هبة محمد / دمشق
في ما يشبه رسائل عسكرية وسياسية مباشرة، لواشنطن، أجرت قوات روسية وإيرانية وسورية، أمس، مناورات عسكرية مشتركة غرب نهر الفرات، شمال شرقي سوريا، شملت تحليقاً للطائرات وإطلاقاً للصواريخ، لتوحي بأن التحالف الروسي – الإيراني، قوي في المنطقة وجاهز لبسط سيطرته عليها مع غياب سياسة أمريكية واضحة هناك، كما أنها موجهة للحاضنة الاجتماعية التي تبنت حراكاً شعبياً برضى أمريكي، ضد انتشار الميليشيات المحلية والأجنبية في المنطقة.
وذكرت صحيفة «الوطن» شبه الرسمية، أن قوات النظام «والقوات الحليفة والصديقة بدأت أمس مناورات عسكرية مشتركة غرب دير الزور»، معتبرة انها رسالة إلى الولايات المتحدة. وزعمت ان هذه التطورات، تزامنت مع مؤشرات على قرب الانتهاء من ملف إدلب، وارتفاع سخونة التوتر تدريجياً في مناطق شمال وشمال شرقي دير الزور، مع تحريك واشنطن وميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية – قسد» لأدواتهما هناك والاعتداء على مواقع قوات النظام والقوات الرديفة في المنطقة.
ونشرت مصادر محلية تسجيلاً مصوراً يُظهر مناورات عسكرية مشتركة لقوات النظام مع قوات لروسيا وإيران غرب دير الزور، كما ذكرت شبكة «دير الزور 24» المعنية بأخبار المنطقة الشرقية من سوريا، أن هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها قوات روسية وسورية وإيرانية، مناورات عسكرية في محافظة دير الزور، وأوضحت أن المناورات ستستمر أياماً عدة.
مناورات
وحسب المصدر، فقد طالبت قوات سوريا الديمقراطية، رؤساء المجالس المحلية والبلديات في ريفي ديرالزور الغربي والشرقي، بإبلاغ الأهالي في مناطق سيطرتها بأنّ قوات الأسد وروسيا وإيران ستقوم بإجراء مناورات عسكرية في غرب الفرات «وان لا خطر عليهم في المنطقة كون المناورات ستكون محصورة في مناطق سيطرة نظام الأسد». وتبدو المناورة من وجهة نظر موسكو استعجالاً لولوج مرحلة الاستحقاقات المؤجلة في سوريا، وأبرز ما فيها، ضرب المشروع الانفصالي في شمالها الشرقي، الذي يقوده الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني، المصنف على قوائم الإرهاب في الناتو ودول أخرى.
الباحث السياسي بدر ملا رشيد اعتبر المناورات العسكرية، رسائل لأطرافٍ أخرى بصورة تعلمهم بجهوزية الأطراف المشتركة في المناورات لأية مواجهة عسكرية، وتأتي المناورات العسكرية في دير الزور في هذا السياق، حسب قوله. فالأطراف المشاركة في العمليات توجه حسب قراءة المتحدث لـنا، رسالة لقوات التحالف الدولي، وقوات سوريا الديمقراطية، تفيد بوجود الإمكانيات العسكرية لدى النظام وحلفائه لتمكين سيطرتهم العسكرية على المنطقة، في ظل غياب استراتيجية أمريكية واضحة تجاه شمال سوريا عموماً ومحافظة دير الزور خصوصاً، كما إنها موجهة لأية محاولة من قبل «قسد» تهدف لدعم التحركات الشعبية التي حصلت في دير الزور ضد تواجد النظام والميليشيات الإيرانية، وهي إعلانٌ لـ»قسد» بوجود دول تمتلك من القدرات العسكرية التي لا تمتلكها هي، في حال حدوث أية مواجهة عسـكرية.
لا يمكن فصل هذه المناورات عن ملفاتٍ أخرى، مثل ملف الاستهداف الإسرائيلي لقواعد عسكرية إيرانية في المنطقة كما حدث قبل ما يزيد عن شهر، وعبر هذه المناورات تحاول إيران إضفاء صبغة التواجد التحالفي مع قوات النظام والقوات الروسية. أذ انها تجري وفق ما يقول ملا رشيد عقب يومين من افتتاح معبر البوكمال البري «لدعم التصور حول الأمل الذي يعلقه نظاما دمشق وطهران بشكلٍ خاص من أن ينقذهم المعبر بوارداته من الحصار الأمريكي المفروض على الطرفين في موضوع النفط والحركة الاقتصادية بشكلٍ عام»، كما يأتي افتتاحه بعد أكثر من 5 سنوات من غلقه نتيجة سقوط المنطقة بيد «تنظيم الدولة»، مضيفاً أن «التطور الآخير هو التقدم الوهمي في ملف اللجنة الدستورية، وهو ما تقيمه روسيا والأطراف المشاركة معها على أنه نصرٌ في الملف السياسي السوري، على حساب الرغبة والتوجه الغربي السابق نحو إنهاء منظومة الأسد من خلال الورقة الدولية الوحيدة المتمثلة بالقرار 2254».
وبينما تحتل موسكو معظم التراب السوري، لم يعد خافياً على أحد خطط واشنطن التي تتناغم مع الأطماع الانفصالية، إذ انها لم توفر سبيلاً لتمزيق البلد بدءاً من شرقه، وتمكين أدواتها هناك المتمثلة بالامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني، وفي هذا الاطار اعتبر المعارض السوري والباحث المهتم بملف شرق الفرات فراس علاوي ان المناورات العسكرية الروسية – الايرانية مع قوات النظام تأتي رداً على الحراك الشعبي في المنطقة والذي بدا واضحاً أن هناك رضى أمريكياً تجاهه.
وقال علاوي لنا، ان الحراك الشعبي الموجه ضد إيران ونظام الأسد بالدرجة الاولى جاء لإخراج المليشيات من عدد من القرى شرق الفرات وبالتالي اعادة السيطرة عليها من قبل التحالف وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهو ما تمثل في المظاهرات الشعبية التي اندلعت هناك وقامت باقتحام عدد من الحواجز. لذا فالمناورات تعد أيضاً رسائل سياسية، حسب رأيه، وهي موجهة لواشنطن بأن التحالف الروسي – الايراني لازال قوياً في المنطقة، كما انها تذكير للحاضنة الاجتماعية بأن هذا الحلف سيتصدى لأية دعوات لتصعيد الحراك هناك.
تزامناً ولتأكيد مضمون الرسائل السياسية في كل اتجاه يأتي إعلان الحكومة العراقية وسلطات النظام السوري إعادة فتح معبر القائم – البوكمال الحدودي بين البلدين يوم الاثنين بعد ثماني سنوات من إغلاقه وسط اضطرابات في المنطقة وفي أحدث مؤشر على التطبيع بين بغداد ودمشق فيما يمثل مكسباً لحليفتهما المشتركة إيران. وقال وزير الداخلية السوري محمد خالد الرحمون حسب رويترز إن فتح المعبر يأتي «نتيجة انتصار شعبينا في سوريا والعراق على التنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها وعلى رأسها تنظيم داعش».
افتتاح معبر القائم
وأعلنت هيئة المنافذ الحدودية في العراق افتتاح معبر القائم الحدودي، وأوضحت في بيان أن المعبر المشترك بين العراق وسوريا أعيد افتتاحه امام حركة التجارة والمسافرين، بعدما كان المعبر قد أغلق منذ العام 2014 خلال سيطرة تنظيم الدولة عليه وعلى المناطق المجاورة من الأراضي العراقية. ونقل مراسل لرويترز عن رئيس هيئة المنافذ الحدودية كاظم العقابي قوله خلال مراسم فتح المعبر التي حضرها مع الرحمون بالإضافة إلى محافظين من جانبي الحدود قوله إن هذه الخطوة ستنعش التعاون الاقتصادي بين سوريا والعراق. كما قال مصدر أمني في القائم إن قوات الحشد الشعبي ستشارك في تأمين المعبر، فيما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة على أراضٍ سورية على الجانب الآخر من بلدة البوكمال على الضفة الشرقية للنهر.