اسماعيل كايا / اسطنبول
تقود تركيا تحركاً دبلوماسياً نشطاً منذ أيام في محاولة لاحتواء التوتر الذي وصل ذروته، الأربعاء، بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران على أمل أن تنجح في البدء بوساطة بين البلدين تعيدهما إلى طاولة المفاوضات مجدداً متسلحة بمدى القبول الذي تتمتع به عند طرفي الأزمة.
وبينما أكدت الولايات المتحدة، الخميس، أنها “مستعدة للانخراط بدون شروط مسبقة في مفاوضات جادة” مع إيران، ترفض طهران التفاوض مجدداً على الاتفاق النووي، وتشترط رفع العقوبات بشكل كامل من أجل العودة إلى التزاماتها بموجب الاتفاق وبحث إمكانية التفاوض عليه مجدداً.
وبعد سلسلة من الاتصالات المتتالية على المستوى الدولي، زار وزير الخارجية التركي العاصمة العراقية بغداد في خطوة متقدمة للتواصل عن قرب مع بغداد التي كانت محور الأزمة بين البلدين، حيث قتل فيها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، فيما ردت طهران بقصف القواعد التي تتواجد فيها القوات الأمريكية في العراق.
وتتركز الجهود التركية في المرحلة الأولى على احتواء التصعيد الميداني بين البلدين، فعقب الضربة الإيرانية الرسمية، يسود اعتقاد عام بأن طهران سوف تبدأ مرحلة جديدة من الرد عبر المليشيات المدعومة من إيران في العراق، وهو ما يهدد بعودة مخاطر حصول نزاع واسع ستكون تركيا واحدة من أكثر الدول المتضررة منه.
وتضغط تركيا على طهران وبغداد من أجل العمل على ضبط المجموعات المسلحة في العراق لوقف هجماتها الصاروخية المتصاعدة ضد القواعد الأمريكية في العراق، والمنطقة الخضراء التي تضم السفارة الأمريكية، لنزع فتيل التوتر الأمني والعسكري تمهيداً للحديث عن وساطة للتوصل إلى حل سياسي بين البلدين، أو تخفيف التوتر بالحد الأدنى.
وتعول أنقرة بدرجة أساسية على أنها وسيط يمكن أن يكون مقبولاً للجانبين الإيراني والأمريكي، حيث تتمتع تركيا بعلاقات جيدة مع الجانبين، بالإضافة إلى الحكومة العراقية، إلى جانب أنها دولة جارة للعراق وإيران وتتشارك معهم في الكثير من المسائل الأمنية والعسكرية والسياسية وتتأثر بأي أحداث تشهدها البلدين.
إلى جانب ذلك، تعول أنقرة على دور روسي محتمل يدعمها في هذه المهمة، إذ جرى بحث الأمر خلال اللقاء الذي جرى بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في اسطنبول، الأربعاء، لا سيما وأن موسكو لديها قدرة عالية على الضغط على إيران.
وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو الذي زار بغداد، الخميس، والتقى نظيره العراقي محمد الحكيم، شدد على أن بلاده لا تريد للعراق أن يكون ساحة صراع بين القوى الأجنبية، معتبراً أن اغتيال سليمانيوقصف القواعد الأمريكية صعد التوتر في المنطقة داعياً إلى ضرورة احترام الجميع وحدة أراضي العراق وسيادته.
وأوضح أن “تركيا بقيادة أردوغان تبذل الجهود للحد من التوتر الراهن”، وقال “لقد بذلنا جهودا دبلوماسية مكثفة مع قادة الدول ووزراء الخارجية فيها وفي مقدمتهم إيران والولايات المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش”، مضيفاً “استقرار العراق وسلامته مهم بالنسبة إلينا؛ لذا سنواصل المساهمة في استقراره وفي مكافحته للإرهاب”.
كما أكد الوزير التركي أنه تناول مع الرئيس العراقي برهم صالح الخطوات التي يمكن الإقدام عليها من أجل الحد من التوتر في المنطقة، مضيفاً “أكدنا أن العراق ليس وحيداً في هذه الفترة الحرجة، قيمنا ما يمكن عمله معا للحد من التوتر في المنطقة، وشددنا على الأهمية التي نبديها لوحدة العراق واستقراره”.
من جهته، قال وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم إن “المباحثات أكدت على أهمية العمل لتخفيف حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران وتجنب المنطقة خطر أي حرب مدمرة، ستنعكس تداعياتها على العالم”.
وخلال الأيام الماضية، أجرى أردوغان اتصالات هاتفية مع رؤساء أمريكا دونالد ترامب، وإيران حسن روحاني، والعراق برهم صالح، تمحورت جميعها حول التصعيد الأخير وضرورة احتوائه عبر الطرق الدبلوماسية، كما هاتف مجدداً، مساء الخميس، المستشارة الألمانية إنغيلا ميركل حول نفس الموضوع.
وعقب لقاء أردوغان بوتين في اسطنبول، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن الرئيسين اتفقا على ضرورة التوصل إلى حل سلمي للتوتر المتصاعد في منطقة الخليج.