حفيظ دراجي / اعلامي جزائري
تتويج الجزائر بكأس أمم إفريقيا في مصر لم يشفع لرئيس الاتحاد الجزائري خير الدين زتشي الذي كثر حوله اللغط في الأوساط الإعلامية بين أنباء عن قرب استقالته بضغط من السلطات على خلفية رفضه دفع تكاليف اقتناء تذاكر دخول المناصرين الجزائريين لحضور مباريات الـ«كان»، وعدم استقباله لرئيس الدولة عندما زار المنتخب عشية النهائي في القاهرة، وكذا على خلفية تورطه في قضايا فساد ستفضي إلى استدعائه من طرف القضاء الجزائري للتحقيق معه خلال أيام باعتباره أن تعيينه تم من طرف ما يصطلح عليه في الجزائر بالعصابة التي حكمت البلاد ونهبت وأفسدت.
اللغط تزايد مع التصريحات الغامضة لوزير الشباب والرياضة بعد اقصاء رئيس الاتحاد من حفل تكريم المنتخب من طرف رئيس الدولة عندما برر ذلك بإجراءات بروتوكولية محضة، ثم تصريح القائد رياض محرز لوسائل الإعلام بأن بلماضي أخبر لاعبيه بأنه لن يستمر في تدريب المنتخب وقد يضطر لتقديم استقالته في إشارة ضمنية إلى خلافات بينه وبين رئيس الاتحادية!!
اجتماع المكتب الفدرالي البارحة أبقى الغموض قائما إلى حين رغم البيان الباهت الذي جاء تتمة للبيان الأول المقتضب الصادر عن مكتب رئيس الاتحاد بداية الأسبوع، يفند فيه كل الشائعات والتأويلات، ويتهم فيه أطرافا معارضة بالتشويش على الاتحادية والمنتخب، لكن الأكيد أنه لا يوجد دخان من دون نار، ولا يمكن أن يكون اقصاء رئيس الاتحادية من حفل تكريم الرئاسة مجرد اجراء بروتوكولي، ولا تصريح محرز من فراغ، ولا يمكن تبرير صمت المدرب بلماضي في ظل كل الاشاعات التي تتحدث عن رحيله بعد التتويج دون سبب واضح خاصة وأن الرجل لم يشتكي من الاتحادية التي منحت له الضوء الأخضر على مدى سنة تقريبا منذ اشرافه على المنتخب الأول لعب فيها خمسة عشر مباراة فاز في أحد عشر منها وتعادل في أربع وخسر واحدة ليتوج باللقب القاري بجدارة واستحقاق.
الغموض دفع بأطراف في الاتحادية إلى ربط رحيل أو بقاء الرئيس بالمدرب بلماضي الذي سيرحل حسبها إذا تقرر فعلا الدفع بخير الدين زتشي إلى الاستقالة لأن المدرب الوطني حسب هذه الأطراف اشترط بقاء رئيس الاتحاد للاستمرار في عمله، في حين ذهبت بعض الأطراف إلى الحديث عن اشتراط بلماضي رحيل رئيس الاتحادية مقابل استمراره في منصبه بسبب محاولات محيطه الضغط عليه لفرض بعض لاعبي نادي بارادو الذي تعود ملكيتها للرئيس زتشي عشية الإعلان عن قائمة المشاركين في الكان، وكذا بسبب رغبة السلطات في رحيل الرجل على خلفية ارتباطه برجال النظام القديم ورجال المال الفاسد، وهي توقعات وتخمينات واستنتاجات لم تتأكد لحد الأن لكن الأكيد أن الرجلان لن يستمرا في العمل سويا والأيام كفيلة برحيل واحد منهما رغم أن التتويج باللقب القاري يحسب لهما ولكل اللاعبين مهما كانت النقائص وكان التقصير.
التزام المدرب جمال بلماضي الصمت كونه غير مرتبط بحرب الجماعات والعصابات زاد من حجم الغموض الذي ازداد بعد التسريبات التي خرجت إلى الاعلام حول لقاء يكون قد تم بين رئيس الاتحادية ووزير الشباب والرياضة للاستفسار عن أسباب الاقصاء من حفل التكريم الذي أقامه رئيس الدولة، ثم مع الوزير الأول الذي طالبه بضرورة انتظار تعليمات السلطات العمومية خلال الأيام القليلة المقبلة على خلفية التحقيقات القضائية التي طالت الرجل وأدت إلى اقصائه من التكريم في سابقة فريدة من نوعها كانت تقتضي من رئيس الاتحادية تقديم استقالته احتجاجا على المعاملة السيئة من السلطات العمومية التي استحوذت على الإنجاز وراحت تثمن مجهودات الدولة في دعم المنتخب ونقل المناصرين إلى القاهرة بالألاف على متن طائرات خاصة مدنية وعسكرية دون أدنى تقدير لمجهودات اللاعبين والطاقم الفني والإداري.
ما حدث البارحة خلال اجتماع المكتب الفدرالي من تجاذبات وتلاسن بين الرئيس ونائبه ربوح حداد العائد بعد غياب طويل يؤكد كل التخمينات والتوقعات، وبأن رحيل الرئيس سيتم بمجرد صدور أوامر السلطات العمومية التي بدأت البحث عن خليفة لزتشي، امر سيفسح بدوره المجال لمزيد من التكهنات حول مصير المدرب جمال بلماضي مع الخضر في ظل حسابات سياسية كانت دائما حاسمة في كرة القدم والكثير من المجالات في الجزائر، لكن الأكيد أن بلماضي لم يشترط رحيل رئيس الاتحاد ولم يربط بقاءه ببقاء المكتب الفدرالي ورئيسه كما يشاع حتى ولو أن كل المؤشرات توحي برحيل الرئيس وليس المدرب بسبب عوامل خارجية لا علاقة لها بتسيير الاتحادية والمنتخب ولا بمشاكل بين الرجلين.
التتويج بالكاس الافريقية لن يغطي على الشرخ الحاصل بين جميع الأطراف الفاعلة في كرة القدم الجزائرية امتداد لما يحدث في الجزائر منذ رحيل بوتفليقة..