أنقرة – عبرت أوساط في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا عن خشيتها من «نتائج كارثية» في حال أقدم الرئيس، رجب طيب اردوغان، أو وزير داخليته، سليمان صويلو، على اتخاذ خطوات عقابية ضد أكرم إمام أوغل، ورئيس بلدية إسطنبول عن حزب «الشعب الجمهوري»، حيث تتحدث مصادر عن إمكانية إقالته من منصبه أو رفع قضايا ضده بالمحاكم قد تؤدي إلى محاكمته واعتقاله.
وخلال الأيام الماضية، صعد أكرم إمام أوغلو من ما يقول الحزب الحاكم إنها «استفزازات» للرئيس اردوغان ووزير داخليته في خطوة اعتبروا أنها تهدف إلى استفزازهم ودفعهم لإقالته أو اعتقاله من أجل تحقيق مكاسب سياسية لا سيما في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
حزب «الشعب الجمهوري» يؤكد أن تحركات إمام أوغلو تأتي في إطار مهامه كرئيس للبلدية وصلاحياته السياسية في البلاد وجهوده في «مكافحة الفساد»، لكن الحزب الحاكم يتهمه بـ«بتجاوز صلاحياته وممارسة العمل السياسي وتحدي البروتوكولات والقوانين في البلاد».
وتتركز خشية أوساط «العدالة والتنمية» في أن يؤدي غضب اردوغان من خطوات إمام أوغلو إلى لجوئه لمحاولة إقالته من منصبه، محذرين من أن هذه الخطوة سوف تضر في مكانة البلاد وسمعتها، بالإضافة إلى أنها ستؤدي إلى «نتائج كارثية» للحزب ورفع رصيد إمام أوغلو السياسي وشعبيته في البلاد.
وتدور تكهنات حول إمكانية لجوء اردوغان إلى اتخاذ خطوة مشابهة لما جرى الشهر الماضي بحق رؤساء بلديات ديار بكر وماردين وفان عن حزب «الشعوب الديمقراطي» الكردي، حيث تمت إقالتهم من مناصبهم وتعيين أوصياء على بلدياتهم بتهمة دعمهم ودعايتهم لتنظيم «بي كا كا».
وفي سيناريو آخر، تدور خشية حول إمكانية رفع قضايا على إمام أوغلو في المحاكم التركية وصولاً لمحاكمته بتهم مختلفة، الأمر الذي قد يؤدي إلى إقالته واعتقاله، وذلك على غرار القرار القضائي الذي صدر قبل أيام بالسجن لمدة 10 سنوات على جانان قفطانجي أوغلو، رئيسة حزب «الشعب الجمهوري» في إسطنبول، وأحد أكثر المقربين والداعمين لإمام أوغلو، وذلك في القضية التي تحاكم فيها منذ سنوات والمتعلقة بسلسلة تغريدات تتهم فيها بـ«إهانة مؤسسات الدولة ورئيس الجمهورية» وأيضاً «الدعاية للإرهاب».
وتعتبر أوساط في الحزب الحاكم أن «محاكمة أو اعتقال إمام أوغلو قد يمثل «أكبر خدمة» لرئيس البلدية الذي تجمع كثير من الأوساط السياسية في البلاد على أنه يطمح مبكراً في الوصول إلى منصب الرئاسة في البلاد.
وحسب أنصار الحزب، «إمام أوغلو يحاول تكرار سيناريو دخول اردوغان إلى الحياة السياسية وصولاً لمنصب الرئاسة»، حيث كان اعتقال اردوغان إبان رئاسته لبلدية إسطنبول أكبر عامل مساعد له في الوصول إلى رئاسة الوزراء ولاحقاً الرئاسة.
واستفاد إمام أوغلو بشكل كبير جداً من قرار اللجنة العليا للانتخابات إلغاء نتائج انتخابات إسطنبول التي جرت في نهاية مارس الماضي والتي فاز فيها، حيث تمكن في جولة الإعادة، التي جرت في يونيو، من توسيع الفارق أمام بن علي يلدريم ( مرشح العدالة والتنمية) إلى قرابة 10٪ من الأصوات، موقعاً هزيمة تاريخية هي الأكبر للحزب الحاكم واردوغان منذ قرابة ربع قرن في إسطنبول. وأجمعت الأوساط السياسية آنذاك على أن إمام أوغلو استفاد من «المظلومية التي تعرض لها»، حيث يعرف عن الناخب التركي دعمه من يشعر بأنه تعرض لـ«الظلم السياسي» في البلاد.
واتهمت المعارضة آنذاك اردوغان بالضغط على اللجنة العليا للانتخابات من أجل إلغاء نتائجها، على أمل فوز مرشحه بن علي يلدريم في جولة الإعادة.
وقبل أيام، انتقد إمام أوغلو قرار وزارة الداخلية التركية إقالة 3 رؤساء بلدية من حزب «الشعوب الديمقراطي» الكردي، وتوجه إلى ديار بكر للقاء رؤساء البلديات الثلاث، ما دفع وزير الداخلية، سليمان صويلو، لإطلاق تهديدات بـ«تدمير» إمام أوغلو في حال لم يلتزم حدوده، على حد تعبيره.
لكن وزير الداخلية عاد، أمس الأحد، للتأكيد على أن «إقالة إمام أوغلو من منصبه في رئاسة بلدية إسطنبول وتعيين والٍ على البلدية أمر غير وارد وغير مطروح للنقاش»، وذلك عقب تحذير مقررة شؤون تركيا في البرلمان الأوروبي، الهولندية كاتي بيري، من أن عزل إمام أوغلو سيجلب تداعيات جدية للغاية إلى العلاقات بين أنقرة وبروكسل، داعية الحكومة التركية إلى التفكير مرتين قبل اتخاذ هذه الخطوة.
وسبق ذلك أن تدخل إمام أوغلو في أزمة الاحتجاجات الشعبية على قطع آلاف الأشجار لإقامة مشروع للبحث عن المعادن الثمينة لشركة كندية، حيث قام بالاتصال بالسفير الكندي وحثه على وقف المشروع، وهو ما اعتبر تجاوزاً خطيراً لصلاحيات رئيس البلدية والقيام بأمر يتعلق من مهام وصلاحيات وزارة الخارجية والمستوى السياسي في البلاد فقط. ومنذ يومين، بدأت بلدية إسطنبول بعرض قرابة ألفي سيارة في ساحة «يني كابي» أكبر الساحات الشعبية في إسطنبول، حيث تقول البلدية إنها سيارات فائضة عن الحاجة كانت تستأجرها بلدية إسطنبول في عهد «العدالة والتنمية»، لإظهار ما تقول المعارضة إنه حجم الإسراف والتبذير الذي كان يتبعه «العدالة والتنمية»، الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة جداً على مواقع التواصل الاجتماعي.