يبدأ وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، الإثنين، سلسلة لقاءات مع زعماء أحزاب المعارضة التركية الممثلة في البرلمان التركي، وذلك في محاولة لإقناعها بالتصويت لصالح مذكرة إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا بموجب مذكرة التفاهم العسكرية التي جرى التوقيع عليها بين البلدين، حيث يتوقع عرض المذكرة للتصويت عليها في الجمعية العامة للبرلمان الذي سوف يستدعى من إجازته لعقد اجتماع طارئ بعد أن قرر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان تسريع خطوات تمرير المذكرة لاتخاذ قرار أسرع بإرسال قوات إلى ليبيا. وأكدت مصادر في حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، أن الوزير جاوش أوغلو سوف يلتقي زعيم الحزب كمال كلتشدار أوغلو في مقر رئاسة الحزب في العاصمة أنقرة، لإطلاعه على معلومات وتفاصيل حول مذكرة التفاهم العسكرية التي تم التوقيع عليها بين تركيا وليبيا، كما يتوقع أن تجري لقاءات أخرى مع زعيمة حزب الجيد ميرال أكشينار وعدد من رؤساء الأحزاب الأخرى.
هذه الخطوة جاءت بعدما كشفت مصادر تركية عن أن حزب العدالة والتنمية الحاكم بدأ العمل من أجل تقديم موعد تقديم مذكرة تفويض إرسال قوات تركية إلى ليبيا للبرلمان، حيث يتوقع أن يتم إرسال المذكرة إلى البرلمان التوقف عن العمل بسبب عطلة نهاية العام، اليوم الإثنين، بعد أن كان ذلك مقرراً في الثامن من شهر يناير/كانون الثاني المقبل.
وبغض النظر عما سيدور في هذه اللقاءات، لا يتوقع على الإطلاق أن يغير أكبر أحزاب المعارضة التركية من موقفه الرافض لإرسال قوات إلى ليبيا، حيث أكد زعيم الحزب أن نوابه سوف يصوتون ضد المذكرة، وقال كليتشدار أوغلو: «سوف نقول لا، لن نصوت بنعم على هذه المذكرة، هذه نتيجة للسياسة الخارجية الخاطئة التي سوف تعود بالضرر على تركيا، ماذا لنا في ليبيا لكي نذهب هناك، لا نريد أن تسيل دماء جنودنا في صحراء ليبيا». وعلى الرغم من أن كافة الأحزاب التركية، باستثناء حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، صوتوا بنعم على المصادقة على مذكرة ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، إلا أن أحزاب المعارضة جميعها صوتت ضد المصادقة على مذكرة التفاهم العسكرية مع ليبيا.
في سياق متصل، لم تعط زعيمة حزب الجيد ميرال أكشينار موقفاً قطعياً مع التصويت بنعم أو لا على مذكرة إرسال القوات إلى ليبيا، وقالت إنها سوف تجتمع مع مساعديها في رئاسة الحزب والمختصين في القضية وتتخذ قراراً في وقت لاحق، لافتةً إلى أنها شخصياً تقف ضد الزج بالجيش التركي في صراعات داخلية لدول أخرى.
إلى ذلك، يعتبر موقف حزب الشعوب الديمقراطي محسوماً دائماً بالتصويت بـ»لا» على أي مشروع قرار يعرضه الحزب الحاكم على البرلمان، وعليه يصبح من المؤكد أن حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي سوف يصوتان ضد المذكرة. كما يبقى موقف حزب الجيد الذي لم يحسم بعد، حيث يقف الحزب بين رغبته الدائمة بمعارضة أي مشروع تتقدم به الحكومة، والحفاظ على مواقفه القومية كونه حزباً منشقاً عن حزب الحركة القومية الذي يدعم كل ما يعتبر «مشروعاً قومياً» لأي حكومة تركية.
في المقابل، حسم حزب الحركة القومية المتحالف مع الحكومة موقفه بالإعلان عن دعمه الكامل لمذكرة إرسال قوات إلى ليبيا، حيث أكد زعيمه دولت بهتشيلي أن حزبه يدعم خطوة دعوة البرلمان لعقد جلسة طارئة يوم 2 يناير/كانون الثاني لمناقشة مذكرة التفويض، وأن أعضاء الحزب الـ49 في البرلمان التركي (من إجمالي 600) سيصوتون لصالح تمرير مذكرة التفويض، مشدداً على أن «ليبيا باتت حجر زاوية بالنسبة للأمن القومي التركي»، وأكد على أهمية «وضع حد للجنرال المتقاعد خليفة حفتر الدموي الظلامي الذي يعرض أمن ليبيا والمنطقة للخطر».
وفي ظل تأكيد معارضة حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي، وبغض النظر عن موقف حزب الجيد، فإن تأكيد دعم حزب الحركة القومية لحزب العدالة والتنمية الحاكم يكون كافياً لتمرير المذكرة، كون الحزبين يمتلكان أكثر من 50٪ من مقاعد البرلمان، وهو ما يضمن لهما تمرير مذكرة إرسال القوات بأصواتهم فقط، على غرار ما جرى في تمرير مذكرة التفاهم العسكرية.
وحسب تسريبات من الحزب الحاكم، يتوقع أن ترسل المذكرة للبرلمان الإثنين، على أن تبدأ رئاسة البرلمان بمناقشتها وإرسالها إلى اللجان المختصة تباعاً، على أن يتم استدعاء النواب كافة للتصويت في الجمعية العامة يوم الخميس المقبل، في جلسة يتوقع أن تشهد نقاشات حادة، لكنها سوف تنتهي بتمرير المذكرة.
والسبت، حذر وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو من أن الصراع الليبي يهدد بانزلاق البلاد إلى الفوضى، وبأن تصبح سوريا القادمة، وقال: «علينا القيام بكل ما يلزم لمنع انقسام ليبيا وانزلاقها إلى الفوضى، وهذا ما نفعله. الحكومة المشروعة هناك هي ما نتعامل معه».
والأحد، اعتبر وزير الدفاع التركي خلوصي أقار أن الاتفاقيات المبرمة مع ليبيا «هي حق سيادي ومستقل لكلا البلدين، وما يقع على عاتق الأطراف الأخرى هو فقط احترام القرارات الموقعة»، مضيفاً: «قواتنا المسلحة مستعدة لتولي المهام داخل وخارج البلاد من أجل حماية حقوق ومصالح بلادنا وشعبنا الأصيل»، وذلك تعقيباً على سؤال حول استعداد الجيش لإرسال قوات إلى ليبيا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قد أكد نية بلاده إرسال قوات إلى ليبيا، وقال: «يسألوننا عمّا إذا كنا سنرسل الجنود إلى ليبيا.. نحن نتجه إلى المكان الذي نُدعى إليه»، مضيفاً: «سنلبي دعوة ليبيا (لإرسال الجنود) بعد تمرير مذ كرة التفويض من البرلمان فور افتتاح جلساته».