محمد هبة / دمشق
تميل الأوضاع الميدانية في إدلب إلى نوع من التهدئة، في ظل رغبة أطراف الصراع من الفاعلين الدوليين إلى إتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية والتفاوضية لحل مسألة إدلب، إذ يخشى الروس من أن يؤدي تصعيد الموقف الميداني في المحافظة الشمالية إدلب، دون الأخذ بعين الاعتبار الهواجس التركية، إلى انهيار مسار الاتفاق المبرم، ودفع انقرة إلى ترتيبات مع أطراف أخرى.
ولكن في الوقت ذاته، ومع تداول منابر محلية معلومات عن هدنة روسية – تركية لمدة 6 أشهر قابلة للتمديد، شمال غربي سوريا، وعودة نحو 40 ألف مدني إلى قراهم جنوب إدلب، قالت مصادر عسكرية مسؤولة، لـ»القدس العربي»، انه «لم يتم ابلاغهم عن أي هدنة في ادلب ومحيطها»، من قبل الحليف الدولي للفصائل، فقد ذكر المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني – المقرب من أنقرة – الرائد يوسف حمود «لم يصلنا اي ابلاغ رسمي بخصوص الهدنة، واذا ما كانت قد ابرمت فعلاً، وتم تداولها على مستوى ضيق» مستدركاً القول «هو أمر ممكن لكنه لم يعمم علينا بعد».
واعتبر حمود أن الاطراف الفاعلة في ادلب والارياف الملاصقة بها، ليس لها أي مصلحة في ارتفاع حدة الصراع بينهم، لان المرحلة القادمة حبلى باجتماعات موسعة ومؤتمرات تخص «أستانة» الموسع، والذي سوف تحضره أطراف دولية عديدة منها الامم المتحدة ومندوبون عن الدول الاوروبية، وقال الحمود لـ»القدس العربي» «أظن ان الاطراف المتواجدة ضمن الملف تحاول الابتعاد عن أي توترات في المنطقة على الأقل في الوقت الراهن».
«لا ثقة بالنظامين»
كما أكد المتحدث باسم الجبهة الوطنية للتحرير النقيب ناجي مصطفى لـ»القدس العربي» عدم ثقته بالنظامين الروسي او السوري، في اي حديث عن هدنة، قائلاً «وقف اطلاق النار الذي اعلن عنه من طرف واحد لم يخل من الخروقات منذ اليوم الاول، لذلك نحن لا نعول على التزام الروس بهذا الوقت في ظل خروقاتهم ونحن نأخذ الاحتمالات كافة على محمل الجد، حيث نقوم بتحصين الخطوط الدفاعية واعداد الكوادر والمعسكرات للمقاتلين للتعامل مع هذه المعارك المحتملة على أي جبهة من الجبهات». مضيفاً ان الوضع في ادلب لا يخلو من بعض الخروقات من قبل قوات النظام السوري وقوات الاحتلال الروسي المتواجدة، وهناك قصف على بعض القرى المحيطة في معرة النعمان، «وهي خروقات مستمرة، اما الفصائل فإنها تقوم بدورها بالرد على عصابات الاسد، فضلاً عن الاستعدادات الضخمة التي نقوم بها منعا لاي هجوم محتمل». واكد المسؤول العسكري على اعداد الكوادر القتالية.
مسؤولان معارضان ينفيان لـ«القدس العربي» علمهما به
المرصد السوري لحقوق الانسان، قال إن نحو 40 ألف مدني عادوا إلى مناطقهم في القطاعين الجنوبي والشرقي من ريف ادلب، «وسط ومخاوف من استئناف النظام والروس لعملياتهم العسكرية في ظل عدم انسحاب الجهاديين من طريقي ام 4 و ام 5. مؤكداً ان عودة النازحين تتواصل بشكل متصاعد إلى مناطقهم في القطاعات الجنوبية والشرقية من ادلب.
وفي ظل تلك الظروف الغامضة، لا ينفك اللاعب الروسي عن التلويح بالعمل العسكري كورقة ضغط لتحصيل تنازلات من قبل الجانب التركي ومن المعارضة السورية، ، قبل أي حراك تفاوضي، فضلاً عن محاولته اختبار مدى استمرار الموقف الأمريكي والأوروبي تجاه إدلب وتقدير حدود التصعيد الروسي الممكن به، إذ تبدو تصريحات وزارة الخارجية الروسية حول إدلب في سياق ممارسة موسكو ضغوطاً للدفع بمسار استانة واللجنة الدستورية وفق الرؤية الروسية، حيث أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، أنه تم القضاء على القوى الرئيسية لتنظيمي «داعش» و»جبهة النصرة» المحظورين في روسيا وعدد من الدول، لكن «يجب مواصلة مكافحة الإرهاب في سوريا، خاصة في إدلب.
وقال فيرشينين خلال جلسة مجلس الأمن الدولي «لقد حقق الشعب السوري بمساعدة روسيا، انتصاراً حاسماً على الإرهاب. لقد تم تدمير القوى الرئيسية لداعش، وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات التي أقرها مجلس الأمن الدولي كجماعات إرهابية. لكن القضاء على الإرهابيين، بما في ذلك البؤر الكبرى كإدلب، ينبغي أن يستمر، مع أقصى قدر من مراعاة أمن وسلامة المدنيين».
تعقد الحسابات
ويكشف التصريح الروسي عن عمق القيود التي تدركها موسكو والتي تعقد حساباتها فيما يتعلق بشن عملية عسكرية كبيرة على إدلب، إذ أن حليفه المحلي في وضع داخلي صعب لا يمكنه من السير في عملية عسكرية مكلفة، فضلاً عن قوات الجيش المستنزفة، وافتقاد المجندين للخبرة العسكرية والتدريب الكافي للمشاركة في عمليات عسكرية كبرى. تزامناً، كشف مصدر مطلع لشبكة «بلدي نيوز» المحلية، أن تركيا أبلغت فصائل المعارضة في إدلب و»الجيش الوطني»، الاثنين، أنها توصلت لاتفاق مع روسيا لوقف إطلاق النار، لمدة ستة أشهر، كمرحلة أولى تتبعها ثلاث مراحل كل مرحلة بالمدة نفسها.
وبيّن المصدر، أن الهدنة بدأت يوم الثلاثاء الأول من شهر تشرين الأول الحالي، على ان يعقب وقف اطلاق النار تنفيذ أمور عدة تخدم محافظة ادلب، حيث سيتم إرسال تعزيزات عسكرية كبيرة للجيش التركي في الأيام المقبلة بالإضافة إلى إنشاء نقاط جديدة في محافظة ادلب وريف حلب الغربي لمنع حدوث أي اشتباك بين النظام والمعارضة، مشيراً إلى وجود تغيرات عسكرية دون تحديد ماهية هذه التغيرات، «إعادة هيكلة الفصائل، دمج فصائل، أو حل فصائل» أو ما شابه، لافتاً إلى ان «وزارة الدفاع في الحكومة السورية الموقتة سوف تعمل خلال الأيام المقبلة مع قيادات الجيش الوطني من المستويات كافة على الانتقال به لحالة تماثل الجيوش النظامية من نواحي الهيكلة وضبط وتنظيم العمل العسكري، حيث جاءت هذه الخطوة بعد التدريب المنتظم للجيش الوطني، والتدريب المستمر لقادة الفيالق والفرق والألوية والعمل على مستوى عالٍ من التنسيق والاستعداد القتالي من خلال الدورات التدريبية، الأمر الذي جعل الجيش الوطني بأعلى جاهزية». على ان يتم اصدار هويات موحدة لجميع عناصر الجيش الوطني كما سيتم تدعيم خطوط الجبهات من خلال التدشين وتأمين المستلزمات اللوجستية.