اسماعيل كايا / اسطنبول
وافقت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي، أمس الإثنين، على مقترح قانون للمصادقة على مذكرة التفاهم الأمنية والعسكرية التي وقعتها تركيا مع حكومة الوفاق الليبية، وهي خطوة تسبق تصويت الجمعية العامة للبرلمان على المذكرة التي ستمهد الأرضية القانونية لإرسال قوات من الجيش التركي إلى ليبيا «في حال طلبت طرابلس ذلك»، بحسب تأكيد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
وفي اجتماع مغلق استمر لأكثر من 4 ساعات، درست لجنة الخارجية في البرلمان التركي مقترح قانون الوثيقة التي تشمل التعاون في مجالات الأمن والتدريب العسكري والصناعات الدفاعية ومكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية واللوجستيات والخرائط والتخطيط العسكري، ونقل الخبرات وتأسيس مكتب تعاون دفاعي وأمني متبادل في حال طُلب ذلك.
ويتيح البند الأخير، حسب وسائل إعلام تركية، للحكومة التركية اتخاذ قرار بإرسال قوات إلى ليبيا دون العودة للبرلمان مجدداً، بحيث تعتبر المصادقة على هذه الوثيقة بمثابة منح إذن للحكومة التركية باتخاذ قرار إرسال قوات إلى ليبيا دون العودة إليه مجدداً.
ورغم أن هذا الاعتبار سوف يطيل من فترة النقاشات البرلمانية حول هذه الوثيقة، إلا أنه يتوقع في نهاية المطاف أن يصادق عليها البرلمان الذي وافق على وثيقة التفاهم الأخرى المتعلقة بترسيم الحدود البحرية بين البلدين بأغلبية كبيرة من معظم أحزاب المولاة والمعارضة التركية على حد سواء.
وفي 27 نوفمبر الماضي، وقّع اردوغان مذكرتَي تفاهم مع رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري، وتحديد مناطق الصلاحية البحرية. وبينما صادق البرلمان على المذكرة المتعلقة بتحديد مناطق الصلاحية البحرية بداية الشهر الجاري، يتوقع أن يصوت خلال الأيام المقبلة على الشق الآخر المتعلق بالتعاون العسكري والأمني، في المقابل أقر المجلس الرئاسي للحكومة الليبية المذكرتين، وهو ما يتمم الأرضية القانونية لدخولهما حيز التنفيذ.
وكان اردوغان استقبل السراج مجدداً مساء السبت في إسطنبول لبحث التفاهمات الأخيرة بين البلدين، وأعلنت أنقرة أنها ستسمح لليبيين ممن هم دون 16 عاما وفوق الخامسة والخمسين بدخول أراضيها من دون تأشيرات.
وجدد، الأحد، تأكيده عزم بلاده إرسال قوات إلى ليبيا إذا طلبت طرابلس ذلك، وقال في لقاء تلفزيوني: «سنتخذ الخطوات اللازمة إذا تلقينا دعوة أو طلباً من الجانب الليبي في هذا الإطار»، مضيفاً: «صرّحت في وقت سابق أيضًا أننا مستعدون لتقديم جميع أشكال الدعم لليبيا، والخطوات اللازمة نتخذها في إطار القانون الدولي» .
وشدد اردوغان على أن «السراج هو رئيس الوزراء الشرعي في ليبيا، أمّا خليفة حفتر فليس رئيساً أو رئيس وزراء شرعيا، بل هو صاحب كيان غير شرعي، ولا يوجد توافق دولي حوله»، معتبراً أن «هناك محاولات لفرض بعض الخطط في المتوسط، لكن أحبطنا هذا الأمر عبر خطوة مشروعة (الاتفاق مع ليبيا) تتضمن قلب وضع فرضته معاهدة سيفر» .
وفي سياق متصل، وصلت أول طائرة تركية إلى قاعدة عسكرية جوية في قبرص التركية «مطار غجيت قلعة»، خصصتها حكومة الجزيرة للقوات التركية من أجل استخدامها كقاعدة لطائرات بدون طيار الاستطلاعية والهجومية، والتي ستكثف طلعاتها الجوية شرقي البحر المتوسط الذي اشتد النزاع فيه بين العديد من الأطراف الدولية، لا سيما عقب الاتفاق التركي الليبي.
ونفذت، الإثنين، الطائرة التركية من طراز بيرقدار «تي بي 2» أول مهمة لها شرقي البحر المتوسط، عقب وصولها الى قبرص التركية، في خطوة تهدف إلى «حماية المصالح التركية في شرق المتوسط»، حسب ما كتب نائب الرئيس التركي فؤاد أُقطاي عبر تويتر.
وقالت وسائل إعلام تركية إن المطار الذي جرى تخصيصه للقوات التركية يتمتع بقدرات تقنية عالية، وهو يتوافق مع معايير حلف شمال الأطلسي «الناتو»، لافتةً إلى أنه يتمتع بمدارج طويلة وبرج مرتفع وحظائر أمنية متقدمة، مما يسمح بهبوط وإقلاع الطائرات العسكرية المختلفة.
واعتبر موقع «خبر 7» التركي أن تخصيص المطار سوف يمنح تركية أفضلية استراتيجية في شرق المتوسط، وسيكون مخصصا لمراقبة كافة التفاصيل والحدود البحرية في المنطقة، و»لن يسمح بمرور طائر بدون إذن تركيا»، حسب تعبير الموقع، الذي أشار إلى أن القاعدة سوف توفر لتركيا الكثير من الوقت والجهد والمال لمراقبة شرق المتوسط.
الخبير العسكري التركي «جوكن باشبواه» اعتبر أن تخصيص القاعدة العسكرية في قبرص لتركيا يحمل أهمية استراتيجية، لا سيما عقب بيع إسرائيل 6 طائرات استطلاع إلى قبرص اليونانية، لافتاً إلى أنها توفر طيرانا سريعا ومراقبة أقرب لشرق المتوسط.