أصدر مجلس الشيوخ الفرنسي تقريرا حول وضعية الديانة الإسلامية في فرنسا من شأنه أن يعيد أجواء الخلاف بين الرباط وباريس، خصوصا وأنه اعتبر أن التكوين الذي يتلقاه الأئمة الفرنسيون في المغرب لا يتلاءم مع طبيعة المجتمع الفرنسي.
وقال التقرير، الذي أعدته لجنة مكونة من 23 عضوا، إن المسلمين في فرنسا يتميزون بارتباطهم الشديد بدولهم الأصل، خصوصا المغاربة والجزائريون والأتراك، مضيفا أنه لا توجد مؤسسة واحدة تشرف على تدبير شؤون الإسلام كما هو الحال بالنسبة للكنسية، بل إن كل إمام يمكن أن يسيّر مسجده حسب مذهبه ويجمع حوله الأنصار.
اللجنة اعتبرت أن قضية الإمام المستقل تعد “أسطورة”، فبمجرد أن يتم اختيار إمام ليكون على رأس مسجد معين، فإنه يصبح تابعا للمصلين في ذلك المسجد، وعليه ألاّ يعارضهم إن هو أراد الحفاظ على مكانته، “ويمكن لأي مسلم أن يصبح إماما ولكن لا يمكن أن يكون هناك إمام بدون دعم ومساندة المصلين”، يقول التقرير الذي شدد على أن اختيار الناس للإمام يكون حسب ولائه لهم وليس حسب درجة علمه.
وكشف التقرير وجود نوعين من الأئمة في فرنسا؛ أئمة يتم تعيينهم من طرف الدول الأصل، وأئمة يتطوعون لتسيير بعض المساجد وتكون رواتبهم من تبرعات المصلين. وبالنسبة للفئة الأولى، فإن المغرب يتوفر على 30 إماما مغربيا تابعا لوزارة الأوقاف التي تؤدي له أجره، ويرتفع هذا العدد إلى 120 إماما بالنسبة للجزائر، و151 إماما بالنسبة للأتراك.
اللجنة أوردت أن “هؤلاء الأئمة لا يتقنون اللغة الفرنسية ولا يعرفون الوضع السياسي والاجتماعي والثقافي الفرنسي”، وأوصت بمواصلة الاعتماد على الأئمة الذين تبعثهم الدول الثلاث، ومواصلة تكوين الأئمة الفرنسيين في الخارج، ومع ذلك “يبقى هذا الحل كمسكن قبل أن يتم تكوين الأئمة في فرنسا على أساس برنامج موحد يتماشى مع السياق الفرنسي”، بلغة المستند الرسميّ.
ويظهر التقرير أن المغرب يقوم بمجهود كبير على مستوى تمويل حاجيات الديانة الإسلامية في فرنسا، ففي العام الحالي خصص ما قيمته 60 مليون درهم، تشمل أجور الأئمة الذين بعثت بهم المملكة لإمامة المصلين بمساجدها هناك. ويبتعد المغرب كثيرا عن الجزائر رغم أنها تتوفر على عدد أكبر من الأئمة؛ حيث تنفق ما قيمته 20 مليون درهم مغربيّ على تسيير المسجد الكبير في باريس، دون احتساب الأجور. وتبقى تركيا الأقل إنفاقا؛ إذ لم تتعد ما يعادل 38 مليون درهم مغربيّ منذ سنة 2011.