بقلم : فاطمة البودالي / مدونة وموثقة
لم أكن أريد الخوض في موضوع اللغة الفرنسية لولا فيديو يتداول عبر وسيلة التواصل الاجتماعي الواتساب يستهزئ فيه أحدهم بحوار لرئيس الحكومة باللغة الفرنسية حيت يتصل حاملي القلم الاحمر لتصحيح الأخطاء اللغوية لرئيس حكومة مغربية لغتها الرسمية هي اللغة العربية إلى جانب اللغة الأمازيغية، و يستهزؤون من شخصه، ما فعله بنا الاستعمار الفرنسي من شرخ في الهوية و ترسيخ في أذهان المغاربة بأن اللغة الفرنسية هي لغة التقدم و الرقي و المجتمع الراقي بصفة عامة، و لقد نجحوا في ذلك أصبحت فرنسا لذى المغاربة هي سيدتنا فرنسا هي قبلة المغاربة في كل شيئ من مرض فلابد أن يزور سيدتنا باريس، و ان أراد أن يتعلم فيتجه إلى جامعات فرنسا و من أراد التسوق ايضا يقصد سيدتنا باريس، لقد فطم المغاربة على حب فرنسا و الولاء لها بل قدم المغرب أرواح أبنائه للدفاع عن عنها، فكل ما هو آت من فرنسا راق و مقدس حتى لغتها و لا يحق للمغاربة ان يخطؤوها، و من أخطأ فيها فمصيره النبذ و الاحتقار و لو كنت من كبار المفكرين، فاللغة الفرنسية مقدسة لدينا من لغتنا العربية و الأمازيغية، ان أخطأت في اللغة العربية التي هي لغتك الرسمية فلا بأس عليك فهي لغة الدونية و التخلف حتى ان المغربي يفتخر انه لا يتقن اللغة العربية و بأنه فرنكوفوني، أما ان تخطئ في اللغة الفرنسية فهذا لن يغفر لك، لقد عرت هذه الواقعة عن مدى تشبث المغاربة بالتبعية لفرنسا رغم أنها ليست النموذج المثالي الذي يجب أن يحتذى به في وقتنا الحالي و نلاحظ كيف تراجعت فرنسا أمام قوات اقتصادية عالمية…
فالصين اكتسحت العالم اقتصاديا و ثقافيا منذ زمن بعيد بلغتها الأم الصينية التي يصعب اكتسابها ، و ليس بلغة و أحرف لاتينية، باعتمادها على ثرواتها اللامادية، واعتمادها على حضارتها العريقة التي صدرتها الى كل بقاع العالم أما المغاربة فلم يتمكنوا بعد من التخلص من عقدة الدونية من فرنسا المستعمرة، فمن يتحدث الفرنسية في المجتمع المغربي فهو أرقى من المتحدث بالعربية اللغة الأم لغة الحضارة العربية و الإسلامية العريقة…
أغلب رؤساء دول العالم يتحدثون لغتهم الرسمية و لا بأس في ذلك فليس شرطا أن تتقن لغات العالم لكي تصبح رئيسا لدولة، بل الشرط الأساسي ان تملك قدرات في التدبير السياسي وهذا قد لا يمتلكه من يتحدث سبع لغات، فمن يمتلك ملكة الحفظ قد لا يمتلك ملكة التفكير و التحليل و التقييم و إنتاج الفكر و الابداع ..
جيد ان ننفتح على لغات أخرى و لكن ليس بنقص في القدرات من لا يتقن لغات أجنبية هناك من يتحدثون ثلاث او ست لغات و لكن لا يمتلكون القدرة على التحليل و التقييم و إنتاج الفكر …
لماذا لم نتخلص بعد من مخلفات الاستعمار؟
متى سيقتنع المغاربة ان النهضة تبدأ من هنا من قلب الوطن ؟ من ثرواته التاريخية و من هويتنا العربية الأمازيغية و الإسلامية، من الاعتراف بذواتنا و قدراتنا على الإنتاج و التفكير و الابداع وليس بالتشبث بمأخرة قطار فرنسا التي هي ايضا سقطت في بحر من المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية التي لم تعرف بعد كيف تخرج منها، لماذا لا نحتذي بدول سقت جذورها و ليس بقطعها و التنكر لها لكي تنطلق الي اقاصي العالم ؟؟