هبة محمد / دمشق
توّجت الجهود العسكرية لقيادات فصائل الثورة، تحت رعاية أنقرة، بتشكيل أكبر جيش عسكري موحد شمال سوريا، يناهز تعداده نحو 80 ألف مقاتل، عبر اعلان اندماج «الجيش الوطني» و»الجبهة الوطنية للتحرير» ضمن جسم عسكري واحد تابع لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة وأعلن عن ذلك في مؤتمر صحافي في مدينة اورفا التركية.
الإعلان رسمياً عن اندماج الجبهة الوطنية للتحرير العاملة في منطقة خفض التصعيد في ريف إدلب وحماة واللاذقية، وفيالق الجيش الوطني العاملة في منطقة عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون، في ريف حلب، يصب حسب مراقبين، في إطار تأسيس مؤسسة عسكرية منظمة، تحت مظلة وزارة الدفاع التابعة للحكومة المؤقتة، لقتال النظام السوري والتنظيمات القاعدية في إدلب ومحيطها، كجبهة النصرة وغيرها، وميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية شرق الفرات، لكن مجرد الإعلان عن هذه المؤسسة من ولاية أورفا الحدودية، دليل «على أن خطوة توحيد الجهود العسكرية تصب في سبيل المشاركة في العملية العسكرية المرتقبة شرق الفرات».
رسائل
المتحدث العسكري باسم الجبهة الوطنية ناجي مصطفى قال لـنا إن هذا التوحد «للجيش الوطني والجبهة الوطنية تحت مظلة وزارة الدفاع التي يقودها اللواء سليم إدريس والذي يشغل أيضاً منصب رئيس هيئة الأركان، يهدف للانتقال من الحالة الفصائلية إلى حالة الجيش الوطني كمؤسسة عسكرية صحيحة تعمل وفق تراتبية عسكرية وتتمتع بالقدرة عن الدفاع عن هذه المناطق وتحرير الأرض من عصابات الأسد». واعتبر ان من مهام الجسم العسكري الموحد القتال ضد قوات النظام والميليشيات ووحدات حماية الشعب الكردية، مؤكداً مشاركة الجيش في أي عملية عسكرية مرتقبة قد تشن ضد «البي كا كا» شرق الفرات.
ولفت إلى ان الجيش يعمل تحت مظلة هيئة أركان، التي تتبع بدورها لوزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، لافتاً إلى أنه سيكون لهيئة الأركان «نائب أول يشغل منصبه العقيد «فضل الله الحجي» عن إدلب قائد الجبهة الوطنية للتحرير، والنائب الثاني عن الجيش الوطني العميد عدنان الأحمد.
وأعلن رئيس الحكومة السورية المؤقتة، عبد الرحمن مصطفى، عن توحيد الجبهة الوطنية للتحرير والجيش الوطني تحت سقف وزارة الدفاع، ليكون بذلك الجيش الوطني مؤلفاً من سبعة فيالق ويحتوي على نحو 80 ألف مقاتل. وفي بيان للحكومة المؤقتة، الجمعة، ذكرت أنه «ضمن خططها وأولوياتها توحيد الفصائل العسكرية كافة، وتشكيل جيش وطني احترافي بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في المناطق المحررة».
رسائل عسكرية بثلاثة اتجاهات و«الوحدات الكردية» أولها
وفي مؤتمر صحافي حضره حشد واسع من الضباط، قال إن الجيش الوطني والجبهة الوطنية للتحرير اندمجا تحت سقف واحد، يعمل وفق الأسس العسكرية النظامية، مؤكداً أن «أهداف الجيش الوطني هي تحرير كامل الأراضي السورية من الطغاة، ومحاربة الفساد والديكتاتورية والطائفية، والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية، والدفاع عن المناطق المحررة، وإعادة المناطق المحتلة إلى أصحابها الحقيقيين». ولفت إلى ان «اللواء سليم إدريس يشغل منصب وزير الدفاع ورئيس الأركان، فيما العميد عدنان الأحمد يشغل منصب نائب رئيس الأركان للفيلق الأول والثاني والثالث، أما العميد فضل الله الحجي فيشغل منصب نائب رئيس الأركان للفيلق الرابع والخامس والسادس والسابع».
القيادي في المعارضة المسلحة، والمقرب من أنقرة، «مصطفى سيجري» كتب عبر حسابه على «فيسبوك» أن «الإعلان عن توحيد القوى العسكرية تحت مظلة الجيش الوطني ومن مدينة أورفا التركية، يمهد لمرحلة جديدة تماماً، وخطوة استباقية لمجموعة من الاستحقاقات الداخلية والخارجية (العسكرية – السياسية)، أهمها تأمين المنطقة المحررة وحمايتها، وحسم ملفي تنظيم ال«بي كاكا» والمنطقة الشرقية وجبهة النصرة وإدلب».
«مؤسسة منظمة»
وقال الرائد يوسف الحمود، المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني، إن الاندماج المعلن «هو الخطوة الأخيرة من عمل طويل، وجاء في أعقاب جهود مكثفة استمرت طيلة الأشهر السابقة، التي كانت شاهدة على اجتماعات رفيعة على مستوى القيادات في الجيش الوطني والجبهة الوطنية بهدف توحيد القوى الثورية العاملة في المنطقة، وهو ما سينعكس بإيجابية على وحدة القرار ووحدة العمل في المنطقة المحررة وسيرفع دعم واستقرار المنطقة ويمنع أي محاولات عدائية عليها».
ورداً على سؤاله عن مساعي القيادة العسكرية في البحث عن غطاء شرعي للجسم العسكري الوليد، بمساعدة تركيا، وخاصة ان الفصائل المنضوية تحت لواء الجيش الوطني مقربة من أنقرة، قال الرائد يوسف الحمود «نسعى للاندماج دائماً كواجب علينا، أما البحث عن الشرعية هي مسعى وهدف ضروري» وأضاف «كما عملنا على تأسيس الجيش الوطني عبر توحيد الفصائل العاملة في المنطقة سابقا، كذلك اليوم وسعنا دائرة العمل حتى نضجت عملية الاندماج، بعد تقارب كبير واجتماعات عسكرية مكثفة». وقال إن «هذه الفصائل تأخذ طابع ثوري ولها الحق في الدفاع عن المناطق المحررة، ضد أي جهة تسيئ للمنطقة بدءا من النظام وليس انتهاء بالميليشيات، والاعتراف عن الشرعنة للجيش هو مسعى يتم العمل في سبيله بعد اداء الواجب وتشكيل مؤسسة عسكرية منظمة».
كما قال القيادي في المعارضة السورية، فاتح حسون، إن هذا الاندماج يهدف إلى توحيد صفوف التشكيلات العسكرية التابعة للجيش الحر والعاملة في مناطق ريف اللاذقية وحماه وإدلب وريف حلب وفي مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات، ووصف الاندماج «الذي طال انتظاره» بأنه خطوة في اتجاه الدفاع عن المناطق المحررة في إدلب والساحل وحماة وتحرير المناطق المحتلة من قبل «عصابات قسد في منطقة شرق الفرات التي عانت التغيير الديموغرافي الممنهج وعانى أهلها التهجير والقمع من قبل تلك الميليشيات الإرهابية وأخواتها، والعمل العسكري والأمني المنظم لاستعادة المناطق التي سيطر عليها نظام الأسد». فمن خلال هذه الخطوة حسب حسون «ستصبح الفصائل العسكرية تحت قيادة موحدة وهيكل تنظيمي واحد، الأمر الذي سيوحد البوصلة للفصائل وسيتم تركيز الجهود العسكرية وفق خطط مدروسة لقوى كبيرة على الأرض تستطيع إحداث انسجام بين القرارات السياسية والعسكرية لقوى الثورة والمعارضة السورية».
وكانت الجبهة الوطنية للتحرير قد تشكلت بعد انصهار نحو 11 فصيلاً عسكرياً ضمن هيكلها، ينتشر شمال غربي سوريا، من ريف حماة إلى ريف اللاذقية، مروراً بريف إدلب، العام الفائت، بقيادة العقيد فضل الله الحجي، وضم كلاً من فيلق الشام، وجيش إدلب الحر، والفرقة الساحلية الأولى، والجيش الثاني، والفرقة الساحلية الثانية، وجيش النخبة، والفرقة الأولى مشاة، وجيش النصر، وشهداء الإسلام – داريا، ولواء الحرية، والفرقة 23.