
ولنأخذ مثالا، الحضارة الإغريقية، نجد الفيلسوف اليونانى العبقرى، أرسطو، وبجانب ما دشنه من مجالات معرفية مهمة، فإنه جعل من الأخلاق «Ethica» علما مهما، ثم انطلق إلى تدشين علم المنطق «Logic» ليضعهما تاجا فوق رؤوس كل مجالات وأدوات المعرفة الأخرى، مثل علم الطبيعة «Physica»، وما بعد الطبيعة «Metaphysica»، وعلم النفس «Psychologia»، والسياسة «Politica»، إلى آخر هذه العلوم.
إذن، الأخلاق والمنطق فضيلتان جوهريتان تتأسس عليهما كل أدوات ومجالات العلوم والتقدم والازدهار، ودونهما لن تكون هناك حضارة تترسخ وتتجذر فى عمق التاريخ، وإنما بديلها الفوضى والخراب.
ونأخذ مثالا آخر من واقعنا الحالى، الأمة اليابانية، لم تتمتع بأى مقومات طبيعية، وثروتها الحقيقية، الاستثمار فى البشر، واستطاعت أن تضع قدمها بين الكبار، بسلاح العلم، وتدشن لنفسها حضارة المستقبل، فانظر إلى أخلاقيات الشعب اليابانى، وضميره الحى واليقظ، فستجد المواطن فيه ينزعج لو ارتكب خطأ بسيطا، وربما يصل إلى حد الانتحار، ولا يمكن أن يتأخر دقيقة واحدة عن عمله، ولا يحتاج لرقيب لكى يؤدى عمله هذا بأمانة، ومن فرط أمانة الشعب اليابانى فى عمله، دفعت الدولة لتتوسل له أن يحصل على إجازات ويستمتع بحياته فى السفر وخلافه، كما رأينا اليابانيين فى بطولة كأس العالم بروسيا، مؤخرا، وعقب إحدى مباريات منتخبهم، قاموا بجمع ما خلفوه من قمامة فى أكياس، ما يؤكد القيم الأخلاقية رفيعة المستوى، والضمير الحى، حتى صارا سلوكا يسكن جيناتهم الداخلية..!!
ومرة اخرى نأكيد يجب التصدى لهؤلاء بقوة القانون..
ولك الله يا تيفلت ومواطن ذو المستوى…
وما قول المولى عز وجل فى كتابه العزيز إلا نبراسا وهدى، عندما وصف رسوله الكريم فى صورة القلم: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ».. صدق الله العظيم..!!