يتمتع بكاريزما تجذب المشاهد خاصة وأن جزءا منها يرتبط بقدرة “مقنعة” على تقمص الشخصيات جعلته يفوز عن جدارة بجائزتي أوسكار متتاليتين لأفضل ممثل..إنه توم هانكس أحد أفضل الممثلين خلال السنوات الأخيرة والذي أكمل يوم أمس السبت 9 يوليوز عامه الـ60.
وتناسب كلمة فنان توم هانكس كثيرا فهو ليس ممثلا موهوبا فقط وإنما أيضا مخرج ومنتج وسيناريست يراهن على أفلام “تعكس واقع الحياة والطبيعة البشرية”.
عاش توم هانكس طفولة تنقل خلالها بين عشرة منازل وست مدارس بعد أن انفصل والداه، فأصبح طفلا وحيدا شديد الخجل، وهو ما دفعه ليقول وقت تسلمه سيناريو “Castaway” أو “المعزول” :”يبدو أنهم يعرفوني جيدا”.
ولد توم هانكس واسمه بالكامل توماس جيفري هانكس في مدينة كونكورد بولاية كاليفورنيا في التاسع من يوليو عام 1956 للممرضة جانيت ماريلين فراجر والطاهي أموس ميفورد هانكس، وله ثلاثة أشقاء هم ساندرا ولارس وجيم أصغر الأبناء الأربعة والذي بات ممثلا ومخرجا سينمائيا أيضا.
بعد طلاق والديه في 1960 ظل الأبناء الثلاثة الأكبر مع والدهم الذي شجع توم على الاستمرار في التمثيل على المسرح منذ سن المراهقة، حيث كان يلجأ للمسرح المدرسي لينفس عن نفسه.
خلال دراسته في مدرسة “سكايلاين هاي سكول” في أوكلاندبكاليفورنيا، شارك هانكس في عدة أعمال حتى بدأ في دراسة المسرح في “شابوت كوليدج” في هايوارد قبل أن يبدأ دراسته الجامعية في جامعة كاليفورنيا الحكومية بساكرامنتو.
بدأ مسيرته كممثل محترف في مهرجان المسرح في كليفلاند في اوهايو وبعد تجسديه عدة مسرحيات بدأ مشوراه بالسينما من خلال فيلم “He Knows You’re Alone” أو “هو يعرف انك وحيدة” عام 1980 وبعد ظهوره في مسلسلات تليفزيونية مثل “”Bosom Buddies.
قام هانكس ببطولة العديد من الأفلام الكوميدية في ثمانينات القرن الماضي مثل “The Money Pit” أو “حفرة المال” ومع فيلم “Splash” (سبلاش) بات واحدا من أكثر الممثلين تحقيقا للإيرادات في هوليوود.
في 1988 حصل هانكس على اول ترشيح للأوسكار عن دور البطولة في فيلم “Big” أو “كبير” الذي فاز عنه بأول جائزة جولدن جلوب في مشواره.
لم يتمكن هانكس من الفوز بالأوسكار إلا عام 1993 عن “Philadelphia” (فيلادلفيا) الذي جسد فيه دور رجل مثلي الجنس يعاني من الإيدز، المرض الذي وجه تحيه لضحاياه خلال تسلمه الجائزة، حيث قال “شوارع السماء مكتظة بالملائكة”.
في العام التالي حاز هانكس على ثاني جائزة أوسكار عن دوره في “Forrest Gump” (فورست جامب) الذي حصل أيضا عنه على الجولدن جلوب وجائزة نقابة الممثلين.
بعد عامين من وقوفه خلف الكاميرا للمرة الأولى عندما أخرج “That Thing You Do!” أو “هذا الشيء الذي تفعله” الذي كتبه أيضا وشارك في بطولته، ترشح توم هانكس مجددا للأوسكار عن دوره في “Saving Private Ryan” أو “إنقاذ الجندي رايان” إلا أنه لم يفز بالجائزة تماما مثلما حدث مع ترشحه عن “المعزول” رغم أنه يعد بلا شك واحدا من أفضل أدواره والذي حاز عنه على رابع جولدن جروب في مشواره.
وتكتمل قائمة أفلامه الناجحة بأعمال مثل “أبولو 13″ و”You’veGot Mail” أو “لديك بريد إلكتروني” و”Road to Perdition” أو “طريق إلى الهلاك” و”The Green Mile” أو “الميل الأخضر” و”Catch me if you can” أو “امسكني لو استطعت” و”The terminal” أو “صالة الوصول”، كما انه ترك بصمته في أفلام الرسوم المتحركة حيث أدى دور وودي في سلسلة “Toy Story” أو “قصة لعبة” والطفل البطل في “The Polar Express” أو “القطار القطبي السريع”.
في 2011 قدم هانكس ثاني أعماله كمخرج من خلال “لاري كراون” الذي قام ببطولته مع النجمة جوليا روبرتس.
ولسلاسل الأفلام وجود في أرشيف هانكس الذي جسد دور البروفيسور روبرت لانجدون في فيلمي “The Da Vinci Code” أو “كود دافينشي” في 2006 و”Angels & Demons” أو “ملائكة وشياطين” عام 2009 ومن المنتظر أن يعرض هذا العام الفيلم الثالث في السلسلة “Inferno” أو “جحيم”.
وبحسب هانكس يكمن سر نجاحه في رهانه على الواقعية التي جعلته بالنسبة للجمهور وصناعة السينما واحدا من أفضل الممثلين في السنوات الـ30 الأخيرة.
وفي شهر أكتوبر المقبل، سيتم تكريم هانكس على مشواره في مهرجان روما السينمائي، كما سيتم عرض 15 من افلامه كممثل ومخرج.
وعن هانكس قال المدير الفني للمهرجان، أنطونيو موندا، إنه “أحد أعظم الممثلين على مر العصور بسبب البراعة التي ينتقل بها من الدراما إلى الكوميديا وبسبب الثراء النفسي الذي يخلد به شخصياته لتبقى للأبد في ذاكراتنا”.
و”أفضل ممثل في العالم” كما وصفه روبرت زيميكليس مخرج “فورست جامب” و”المعزول” يفضل أن يبقي حياته الشخصية بعيده عن الاضواء رغم اعترافه بأنه يعاني من السكري، كما تحدث عن سرطان زوجته الممثلة والمنتجة ريتا واتسون التي تزوجها عام 1988 وأنجب منها شيستر وترومان، علما بان لديه ابنين من زوجته السابقة سامانثا لويس هما كولين وإليزابيث.
وبالإضافة إلى الفن السابع، يعد هانكس من عشاق الآلات الكاتبة التي بدأ في جمعها عام 1978 وقد دفعه عشقه لها إلى أن يخترع تطبيقا للحاسب اللوحي يحاكي طريقة كتابة وصوت هذه الآلات واسماه “Hanx writer” ، كما أنه أعلن عن نشر مجموعة قصصية مستوحاة من الآلات الكاتبة.
وشخصية مثل هانكس لا تنأى بنفسها عن السياسة فهو معروف بدعمه للحزب الديمقراطي وعن احتمالية فوز رجل الأعمال الجمهوري، دونالد ترامب، بانتخابات الرئاسة الأمريكية قال “لقد خرجنا من الحفرة كثيرا مرارا وتكرارا…نحن أفضل وأقوى أمة في تاريخ الحضارة..سنكون بخير”.
وقد كشف الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون انه يود ان يكون توم هانكس من يجسد شخصيته إذا تم تناولها في فيلم، ففي أصعب اللحظات التي مر بها كلينتون خلال رئاسته لم يتردد هانكس ليقول “لا يمكنك أن تجد شخصا يدعم الرئيس أكثر مني”.
وعلى الرغم من ذلك لم يدعم هانكس السيدة الاولى السابقة هيلاري كلينتون في حملة ترشحها لانتخابات الحزب الديمقراطي التمهيدية لانتخابات الرئاسة الأمريكية 2008 ، حيث انه لم يتردد في الانضمام لحملة الرئيس الحالي باراك أوباما.
وتحدث هانكس عن أوباما وقتها قائلا “يتمتع بالنزاهة والإلهام لتوحيدنا، مثلما فعل فرانكلين روزفلت وهاري ترومان وجون كينيدي ورونالد ريجان لدى ترشحهم للمنصب”.
وفي حملة إعادة انتخاب أوباما، وضع هانكس صوته على الوثائقي ‘The road we’ve traveled’ أو “الطريق الذي قطعناه” الذي كان يستعرض الولاية الأولى للرئيس.
وعلى الصعيد الاجتماعي، لهانكس مواقف معروف بها مثل دعمه لتقنين زواج المثليين في الولايات المتحدة وانضمامه لحملة الأمم المتحدة “HeForShe” الساعية لجذب الرجال للانضمام إلى المكافحة من أجل المساواة بين الجنسين.
وفي مقابلة مع الممثلة الشابة البريطانية وسفيرة الأمم المتحدة للمرأة إيما واتسون التي أطلقت الحملة أكد هانكس “نعم أنا من أنصار الحركة النسائية…إذا لم نتحرك باستمرار من أجل المساواة في الحقوق والفرص والحريات بين البشر أجمع وليس الذكور فقط، فسنكون قد اهدرنا كل ما تعلمناه”.