اسماعيل كايا / اسطنبول
اتفق الرئيسان التركي، رجب طيب اردوغان، والروسي، فلاديمير بوتين، على دعوة أطراف الحرب في ليبيا إلى وقف إطلاق نار يبدأ يوم الأحد المقبل، كما وعد الزعيمان بالعمل على إنجاح مؤتمر برلين الذي يجري الإعداد له للبحث في حل سياسي للأزمة الليبية.
وعقد اردوغان وبوتين جلستي مباحثات متتاليتين في إسطنبول على هامش مشاركتهما في حفل تدشين خط غاز السيل التركي الذي ينقل الغاز الروسي إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، وتركزت المباحثات حول الملف الليبي والتطورات في إدلب بسوريا، وصدر بيان رسمي بنتائج مباحثات الرئيسين اللذين تجنبا عقد مؤتمر صحافي على غير العادة.
وفي بيان مشترك، دعا الرئيسان إلى وقف إطلاق نار في ليبيا يبدأ يوم الأحد المقبل، وجاء في البيان: «ندعو جميع أطراف النزاع في ليبيا الى وقف العمليات القتالية في الساعة 00,00 من يوم 12 كانون الثاني/يناير وإعلان وقف دائم لإطلاق النار».
كما حث الرئيسان مختلف أطراف الأزمة الليبية إلى «الجلوس فوراً على طاولة المفاوضات بهدف وضع حد لمعاناة الشعب الليبي»، وبينما عبر الزعيمان عن استعدادهما للإسهام في نجاح عملية برلين الخاصة بدفع التسوية الليبية، دعا إلى ضرورة أن تكون هذه العملية شاملة وبمشاركة كل الأطراف الليبية ودول جوار ليبيا.
وتزامنت دعوة اردوغان بوتين لوقف إطلاق النار في ليبيا مع اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي برئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج في بروكسل، ولقاء حفتر مع رئيس الوزراء الإيطالي في روما، واجتماع وزراء خارجية مصر وفرنسا وإيطاليا وقبرص واليونان في القاهرة، لبحث الأزمة الليبية.
ولم يوضح البيان التركي الروسي ما إن كان البلدان قد توصلا إلى تفاهمات مع أطراف الأزمة في ليبيا من أجل الالتزام بوقف إطلاق النار في التاريخ المحدد، أم إنها مجرد دعوة منهما يمكن أن تتكلل بالنجاح ويمكن أن تفشل في ظل وجود داعمين رئيسيين آخرين لأطراف القتال في ليبيا.
وبينما تعتبر تركيا داعماً أساسياً لحكومة الوفاق في طرابلس وقادرة بسهولة على ضمان التزامها بأي اتفاق تتوصل إليه لوقف إطلاق النار، من غير المعروف ما إن كانت روسيا بمفردها قادرة على إلزام قوات الجنرال خليفة حفتر على الالتزام باتفاق من هذا القبيل لا سيما وأن حفتر يتلقى دعماً من أطراف مختلفة إلى جانب روسيا، أبرزها مصر والإمارات وفرنسا.
ومنذ أسابيع، تهاجم تركيا ما تقول إنها ميليشيات ومرتزقة روس يقدر عددهم بـ2500 مسلح يعملون ضمن «شركة فاغنر» الأمنية الروسية، والذين وصفهم الرئيس التركي بـ»المرتزقة» وطالب بإنهاء تدخل القوات الأجنبية في ليبيا، وذلك قبل إعلانه بدء قوات من الجيش التركي التوجه إلى طرابلس استجابة لدعوة من حكومة الوفاق وبموجب مذكرة التفاهم العسكرية التي جرى التوقيع عليها بين البلدين، وذلك رغم الانتقادات الروسية لقرار إرسال قوات تركية إلى ليبيا.
ورغم الاختلاف الكبير في مواقف الطرفين حول الأزمة الليبية، فإن اردوغان سوف ينسق مع بوتين وقف العمليات العسكرية ودعم الحل السياسي، فيما تقول وسائل إعلام تركية إن أنقرة تعول على إمكانية اقناع موسكو بوقف دعمها لحفتر مقابل تعهدات بضمان مصالحها في ليبيا.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاوش أوغلو، إن اردوغان وبوتين دعوا لوقف إطلاق نار في ليبيا يبدأ منتصف ليل الأحد، موضحاً أن اردوغان وبوتين «تبادلا وجهات النظر حول سوريا ووقف إطلاق النار بإدلب، والتوتر الأمريكي-الإيراني، والعراق، وليبيا».
وفي مؤتمر صحافي مع نظيره التركي، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن «اردوغان وبوتين شددا على أهمية مشاركة كافة الأطراف والدول المعنية بالملف الليبي في الجهود المبذولة لحل هذه الأزمة»، لافتاً إلى أن روسيا وتركيا ستواصلان الاتصالات عبر وزراء خارجية ودفاع البلدين «في الأيام المقبلة لتنسيق المواقف تجاه سبل التسوية الليبية».
وفي كلمته على هامش افتتاح مشروع السيل التركي، قال بوتين إن أنقرة وموسكو تسعيان لخفض التوترات في المنطقة، مضيفاً: «التعاون بين روسيا وتركيا يتطور خطوة خطوة في جميع المجالات، على الرغم من الوضع الصعب للغاية في العالم، ورغم أن بعض اللاعبين الدوليين يحاولون عرقلة تعاوننا على أساس المنفعة المتبادلة، فإن جهودنا مستمرة».
في المقابل، اعتبر اردوغان أن تركيا «لم ولن تسعى على الإطلاق وراء أي توتر إقليمي، وأي مشروع يقصي تركيا في شرق المتوسط غير قابل للتنفيذ من النواحي الاقتصادية والقانونية والدبلوماسية»، معتبراً أن الغاية الأساسية لبلاده من أعمال البحث والتنقيب عن الطاقة في المتوسط، هو «حماية مصالح تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية».