اسماعيل كايا / اسطنبول
بعد توقف عملية “نبع السلام” العسكرية التركية شرقي نهر الفرات شمالي سوريا، تتجه كافة الأنظار حالياً إلى اللقاء المرتقب بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغانونظيره الروسي فلاديمير بوتين والمتوقع أن يحسم مصير منطقتي منبج وعين العرباللتان باتتا تحت السيطرة المشتركة لروسيا والنظام السوري بوجود الوحدات الكردية التي تطلب تركيا بطردها من تلك المناطق.
وتطالب تركيا روسيا والنظام السوري بطرد مسلحي وحدات حماية الشعب أو ما تسميها تركيا “تنظيم بي كا كا/ب ي د الإرهابي” من المناطق الواقعة في حدودالمنطقة الآمنة التي تنوي إقامتها شمالي سوريا وعلى رأسها منطقتي منبج غربي نهر الفرات، وعين العرب/كوباني شرقي النهر.
وأعلن أكثر من مسؤول تركي وعلى رأسهم أردوغان في أكثر من مناسبة أن تركيا لا يوجد لديها مشكلة في سيطرة النظام السوري على تلك المناطق ولكن بشرط محاربة الوحدات الكردية هناك وطردها وتدمير تحصيناتها، مهددة مجدداً بالخيار العسكري في حال الإبقاء على الوحدات الكردية في تلك المناطق.
ويبدو أن الحدود المباشرة للعملية العسكرية التركية في هذه المرحلة، وما تضمنه الاتفاق التركي الأمريكي الأخير، ينحصر في المنطقة الواقعة ما بين تل أبيض ورأس العين بطول قرابة 120 كيلومتر، وهي المنطقة التي بات يسيطر عليها الجيش التركي بشكل كامل عقب انسحاب الوحدات الكردية من آخر المناطق التي كانت تسيطر عليها في رأس العين بموجب الاتفاق التركي الأمريكي.
وما دون ذلك، تحولت باقي المناطق لا سيما منبج وعين العرب والقامشلي والحسكة وغيرها إلى مناطق واقعة تحت النفوذ الروسي بعدما خرجت عن إطار النفوذ الأمريكي في ظل تواصل الانسحاب الأمريكي من تلك المناطق، وعقب الاتفاق الموقع بين الوحدات الكردية والنظام برعاية روسية.
وأعلن أردوغان أن مباحثاته المقررة الثلاثاء مع بوتين في منتجع سوتشي سوف تتركز حول المناطق الواقعة في إطار المنطقة الآمنة، وعبر عن أمله في أن يتم التوصل إلى اتفاق تتعهد روسيا بموجبه بطرد الوحدات الكردية من التي تسيطر عليها قرب الحدود التركية.
ولكن مصادر تركية عبرت عن خشيتها من أن موسكو تستعد لوضع لشروط لتنفيذ المطالب التركية، حيث تشير التكهنات إلى أن الجانب الروسي سوف يقايض تركيا على ضرورة التحرك المباشر وتنفيذ تعهداتها السابقة بالقضاء على هيئة تحرير الشام في إدلب مقابل قيام روسيا بخطوة مشابهة ضد الوحدات الكردية في عين العرب ومنبج.
ويتوقع أن يتوصل الجانبان الروسي والتركي لاتفاق في هذا الإطار، كون أنقرة تعهدت سابقاً بالقضاء على “العناصر المتشددة” في إدلب، ولكن روسيا هذه المرة ستكون بحاجة على خطوات عملية وليس مجرد تعهدات، وهو ما يعني أن تركيا ستكون مستعدة لبدء عمل عسكري مباشر او من خلال فصائل المعارضة السورية “الجيش الوطني السوري” ضد الهيئة التي تسيطر على إدلب.
وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو لفت، الأحد، إلى أن بلاده تتعاون مع موسكو بخصوص المسألة السورية، وقال: “تركيا وروسيا توليان اهتماما لوحدة الحدود السورية، ومحادثات الثلاثاء ستتمحور حول إخراج عناصر ي ب ك/ بي كا كا” من مناطق مثل مدينتي منبج وعين العرب”، وأضاف: “النظام السوري لديه حاليا تعاون مع التنظيم رغم أنه يُقر أن التنظيم المذكور إرهابي”.
وفي وقت سابق، قال أردوغان: “سنبحث الثلاثاء في سوتشي مع السيد بوتين الجوانب التي تخص روسيا والنظام (فيما يتعلق بالمنطقة الآمنة بسوريا)”، مضيفاً: “أنشطة قوات روسيا والنظام السوري في مناطق عين العرب ومنبج والقامشلي تتضارب مع (خطة) المنطقة الآمنة”، لافتاً إلى أن “هناك مشاكل تحدث في إدلب بين الفينة والأخرى”.
واعتبر أردوغان أن هدف بلاده هو “التوصل مع روسيا إلى اتفاق معقول ومقبول من قبل الجميع، بشأن هذه القضايا”، موضحاً “شرطنا الوحيد تطهير المناطق التي يتواجد فيها النظام السوري من إرهابيي تنظيم ي ب ك/بي كا كا. ولسوء الحظ، لم يحدث ذلك في تل رفعت (شمال حلب)”.
المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالين وصف لقاء أردوغان بوتين بأنه “بالغ الأهمية”، وقال لوكالة الأنباء الفرنسية: “نعتقد أن الاتفاق الذي أبرمناه مع الأميركيين والتفاهمات التي سنتوصل إليها مع الروس ستساهم في المضي قدماً في العملية السياسية” بهدف التوصل إلى تسوية للنزاع عن طريق التفاوض.