اسماعيل كايا / اسطنبول
تفجرت حالة عارمة من الغضب في صفوف الاتراك والمقيمين واللاجئين العرب في تركيا على حد سواء عقب حادثتي عنف وتمييز تعرض لهما طفلان عربيان في تركيا خلال الأيام الماضية، أعادت إلى الواجهة مجدداً المطالبات في تركيا بسن قوانين تجرم التصرفات التي تصنف على أنها «تمييز أو عنصرية أو تنمر».
وقبل يومين وجد طفل سوري لاجئ في تركيا مشنوقاً بحبل على سور إحدى المقابر قرب مدرسته في ولاية كوجالي القريبة من إسطنبول شمال غربي تركيا، حيث انتشر مقطع فيديو للطفل «وائل السعود» 9 سنوات وهو يسير بجانب المقبرة ويقوم بربط حبل حول رقبته.
المصادر السورية أكدت أن الطفل انتحر نتيجة تصرفات وصفت بـ «العنصرية» من قبل زملائه في الفصل الذين طردوه من بينهم لكونه غير تركي، ولاحقاً من قبل أستاذه في المدرسة، لكن وزارة التعليم نفت هذه الرواية وقالت إن تحقيقاتها الأولية لم تثبت تعرض الطفل لأي تصرفات سلبية أو تميز، ولفتت إلى أنها ستتابع وتتحقق حول ظروف وفاة الطفل الذي وصفته بالمتميز.
وزارة التعليم التركية تنفي «الادعاءات» العنصرية
وزارة التعليم التركية أصدرت بياناً، قالت فيه إنها تنفي «الادعاءات» بأن الطفل السوري انتحر بسبب «تعرضه للتوبيخ من معلمه، والرفض من قبل زملائه كونه سوريا»، وشددت على أنه «لم يكن لدى السعود أي مشاكل مع معلميه وأصدقائه»، وأنه «كان طالباً محبوباً من قبل معلميه وزملائه».
وبعد يوم واحد فقط على هذه الحادثة، انتشر مقطع فيديو على نطاق واسع يظهر شابا تركيا وهو يعتدي لفظياً وجسدياً على طفل وشقيقته قالت وسائل إعلام تركية إنهما أردنيا الجنسية وأن الحادثة وقعت في ولاية مرسين، وقالت روايات على مواقع التواصل الاجتماعي إن خلافا صغيرا نشب بين أطفال قبل أن يأتي والد أحد الأطفال الأتراك ويعتدي على الطفل الأردني.
وبعد أن تسبب انتشار الفيديو بردود فعل غاضبة وواسعة على مواقع التواصل الاجتماعي ومطالبات للجهات الرسمية بمحاسبة الفاعل، قالت وكالة الأنباء الرسمية إن الشرطة التركية اعتقلت الجاني بتهمة الاعتداء على الطفل الأردني «أ.ك» البالغ من العمر 5 أعوام وإصابته بجروح، ولكم شقيقته الكبرى مرتين. ولفت البيان إلى أنه جرى توقيف الشخص الذي قام بصفع الطفل، بتعليمات من النيابة، حيث تتواصل الإجراءات الرسمية بحقه في مديرية الأمن، وأن إدارة الهجرة، قدمت الدعم اللازم للأسرة المتضررة.
هاتان الحادثتان أثارتا موجة عارمة من ردود الفعل من قبل المواطنين الأتراك واللاجئين السوريين والمقيمين العرب بشكل عام، وكتب الآلاف على موقعي «تويتر» و»فيسبوك» حول هذه الحوادث التي أجمعوا على اعتبار أنها تدخل في إطار «العنصرية والتمييز والتنمر»، مطالبين الحكومة التركية باتخاذ إجراءات قوية وفاعلة ضد مرتكبي هذه الاعتداءات. وطالب المغردون العرب والأتراك على حد سواء الحكومة والأحزاب والبرلمان التركي بالعمل على سن قوانين جديدة تجرم التمييز والتنمر والتصرفات العنصرية وانزال أقصى العقوبات بحق مرتكبيها.
واعتبر مغردون أن هذه الحوادث تأتي نتيجة طبيعية لخطاب الكراهية الذي استخدمته الأحزاب التركية المختلفة خلال السنوات الماضية وزجها ملف اللاجئين في الخلافات السياسية واستخدامه كورقة لتحقيق مكاسب سياسية في الانتخابات التي شهدتها البلاد في آذار/مارس الماضي على نحو غير مسبوق.
ويعيش في تركيا أكثر من 5 ملايين لاجئ ومقيم عربي، بينهم قرابة 3.6 مليون سوري، حيث يطلق مغردون أتراك بشكل متواصل دعوات واسعة لطرد اللاجئين السوريين من الأراضي التركية، وسط تحذيرات من تحول هذه الدعوات إلى أعمال عنف ضد اللاجئين، لكن الحكومة تؤكد أن هذه الحوادث فردية ولا تعبر عن الوضع العام للاجئين والمقيمين في البلاد.