اسماعيل كايا / اسطنبول
مرت ثلاث سنوات كاملة على آخر الهجمات الدموية لتنظيم “الدولة” على الأراضي التركية، وذلك بعدما فتح المواطن الأوزبكي عبد القادر ماشاريبوف النار على المحتفلين برأس السنة الميلادية في ملهى رينا على ساحل البوسفور في مدينة إسطنبول وأوقع 39 قتيلاً وعشرات الجرحى محولاً احتفالات رأس السنة إلى ليلة دامية للأتراك والسياح المحتفلين بهذه المناسبة بإسطنبول من كافة أرجاء العالم.
هذا الهجوم، كان باكورة سلسلة هجمات دامية نفذها تنظيم الدولة على الأراضي التركية وتركزت في إسطنبول أكبر محافظات تركيا وعاصمة السياحة في البلاد، موقعاً مئات القتلى والجرحى في هجمات طالت شارع الاستقلال ومنطقة سلطان أحمد وأخرى وسط العاصمة أنقرة، واستهدفت ضرب السياحة التي تعتبر أبرز أعمدة الاقتصاد التركي.
لكن هجوم ملهى رينا الذي وقف في الأول من يناير عام 2017 كان بمثابة آخر هجوم دموي للتنظيم على الأراضي التركية، حيث بدأت قدرة التنظيم على تنفيذ هذا النوع من الهجمات بالتراجع بشكل سريع، ومنذ ذلك التاريخ فشل التنظيم في تنفيذ هجمات من هذا القبيل بعدما تمكن قوات مكافحة الإرهاب التركية من إفشال العديد من الهجمات التي وصلت مراحل متقدمة في التخطيط والإعداد للتنفيذ.
وطوال هذه السنوات، لم تتراجع عزيمة السلطات التركية المختصة في ملاحقة كافة العناصر المشتبه بانتمائهم للتنظيم، حيث تجري حملات تتبع وملاحقة واعتقال بشكل شبه يومي ضد أي عناصر محلية أو أجنبية يشتبه أنها تنتهي إلى التنظيم أو تنوي تنفيذ هجمات، ووصل أعداد الموقوفين والمعتقلين والمرحلين إلى خارج البلاد خلال هذه السنوات إلى عشرات الآلاف.
وقبيل يوم واحد من انطلاق احتفالات رأس السنة، نفذت قوات الأمن التركية، الاثنين، حملات اعتقالات واسعة شملت أكثر من 100 مشتبه به في 6 ولايات تركية مختلفة وهي (أنقرة-قيصري-باطمان- صامسون- اضنة- بورصة)، أغلبهم من الأتراك والسوريين والعراقيين.
وعلى الرغم من توقيف مجموعات كانت في طور الإعداد لتنفيذ هجمات في السنوات الماضية، إلا أن مصادر تركية تؤكد أن معظم حملات التوقيف تكون “احترازية” وأن الموقوفين هم عناصر سابقة أو متأثرة بفكر التنظيم عادت من الأراضي السورية أو العراقية إلى تركيا من أجل الابتعاد عن مناطق النزاع والعيش بشكل طبيعي، لكن الخشية من عودة هذه العناصر إلى العمل المسلح تدفع السلطات التركية إلى ملاحقتهم بشكل دائم.
وفي حين أن التنظيم ما زال يمتلك القدرة على تجنيد او تفعيل استخدام عناصر سابقة في التنظيم سواء من الأتراك أو السوريين والعراقيين المقيمين غي تركيا، إلا أن قدرته على تهريب الأسلحة والمتفجرات من سوريا والعراق إلى داخل الأراضي التركية قد تراجعت بدرجة كبيرة وذلك بعدما انتهت تركيا من بناء جدار حدودي متطور على طول الحدود مع سوريا وشددت من إجراءاتها الأمنية على الحدود مع العراق، كما أن إنهاء بنية التنظيم الأساسية في سوريا والعراق وتراجع قوته بشكل عام أدى إلى ضعف قدراته بتنفيذ هجمات في تركيا وحول العالم.
كما ترى جهات تركية أن أجهزة الأمن باتت تمتلك خبرة أكثر بالتعامل مع التنظيم، وأن المخابرات التركية نجحت في اختراق التنظيم وتتبع خلاياه بشكل أقوى من السابق وذلك بعد سنوات من عمليات المكافحة واعتقال أعداد هائلة من المشتبه بهم الذين كشفت التحقيقات معهم عن كم هائل من المعلومات عن هيكلية التنظيم وآليات التجنيد وتحويل الأموال وإدخال الأسلحة والمتفجرات وغيرها من المعلومات المهمة.