اسماعيل كايا / اسطنبول
تتوقع مصادر سياسية وعسكرية تركية أن التوتر المتصاعد بين طهران وواشنطن على خلفية اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، سيشكل فرصة لأنقرة ويزيد من الأهمية الاستراتيجية لها بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية عسكرياً وسياسياً، ويضفي على موقعها أهمية استراتيجية أكبر.
وعلى الرغم من أن الموقف التركي الرافض للتصعيد الأمريكي والإدانة «الخجولة» لاغتيال سليماني، والخشية التركية الحقيقية من الآثار الصعبة لأي حرب أمريكية واسعة مع إيران، إلا أن أنقرة ترى في هذا التصعيد فرصة لتحقيق مكاسب في ملفات مختلفة، في ظل موقعها ومكانتها الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة في ظل هذه الأزمة.
مصادر تركية بينت أن الولايات المتحدة عادت لاستخدام الأجواء التركية والقواعد العسكرية التي تعمل بها القوات الأمريكية في تركيا بشكل نشط في الأيام الأخيرة، ولوحظت حركة كثيفة للطائرات الأمريكية في استخدام الأجواء التركية مع قرار واشنطن نقل أعداد كبيرة من قواتها إلى الشرق الأوسط.
وفي ظل احتمالات اندلاع مواجهة أوسع مع إيران، تتوقع تركيا أن يزيد اعتماد واشنطن على الأجواء التركية والقواعد التي تستخدمها القوات الأمريكية وعلى رأسها قاعدتا إنجيرليك وغورجيك اللتان هددت أنقرة بإغلاقهما مراراً في ظل تصاعد الخلافات مع واشنطن في الأشهر الأخيرة.
وبشكل عام، يتوقع أن تستغل أنقرة الحاجة الأمريكية المتزايدة لموقع تركيا الاستراتيجي وللقواعد العسكرية التي يستخدمها الجيش الأمريكي على الأراضي التركية من أجل تحقيق مكاسب أكبر، وتحويل هذا الملف إلى ورقة ضغط على الإدارة الأمريكية لتحقيق بعض المكاسب السياسية والعسكرية في المنطقة، وفيما يتعلق بالعلاقات بين البلدين.
وتأمل أنقرة أن يمنحها هذا الملف ورقة ضغط حقيقية على إدارة ترامب من أجل تزويدها بمنظومة باتريوت بشكل سريع دون اشتراط التخلي عن منظومة أس 400 الروسية، كما تأمل بإعادتها إلى برنامج صناعة وبيع طائرات أف 35 بعد أن طردت منه بسبب شرائها المنظومة الروسية، وعلى الرغم من أنها مطالب صعبة، إلا أنها تأمل أن تنجح في تحقيق مكاسب ولو جزئية في هذه الملفات.
ومن شأن تركيز الولايات المتحدة على إضعاف أذرع إيران في سوريا والعراق أن يصب في مصلحة تركيا التي تعارض التوسع الإيراني الخارجي لا سيما على حدودها مع سوريا والعراق، وستكون أنقرة الرابح الأكبر من تراجع نفوذ الحرس الثوري في البلدين.
وفي حال حصول نتائج عكسية، ونجاح إيران في مخططها للضغط على القوات الأمريكية لمغادرة سوريا والعراق خلال السنوات المقبلة، فإن ذلك من شأنه أن يصب في مصلحة أنقرة ببعض الجوانب لا سيما فيما يتعلق بإنهاء الحماية الأمريكية للوحدات الكردية في سوريا والعراق.
وفي ظل تزامن التوتر الأمريكي الإيراني مع إقرار البرلمان التركي مذكرة إرسال قوات إلى ليبيا، تأمل تركيا بأن تتمكن من الضغط على واشنطن بتوفير غطاء لها في مهمتها المقبلة في ليبيا، أو بالحد الأدنى عدم تصدر التكتل الدولي المعارض لهذه الخطوة التركية.
يضاف إلى كل ذلك أن أي تقليم للنفوذ الإيراني في المنطقة يصب في صالح تركيا التي تعتبر القوة الإقليمية الثانية إلى جانب إيران في المنطقة، حيث ستسعى تركيا لسد أي فراغ يمكن أن تجبر طهران على تركه للتفرغ لمواجهة الضغوط الأمريكية المتوقع تعاظمها خلال المرحلة المقبلة.
لكن إلى جانب كل هذه الفرص، ما زالت تركيا تخشى من النتائج الكارثية لأي مواجهة أوسع تتجاوز حدود تقليم نفوذ إيران الخارجي وتوسعها، لتتحول إلى حرب واسعة تعود عليها بنتائج سلبية كبيرة، أبرزها تحول إيران إلى سوريا جديدة على طول 300 كيلومتر من الحدود التركية الإيرانية، وتحمل حزمة جديدة من المشاكل السياسية والعسكرية والأمنية.