عقب أسابيع من المناكفات والمداولات اتفق حزبا «العدالة والتنمية» الحاكم و«الشعب الجمهوري» المعارض في تركيا، على عقد مناظرة انتخابية بين مرشحي الحزبين لرئاسة بلدية إسطنبول، لتكون بذلك أول مناظرة انتخابية على هذا المستوى منذ 17 عاماً، حيث غابت المناظرات الانتخابية المهمة عن المشهد السياسي التركي منذ عام 2002.
وعلى الرغم من أن المناظرات الانتخابية كانت موجودة بقوة في الحياة السياسية التركية في العقود السابقة، إلا أنها اختفت تدريجياً، ولم تشهد البلاد أي مناظرة انتخابية بارزة منذ وصول حزب ا»لعدالة والتنمية» إلى الحكم عام 2002، لكن شراسة المعركة الانتخابية المقبلة على رئاسة بلدية إسطنبول دفعت الأحزاب للموافقة على هذه المناظرة.
والاثنين، توصل حزبي ا»لعدالة والتنمية» و«الشعب الجمهوري «إلى اتفاق نهائي يقضي بإقامة مناظرة متلفزة بين مرشحيهما بن علي يلدريم، وأكرم إمام أوغلو، لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، يوم الأحد المقبل، أي قبيل نحو أسبوع من موعد الانتخابات المقررة في الثالث والعشرين من الشهر الجاري.
وحسب الاتفاق، ستجري المناظرة في استوديوهات مستقلة، وسيشرف عليها فريق فني مشترك من الحزبين، وسيمنح بثها لكافة وسائل الإعلام، وستكون بنظام توجيه نفس الأسئلة لكلا المرشحين ومنحهم مدة زمنية متساوية للإجابة، وستبث بشكل مباشر على الهواء ولن تكون مسجلة.
المفاجأة الأكبر كانت بإعلان الحزبين الاتفاق على أن مدير المناظرة سيكون الصحافي المعروف إسماعيل كوتشوك قايا، وهو مقدم برامج في قناة «فوكس نيوز» التركية ويعتبر من أبرز الصحافيين المعارضين، وأبرز منتقدي سياسات حزب «العدالة والتنمية» والرئيس رجب طيب أردوغان.
يلدريم وإمام أوغلو سيتواجهان عبر البث المباشر الموحد لكافة الفضائيات
وفي البداية، اقترح بن علي يلدريم اسم أوور دوندار، وهو من أقدم وأبرز الصحافيين الأتراك ومعروف بمعارضته لحزب «العدالة والتنمية»، لكن الأخير رفض العرض بحجة أن المناظرة يمكن أن تزيد من حالة التجاذب السياسي المتصاعد في البلاد.
وتقول مصادر في حزب «العدالة والتنمية» إن يلدريم هو من أصر على أن يكون مدير الجلسة صحافي معارض، معتبرة أن «هذا الإجراء يمنع المعارضة من الادعاء لاحقاً أن المناظرة لم تكن عادلة، ويثبت أن يلدريم لا يخشى المناظرة بعد أن اتهمه إمام أوغلو بالخشية من مقابلته في مناظرة تلفزيونية عامة».
ولا يعرف على وجه التحديد إلى أي مدى يمكن أن تساهم هذه المناظرة في تغيير نتيجة الانتخابات، لكن يجمع مراقبون على أهميتها البالغة في حسم جانب مهم من أصوات المترددين وهي الشريحة التي يتوقع أن تحسم الانتخابات في ظل التقارب الكبير جداً في حظوظ المرشحين.
وفي الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت نهاية شهر آذار/مارس الماضي تقلص الفارق بين يلدريم وإمام أوغلو إلى أقل من 13 ألف صوت فقط، من أصل قرابة 10 مليون ناخب يحق لهم التصويت في انتخابات إسطنبول، وهو فارق تاريخي من حيث تقاربه، الأمر الذي فتح الباب أمام اعتراضات حزب العدالة والتنمية على النتيجة وصولاً لقرار اللجنة العليا للانتخابات إلغاء النتائج وإعادة الانتخابات.
ويعول حزب «العدالة والتنمية» على الخبرة السياسية الطويلة التي يتمتع بها يلدريم الذي شغل مناصب رئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة ووزارة النقل والمواصلات المرتبطة ارتباط مباشر باحتياجات بلدية إسطنبول وعضوية البرلمان سنوات طويلة، مقابل إمام أوغلو الذي لم يشغل سابقاً سوى رئاسة بلدية فرعية لأحد أقضية إسطنبول فقط. في المقابل، تعول المعارضة على «المظلومية» التي يقول إمام أوغلو إنه تعرض لها، كما تعول على الوعود الانتخابية التي جهزها إمام أوغلو لعرضها على الناخبين في إسطنبول، وبدرجة أكبر يسعى إمام أوغلو إلى التركيز على ما يقول إنها ملفات فساد وتبذير واستغلال اكتشفها خلال الأيام القليلة التي نصب فيها رئيساً لبلدية إسطنبول قبل أن يصدر قرار إلغاء النتائج وإعادة الانتخابات.