اسماعيل كايا / اسنبطول
بدأ عدد كبير من المقيمين العرب في تركيا بموجب ما تعرف بـ«الإقامة السياحية» بالبحث عن خيارات وبدائل للحصول على إقامة قانونية في البلاد أو البحث عن دولة أخرى للانتقال إليها قبيل دخول الإجراءات التركية الجديدة حيز التنفيذ بداية العام المقبل.
ومن شائعات إلى تسريبات إلى قرارات رسمية، أعلنت تركيا في الأيام الأخيرة عن تشديد إجراءات منح الإقامة السياحية التي يقيم بموجبها مئات آلاف العرب وربما أكثر في الأراضي التركية منذ سنوات طويلة، على أن يبدأ تطبيق هذه الإجراءات بشكل رسمي في الأول من يناير/كانون ثاني من العام المقبل.
والثلاثاء، نشرت دائرة الهجرة التركية -الجهة الرسمية التي تمنح الإقامات للأجانب- أنه لن يتم تجديد الإقامات السياحية للأجانب إلا في حال وجود «مبررات مقنعة»، فيما علمت «القدس العربي» أن دائرة الهجرة بدأت خلال الساعات الماضية إرسال رسائل نصية تبلغ فيها أصحاب إقامات سياحية بعدم تجديدها عقب انتهاء المدة الممنوحة لهم. هذه الإجراءات زادت من حالة الخوف والقلق التي تنتاب المقيمين العرب بموجب هذا النوع من الإقامات، حيث باشر الكثير منهم البحث عن الخيارات الممكنة للتعامل مع هذا الأمر.
وبينما ركّز جانب منهم بالبحث عن الطرق التي يمكن من خلالها الحصول على نوع آخر من الإقامات في تركيا كإقامة العمل، أو الدراسة أو العقار، بدأ آخرون بالبحث في خيارات العودة إلى بلدانهم الأصلية أو الانتقال للعيش في بلد ثالث.
ومن أبرز المشكلات التي يوجهها المقيمون العرب عدم وجود تفسير واضح حتى الآن لـ«المبررات المقنعة» التي يشترط تقديمها لتجديد الإقامة السياحية، لكنهم يجدون أنفسهم مضطرين للبحث عن البدائل قبيل رفض طلبات تجديد إقاماتهم حتى لا يصدر بحقهم قرار بضرورة مغادرة البلاد. وتتفاوت الخيارات المتاحة للحصول على إقامة أخرى حسب الإمكانيات المالية لكل شخص، فمن يمتلك مبلغ 250 ألف دولار يمكنه شراء عقار والحصول على الجنسية التركية، ومن يمتلك مبلغاً يتراوح ما بين 50 إلى 100 ألف دولار يمكنه شراء عقار صغير للحصول على «إقامة طابو»، بينما يتاح للشباب الحصول على إقامة طالب في حال الالتحاق بمعهد لغة أو جامعة تركية، أو الحصول على «إقامة عمل» بطرق مختلفة ولكن بتكاليف عالية جداً.
وفي الوقت الذي تبدو فيه كافة الخيارات السابقة شبه مستحيلة لشريحة واسعة من الشبان والعائلات ذوي الوضع الاقتصادي والدخل المادي المحدود، فإن هذه الشريحة باشرت البحث عن خيارات للعودة إلى بلدانهم الأصلية. واطلعنا على قصص عدد من الشبان الفلسطينيين الذين وصلوا إلى تركيا للعمل وقد عادوا خلال الأيام الماضية بالفعل إلى قطاع غزة بعدما تيقنوا من صعوبة الاستمرار بالعمل والإقامة في ظل تشديد إجراءات منح الإقامة وما سبقها من تشديد على قانون العمل المتعلق بالأجانب.
كما بدأ عدد من الشبان العرب ذوي الدخل الأفضل بمحاولة استصدار إقامات عمل لتجنب فقدانهم حق الإقامة بموجب الإقامة السياحية، حيث يسعون للحصول من خلال شركات وسيطة على إقامات عمل بتكاليف شهرية قد تصل إلى 500 دولار يتحملونها هم، في ظل رفض أصحاب العمل القيام بهذه الإجراءات وتحمل تكاليفها.
إلى جانب ذلك، بدأ الكثير من أصحاب المشاريع العربية في تركيا بإعادة تقييم أعمالهم والبحث عن آليات تصحيح أوضاعهم القانونية واستصدار إقامات عمل للعاملين لديهم، الأمر الذي يتطلب دفع تكاليف ضريبة وتأمينات عالية يقول معظمهم إنهم لن يمكنوا من دفعها وبالتالي فإنهم يخشون عدم قدرتهم على الاستمرار خلال الفترة المقبلة ما لم تمنحهم الحكومة التركية تسهيلات وإعفاءات.
وتبدو الهجرة إلى أوروبا خياراً آخر لشبان وعائلات عربية يخشون فقدانهم حق الإقامة في تركيا خلال الفترة المقبلة، حيث بدأ البعض منهم بترتيبات لمحاولة الهجرة إلى أوروبا بحراً أو براً، لكن ظروف فصل الشتاء وحجم المخاطر التي ترافق الهجرة بحراً والتكاليف العالية للهجرة براً تعيق توجهات الكثير من هؤلاء.
ويجري الحديث عن إمكانية منح استثناءات لشرائح مختلفة لكن دون تأكيدات رسمية بعد، حيث يتوقع أن يحصل السوريون من ذوي الإقامات السياحية على إعفاء من هذا القرار، إلى جانب مواطني دول تشهد حروباً كاليمن وليبيا وغيرها، على أن يتم ذلك من خلال استصدار بطاقات جديدة تتعلق بـ«اللجوء المؤقت» أو «الحماية الاستثنائية»، وهي إجراءات لم تكشف تفاصيلها بشكل دقيق ورسمي بعد.