اسماعيل كايا / اسطنبول
أكدت مصادر تركية متطابقة أن الولايات المتحدة الأمريكية قدمت رسمياً ما يمكن تسميته “صفقة كبرى” لتركيا يتم بموجبها توقيع اتفاقية للتجارة الحرة ورفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار، مقابل شروط غير معلنة لكن يعتقد أن أغلبها يتمحور حول وقف التقارب التركي مع روسيا، لا سيما فيما يتعلق بشراء الأسلحة ونظام S-400 الدفاعي.
وذكرت عدد من وسائل الإعلام التركية، بينها صحيفة حرييت، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة قدمت عرضاً بناءً في محاولة لتحسين العلاقات مع تركيا التي تراجعت بشكل كبير عقب شراء أنقرة منظومة S-400 الروسية والخلافات المتصاعدة حول الملف السوري، لا سيما المنطقة الآمنة شرق نهر الفرات.
وأوضحت المصادر التركية أن العرض الأمريكي تم تقديمه من قبل السفير الأمريكي الجديد في أنقرة، ديفيد ساترفيلد، الذي زار مقر الرئاسة يوم الجمعة الماضية وطرح الموضوع على المسؤولين الأتراك هناك، بدون الكشف عما إن كان قد التقى الرئيس رجب طيب أردوغان أو معاونيه فقط في القصر الرئاسي.
ومن أبرز ما يتضمنه العرض الأمريكي توقيع اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين جرى إعداد مسودة عن بنودها من قبل الجانب الأمريكي، وذلك بهدف رفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار، وتقليص الضرائب الأمريكية على واردات الحديد والألمونيوم التركي الذي يمثل أحد أبرز الصادرات التركية لأمريكا، إلى جانب بيع أنقرة منظومة باتريوت الدفاعية.
ولم يكشف عما إن كانت واشنطن قد اشترطت بالفعل على أنقرة الحد من تقاربها المتسارع مع روسيا والتخلص من منظومة S-400 الدفاعية، التي وصلت بشكل شبه كامل إلى تركيا وسيجري تفعليها وإدخالها الخدمة في الأشهر الأولى من العام المقبل، بحسب ما صرح مسؤولون أتراك في أكثر من مناسبة.
وتحاول الولايات المتحدة بقوة وقف التقارب التركي مع روسيا، إذ تخشى بالفعل أن تلجأ أنقرة لشراء طائرات حربية روسية متقدمة من طراز سوخوي رداً على قرار واشنطن تجميد مشاركتها في مشروع طائرات F35 بسبب شرائها منظومة S-400، وهو ما ألمح إليه أردوغان قبل أسابيع عندما تفقد طائرتي SU35 وSU57 في معرض الطيران في موسكو برفقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي بات يطلق عليه مسمى “صديقي العزيز”.
التحضير للعرض الأمريكي الكبير جرى بالدرجة الأساسية خلال زيارة وفد اقتصادي أمريكي كبير برئاسة وزير التجارة ويلبر روس لأنقرة التي استمرت لمدة أسبوع كامل، والتقى خلالها بالرئيس أردوغان وعدد من الوزراء الأتراك وممثلي القطاعات الاقتصادية المختلفة في البلاد.
وعقب لقاء أردوغان مع الوزير الأمريكي، أكد أنه أدرج ضمن أجندته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدء محادثات التجارة الحرة، معرباً عن أمله في رؤية المزيد من الشركات الأمريكية المستثمرة في تركيا، وقال: “حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ 20 مليار دولار، وهذا الرقم أقل بكثير من إمكانيات البلدين”، مشدداً على ضرورة رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار.
والأحد، جرى اتصال هاتفي بين أردوغان وترامب تطرق إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، وعلى الرغم من أن برنامج الرئيسين الرسمي خلى من أي تأكيد للقاء بينهما، إلا أن المصادر التركية ما زالت ترجح بقوة احتمال حصول لقاء بينهما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وعلى هامش زيارته لتركيا ولقائه أردوغان في أنقرة قبل أيام، جدد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام تأكيده أهمية تركيا لبلاده في سوريا وفي سائر المنطقة، معتبراً أنه “لا يمكن الاستغناء عن أنقرة في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ومحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) شمال شرقي سوريا، وعدم السماح لبشار الأسد بالحسم العسكري على الأرض”، معبراً عن أمله في توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين وعودة تركيا إلى برنامج صناعة طائرات F35.
والثلاثاء، ارتفعت الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي قليلاً بفعل الأنباء عن قرب التوصل لاتفاق حول اتفاقية التجارة الحرة مع أمريكا، وارتفع سعر صرف الليرة مقابل الدولار من 5.71 إلى 5.67.