اسماعيل كايا / اسطنبول
ربط بيان البيت الأبيض الذي صدر، الاثنين، بين قرار الإدارة الأمريكية الانسحاب من الشريط الحدودي السوري مع تركيا وبين تعهد أنقرة بتحمل مسؤولية ملف معتقلي تنظيم «الدولة» في شمال سوريا والذين تتفاوت التقديرات بشكل كبير حول أعدادهم، وفشلت الولايات المتحدة في حل مشكلتهم طوال الأشهر الماضية.
وجاء في بيان البيت الأبيض حول الاتصال الذي جرى، مساء الأحد، بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب اردوغان: «تركيا ستكون مسؤولة بعد الآن عن إرهابيي داعش الذين اعتقلتهم الولايات المتحدة في المنطقة خلال العامين الأخيرين».
ولفت إلى أن «الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً على فرنسا وألمانيا وباقي دول الاتحاد الأوروبي، لاستعادة مواطنيها المنتسبين إلى داعش والمعتقلين في شمال سوريا»، لكن هذه الدعوة لم تلق استجابة من هذه الدول التي ترفض حتى الآن استقبال مواطنيها المنتمين إلى تنظيم الدولة.
ولم تكشف تركيا حتى الآن عن استراتيجية واضحة للتعامل مع هؤلاء المعتقلين الذين اعتقلتهم القوات الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية خلال الحرب على تنظيم الدولة في السنوات الأخيرة، ومنهم عدد كبير من المقاتلين الأجانب إلى جانب حاملي الجنسية السورية، وما إن كانت سوف تنقلهم لسجون داخل تركيا أو سوف تدير سجوناً لهم داخل الأراضي السورية، وما إن كانت سوف تنجح بالفعل في الضغط على بلادهم لاستعادتهم.
ولا يتعلق الأمر بالدرجة الأساسية بكيفية التعامل مع هؤلاء العناصر في السجون، وإنما تتعامل تركيا مع احتمال أساسي يتمحور حول أن الوحدات الكردية سوف تلجأ إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين من تنظيم الدولة مقابل إقناعهم بالقتال في صفوفها ضد الجيش التركي، ومن أجل الضغط على العالم، وإحراج تركيا أمام المجتمع الدولي، حيث حذرت هذه الوحدات مراراً من أن أي عملية عسكرية تركية سوف تؤدي إلى عودة ظهور تنـظيم الدولة في شمـال وشرق سـوريا.
كم عددهم وكيف ستتعامل تركيا مع ملفهم؟
وفي أول بيان لها حذرت قوات سوريا الديمقراطية من أن «هذه العملية العسكرية التركية في شمال وشرق سوريا سيكون لها الأثر السلبي الكبير على حربنا على تنظيم داعش وستدمر كل ما تم تحقيقه من حالة الاستقرار خلال السنوات الماضية».
وفي تأكيد لهذا الأمر، قال الرئيس التركي، الاثنين، إن بلاده تدرس «ماهية الخطوات اللازمة لضمان عدم فرار عناصر داعش من السجون في منطقة شرق الفرات»، حيث بدأت وسائل الإعلام التركية بالحديث عن أن الوحدات الكردية بدأت بالفعل بتسريح عدد من عناصر داعش من السجون.
وفي رده على سؤال حول أعداد عناصر تنظيم الدولة المعتقلين في شمالي سوريا، قال اردوغان إن «الأرقام المطروحة بها تضخيم كبير، يوجد أعداد في السجون، ويوجد لدينا منهج للتعامل مع هذا الموضوع، حيث يوجد عناصر من داعش معتقلون في ألمانيا وفرنسا، أعطيت التعليمات لكي تتم دراسة العمل المشترك والخطوات التي يمكن القيام بها». ولم يصدر أي تصريح بعد من الجهات الرسمية التركية حول أعداد المعتقلين، ولكن جانباً كبيراً من التفاوت في الأرقام المنشورة يعود إلى الخلط بين أعداد عناصر ومقاتلي التنظيم وبين أعداد عائلاتهم وأطفالهم، الموجودين في مخيمات ومراكز مختلفة شمال وشرق سوريا.
وحسب تصريح سابق للرئيس الأمريكي فإنه يوجد 1800 من عناصر تنظيم الدولة في السجون الواقعة شمال سوريا، حيث اتهم الدول الأوروبية بعدم المساعدة في حل أزمة مواطنيها المعتقلين، وقال إنها ترفض استعادة مواطنيها «رغم أن ذلك يصب في مصلحتها»، محذراً من خطورة وصولهم سراً إلى بلادهم.
وكان جيمس جيفري، مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية للتحالف الدولي قال إن هناك حوالي 2500 مقاتل أجنبي اعتقلوا خلال المعركة، وتريد الولايات المتحدة من أوروبا استقبالهم. فيما تحدثت وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها عن أن نحو 1000 مقاتل أجنبي يقبعون في سجون الوحدات الكردية شمال وشرق سوريا، إلى جانب نحو 13 ألفاً من عائلاتهم وأبنائهم من النساء والأطفال.
لكن إلى جانب هذه الإحصائيات المتفاوتة، يتواجد عشرات آلاف الأشخاص الذين تقول الإحصائيات إن قرابة 90% منهم هم من عائلات عناصر تنظيم الدولة في «مخيم الهول»، وحسب تقرير سابق للأمم المتحدة فإن المخيم يحوي قرابة 73 ألف شخص 15% منهم أجانب.
ورداً على قرار ترامب الأخير، اعتبر المبعوث الأمريكي السابق لدى التحالف الدولي بريت ماكغورك في تغريدة له، الاثنين، أنه «ليس لدى تركيا أي نية أو رغبة أو قدرة على إدارة احتجاز 60 ألف داعشي في معسكر الهول»، معتبراً أن «الاعتقاد بخلاف ذلك هو مـقامرة مُتهـورة على أمـننا القومي»، ولفت إلى أن «الولايات المتحدة لا تحتجز أي معتقل من داعـش. جمـيعهم محتجزون لدى قوات سـوريا الديمقراطية».