عبد الله مولود / نواكشوط
دعت منظمة “غرينبيس” الفرنسية غير الحكومية المهتمة بقضايا البيئة، الأربعاء، حكومات دول غرب إفريقيا لإيقاف صناعات زيت ودقيق الأسماك.
وأكدت المنظمة في تقرير وزعته الأربعاء على حكومات دول غرب القارة الإفريقية أن “صناعة زيت ودقيق السمك تشكل تهديدا خطيرا لاحتياط الثروات البحرية للمنطقة، وهو الاحتياط الضروري لتأمين الغذاء لسكان منطقة غرب القارة”.
وأكد تقرير نشرته المنظمة تحت عنوان “السمك المصروف عن وجهته الصحيحة”، وتصفحته، الأربعاء، أن “صناعة دقيق وزيت السمك تثير قلقا كبيرا للغاية، وتهدد البيئة البحرية في كل من موريتانيا والسنغال وغامبيا، حيث إن عينات السمك الثلاث المستخدمة في هذه الصناعة يجري صيدها بشكل مفرط، وهو ما يهدد الأمن الغذائي للسكان”.
وأضاف التقرير: “يجري تحويل آلاف الأطنان من الأسماك لصناعة دقيق وزيت السمك، وتصديرها على حساب 40 مليون مواطن ومواطنة إفريقية، وكان على حكومات غرب القارة أن تحمي المخزون السمكي البحري، وأن يكون الدفاع عن الأمن الغذائي لمواطنيها أولوية لديها، وهو ما يستلزم الحد من كميات الأسماك الموجهة لصناعة دقيق وزيت السمك”.
ويضيف التقرير: “لقد أدت عقود من الإهمال والإفراط في اصطياد الأسماك إلى تدهور المخزون السمكي الإقليمي، ووصل الأمر إلى درجة خطيرة مع تطور صناعات دقيق وزيت السمك”.
وأكد إبراهيم سيسي، مسؤول البيئة في فرع إفريقيا التابع للمنظمة: “ما تقوم به الحكومات من صيد مفرط للأسماك له انعكاساته السالبة على السكان؛ إذ إنها تنقل الغذاء من موائد الفقراء إلى حظائر تربية الخنازير في الأسواق البعيدة”، مبرزا أن “منتوجات الصيد المهربة من مواقعها الطبيعية هي عماد الصيادين التقليديين، ومعتمد النساء العاملات في مجال الأغذية الخفيفة، وهي مع ذلك موارد غذائية وحيدة للأسر الفقيرة”، مضيفا قوله: “حولت الأسماك من أفواه الفقراء إلى حظائر تربية الدواجن لتعليف الحيوانات، وهذا أمر غير معقول بالمرة”.
وأحصت منظمة غرينبيس، حسب تقريرها، خمسين مصنعا لإنتاج دقيق السمك وزيته في منطقة غرب إفريقيا، بينها أربعون مصنعا ما تزال تعمل حتى الآن.
ولاحظت المنظمة أن معظم إنتاج هذه المصانع موجه للتصدير نحو دول آسيا والاتحاد الأوروبي.
وفي موريتانيا، أكد تقرير المنظمة “أن إنتاج دقيق وزيت السمك قد تضاعف خلال الفترة ما بين 2014 و2018، وهو ما جعل موريتانيا تتصدر قائمة البلدان المصدرة لدقيق وزيت الأسماك في منطقة غرب إفريقيا”.
وأكد التقرير أن “إحصائيات عام 2017 قدرت بـ550 ألف طن مجموع الأسماك التي صيدت من أجل تموين مصانع التحويل الموريتانية”.
وأوضح التقرير أن “صناعة دقيق وزيت السمك التي تشهد ازدهارا كبيرا لا تهدد مخزونات السمك القارية فقط، بل تؤثر سلبا على أمن السكان الغذائي أيضا؛ إذ إن 70% من زوارق الصيد السنغالية تتبع لقطاع الصيد التقليدي، ويغطي السمك نسبة 70% من حاجيات السكان في منطقة غرب إفريقيا من البروتين الحيواني، من بينهم 50% من سكان غامبيا وحدها”.
وأمام هذا الوضع المقلق، وجه فرع غرينبيس في إفريقيا نداء لحكومات منطقة غرب إفريقيا وللشركات والمصانع من أجل أن تتحمل مسؤولياتها في حماية الثروة البحرية، وفي تمكين السكان من العيش بصورة طبيعية، مؤكدا أن “مراجل الأسر الإفريقية أهم بكثير من أواني التعليف في حظائر تربية الدواجن”.