هبة محمد واسماعيل كايا
حتدمت المعارك بين الجيش التركي وقوات سوريا الديمقراطية «قسد» شرق الفرات في سوريا، حيث دارت اشتباكات عنيفة في محاولة قد تكون صعبة للغاية أمام «قسد» لصدّ القوات التركية في عمليتها التي أطلقت عليها تسمية «نبع السلام» شمال شرقي سوريا، غداة بدء أنقرة هجوماً واسعاً دفع بعشرات آلاف السكان إلى النزوح. ودخل الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية أطراف مدينتي تل أبيض ورأس العين في ريف الحسكة الشمال الغربي أمس الخميس، في حين تحدثت تقارير إعلامية عن السيطرة على حوالي عشر قرى في محيط المدينتين.
خلافات داخل مجلس الامن تعرقل إصدار بيان يطالب بوقف العملية… إسرائيل «تدين الاجتياح بشدة»… واردوغان يهاجم تصريحات السيسي
تزامناً حذرت منظمات إنسانية من أزمة إنسانية جديدة، فيما طالب الاعضاء الخمسة الاوروبيون في مجلس الامن الدولي في بيان أمس الخميس، «تركيا بوقف عملها العسكري الاحادي الجانب» في سوريا، وذلك إثر اجتماع طارىء ومغلق.
وقال دبلوماسيون إن الدول الاوروبية الخمس، فرنسا والمانيا وبلجيكا وبريطانيا وبولندا، لم تنجح حتى الآن في دفع جميع اعضاء المجلس للانضمام الى بيانها.
وأوضح أحد الدبلوماسيين أن الولايات المتحدة ستسعى لاحقا الى تأمين موقف مشترك في المجلس لكنها قد تصطدم بمعارضة روسية.
واورد البيان الاوروبي ان طلب وقف العملية التركية سببه «أننا لا نعتقد انها ستبدد القلق الأمني لتركيا»، مع تأكيده «القلق البالغ» لدى الاوروبيين حيال الهجوم التركي، ولكن من دون التنديد به.
وأكدت بريطانيا، الخميس، أن تركيا قدمت ضمانات تتعلق باحترام القانون الدولي الإنساني، ضمن عملية «نبع السلام»، جاء ذلك في تصريحات إعلامية أدلت بها المندوبة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، كارين بيرس، قبيل مشاركتها في جلسة مغلقة بمجلس الأمن الدولي، حول التطورات شمالي سوريا، وعملية «نبع السلام» التركية.
وقالت بيرس إن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، ونقل له مخاوف لندن الجدية إزاء العملية.
ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان لعقد اجتماع طارئ للتحالف الذي تشكل لقتال تنظيم الدولة الإسلامية لمناقشة هجوم تركيا على الفصائل الكردية في شمال سوريا.
وأضاف لو دريان لقناة تلفزيون فرانس 2 إن على التحالف، الذي يضم أكثر من 30 دولة، الاجتماع بأسرع ما يمكن لأن تنظيم الدولة الإسلامية قد يستغل تغير الأوضاع على الأرض.
وتابع لو دريان قائلا إن التحالف «في حاجة لأن يقول اليوم ما الذي سنفعله وما هي الطريقة التي تريد تركيا أن تمضي بها قدما وكيف نضمن أمن المناطق التي يُحتجز بها المقاتلون؟ يجب طرح كل الأمور على الطاولة حتى نكون واضحين».
ودخل الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية أطراف مدينة رأس العين في ريف الحسكة الشمال الغربي أمس الخميس .
وقال قائد عسكري في الجيش الوطني التابع للجيش السوري الحر: «دخل الجيش الوطني السوري وفصائل المنطقة الصناعية غرب مدينة رأس العين ومحطة محروقات المطر، ووصلت القوات الى أطراف سوق الهال / الخضار غرب المدينة، بعد السيطرة على قرية تل حلاف /حوالي 3 كيلومترات غرب مدينة رأس العين».
وقتل أربعة أشخاص، وأصيب 70 شخصاً جراء سقوط قذيفة هاون أطلقتها ميليشيات كردية سورية على مدينتين تركيتين حدوديتين، في اليوم الثاني من عملية عسكرية تشنها أنقرة في شمال شرق سوريا، حسب السلطات التركية. فقد قتل رضيع سوري، في شهره التاسع، وموظف حكومي، في حين أصيب 46 شخصاً عقب هجمات «صاروخية وبقذائف هاون» استهدفت منطقتي أقجه قلعة وجيلان بينار في ولاية شانلي أورفة التركية، حسب بيان للولاية، وذلك في أول تأكيد رسمي للضحايا البشرية على الجانب التركي.
وتسبب إطلاق نار عبر الحدود في مقتل ثلاثة آخرين في منطقة نصيبين في ولاية ماردين، التي تقع على بعد نحو 200 كيلومتر إلى شرق شانلي أورفة، بحسب بيان للولاية. وتدور اشتباكات عنيفة منذ أمس على محاور عدة في شمال شرقي سوريا، تتركز في منطقتي رأس العين في ريف الحسكة الشمالي وتل أبيض في ريف الرقة الشمالي، وفق ما أفادت قوات سوريا الديمقراطية والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وحسب الإعلام التركي متمثلاً والجيش السوري الوطني فقد سيطر الجيش التركي على 11 قرية وبلدة، شمال شرقي سوريا، بعد يومين من بدء عمليات «نبع السلام» ضد وحدات الحماية الكردية، وإثر قصف جوي وبري عنيف على مواقع «قسد» على طول الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ الأربعاء مقتل تسعة مدنيين و23 عنصراً من قوات سوريا الديمقراطية جراء الهجوم. في الجانب التركي، خلف القصف أربعة قتلى مدنيين، بينهم طفل سوري، الخميس، في قذائف اتهم التلفزيون التركي مقاتلين أكراداً بإطلاقها على الجانب التركي الحدودي.
وأسفر الهجوم منذ الأربعاء عن حركة نزوح واسعة، وأحصى المرصد فرار أكثر من 60 ألف مدني من مناطق حدودية في اتجاه مدينة الحسكة جنوباً ومحيطها.
القيادي في الجيش الوطني مصطفى سيجري قال لـ»القدس العربي» إن «الجيش دخل شمال شرقي سوريا»، مؤكداً أن العملية العسكرية «مستمرة براً وجواً وبنجاح، ولفت الى أن عملية «نبع السلام عسكرية لا تستهدف المكون الكردي الأصيل في سوريا، إنما حزب العمال الكردستاني وأدواته الانفصالية في سوريا».
وهاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الدول التي وجهت انتقادات حادة لعملية «نبع السلام» ومنها السعودية والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهدد أوروبا مجدداً بملف اللاجئين. ورد أردوغان على بيان لوزارة الخارجية السعودية انتقد بشدة العملية العسكرية التركية في سوريا ووصفها بـ»الغزو». وقال الرئيس التركي في خطاب أمام مسؤولي الحزب الحاكم، أمس: «اقول للسعودية: انظري بالمرآة، ماذا عن الوضع في اليمن؟ من أوصل اليمن لهذه الحال؟ قدموا حساب ذلك… من قام بذلك في اليمن لا يمكنه التلفظ بحق تركيا».
ورد على مصر أيضاً بالقول: «(رئيس النظام) في مصر على الأخص لا يحق له الكلام أبداً، فهو قاتل الديمقراطية في بلاده». كما هدد أردوغان الاتحاد الأوروبي بشكل مباشر بفتح الحدود أمام اللاجئين السوريين من أجل الوصول إلى أوروبا، وقال للأوروبيين «أنتم لستم صادقين».
وتراوحت ردود الفعل العربية والعالمية على العملية التركية بين استدعاء السفير، وأخرى تتفهم المخاوف التركية الأمنية. فقد دعت إيران الخميس إلى «وقف فوري» للهجوم التركي. واستدعت إيطاليا كذلك السفير التركي في روما، ودعت وزارة الخارجية مجدداً «لوقف أي عمل أحادي الجانب».
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو أن إسرائيل «تدين بشدة» «غزو تركيا» للمناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا، محذرا من «تطهير عرقي» للأكراد. وكان لافتاً ان الإعلام السعودي والإماراتي والبحريني وكذلك المصري استعمل التعبير نفسه «الغزو التركي». وطالب الأردن بوقف «الغزو التركي»، معبراً عن إدانته لكل «عدوان» يهدد وحدة سوريا وذلك في تغريدة على تويتر لوزير الخارجية أيمن الصفدي. ودان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «العدوان التركي» على الأراضي السوريّة.
من جهته أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده تتفهم مخاوف تركيا الأمنية، وقال لافروف «سندافع من الآن فصاعداً عن ضرورة إجراء حوار بين تركيا وسوريا». وقال الأمين العام المساعد للجامعة العربيّة حسام زكي في بيان، إنّه تقرَّر عقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجيّة العرب غداً السّبت.
وحض الأمين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ تركيا على التحلي بـ»ضبط النفس»، لكنه أقر في الوقت نفسه بوجود «قلق أمني مشروع» لدى أنقرة. وأقر أمام البرلمان الأوروبي أن لدى تركيا «قلقا أمنيا» على طول الحدود، لكنه حذر من ان الأعمال العسكرية لن تؤدي إلى «نتائج جيدة»، مشيرا الى أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لوقف النزاع السوري، حسب وكالات الأنباء. ودعت الصين الخميس الى احترام سيادة سوريا.
من جهته قال جاويش أوغلو إن بلاده سترد إذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات بسبب تدخل جيشها في شمال شرق سوريا لاستهداف المقاتلين الأكراد المدعومين من واشنطن. وقد تواجه أنقرة عقوبات، بموجب مقترحات قدمها السيناتور الجمهوري لينزي غرهام وأحد زملائه الديمقراطيين، تستهدف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكبار المسؤولين.