اسماعيل كايا / اسطنبول
تبادلت أنقرة والقاهرة استدعاء دبلوماسيين من البلدين على إثر أزمة دبلوماسية تتصاعد بين البلدين منذ الأربعاء وذلك بعدما اقتحمت قوات الأمن المصرية مكتب وكالة الأناضول التركية في العاصمة المصرية القاهرة واعتقلت 4 موظفين بينهم مواطن تركي، في حادثة صبت الزيت على نار الخلافات المتصاعدة بين البلدين بسبب الأزمة الليبية والخلافات حول الغاز في شرق البحر المتوسط.
وعلمت “القدس العربي” من مصدر في وكالة الأناضول أن حادثة اعتقال موظفي الوكالة في القاهرة جرت يوم الثلاثاء ولكن تم الإعلان عنها رسمياً يوم الأربعاء، وأوضح المصدر أن الوكالة فضلت إعطاء فرصة للجهود الحقوقية والدبلوماسية من أجل احتواء الحادثة والإفراج عن العاملين في الوكالة كونهم مسجلين رسمياً ويعملون بشكل قانوني وفي مكتب مسجل منذ سنوات، لكن وبعد رفض السلطات المصرية للاستجابة لأي محاولات لإغلاق ملف القضية، أعلنت الوكالة عما جرى يوم الأربعاء.
والخميس، قالت وسائل إعلام مصرية إن الخارجية المصرية قامت باستدعاء القائم بالأعمال التركي في القاهرة وأعربت له عن “الاستهجان الشديد للبيان الصادر مؤخرا عن الخارجية التركية، حول التدابير القانونية التي اتخذتها مصر” بحق من وصفتها مصر بأنها “خلية إلكترونية تركية غير شرعية”، في اتهام غير مسبوق لموظفي الوكالة المسجلين رسمياً ويعملون في مكتب الأناضول المرخص في القاهرة.
وشنت وسائل الإعلام المصرية حملة واسعة ضد موظفي الوكالة، وبعد أن وصفتهم الداخلية المصرية بأنهم “خلية إلكترونية تركية” وصف الإعلام الموظفين بأنهم “خلية إخوانية” و”خلية إرهابية” على الرغم من أنهم يعملون بشكل رسمي وعلني في مكتب مسجل للوكالة منذ سنوات وسط القاهرة.
ونشرت صحف تركية صوراً لكاميرات ودروع صحافية وأجهزة تسجيل خاصة بالصحافيين بالإضافة إلى كمامات وجه مخصصة للتغطية وقت الاحتجاجات واستخدام الغاز المسيل للدموع، ووصفتها بأنها “مضبوطات الخلية الإرهابية الإخوانية”، وهو ما أثار موجة عارمة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتبار أنها أجهزة تتواجد في كافة المكاتب الصحافية حول العالم.
ورجحت مصادر تركية ومصرية معارضة ، أن اقتحام مكتب ال الأناضول واعتقال موظفيها يأتي في إطار حملة واسعة للأمن المصري ضد المعارضين ووسائل الإعلام المختلفة قبيل حلول موعد ذكرى الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير الجاري، وهو أمر تقوم به السلطات المصرية في مثل هذا الوقت كل عام.
ونقل عن الناطق باسم الخارجية المصرية أحمد حافظ قوله إن “الخلية عملت تحت غطاء شركة أسستها عناصر لجماعة الإخوان الإرهابية بدعم من تركيا، لنشر معلومات مغلوطة ومفبركة حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والحقوقية في مصر، وإرسالها لأوكارها تركيا، سعياً لتشويه صورة البلاد على المستويين الداخلي والدولي”.
وكانت الخارجية التركية استدعت، الأربعاء، القائم بأعمال السفارة المصرية لدى أنقرة، على خلفية اعتقال موظفي الأناضول، حيث أبلغته إدانتها إثر توقيف الموظفين، وطلبت من السلطات المصرية إخلاء سبيلهم على الفور، واعتبرت أن “مداهمة قوات الأمن المصرية لمكتب وكالة الأناضول في القاهرة، وتوقيف بعض عامليه دون ذريعة، يعد تضييقاً وترهيباً ضد الصحافة التركية، وندينه بشدة”.
ومنذ عام 2013، تسير العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ومصر بشكل متبادل على مستوى قائم بالأعمال، على إثر تفجر الخلافات منذ الانقلاب على الرئيس السابق محمد مرسي، حيث ترفض تركيا الاعتراف بنظام السيسي وتتهم القاهرة أنقرة بدعم تنظيم الإخوان المسلمين واستضافة منصاتهم الإعلامية.
المدير العام لوكالة الأناضول شنول قازانجي، قال الخميس، إن مجموعة من الشرطة المصرية يرتدون الزي الرسمي وصلت مكتب (الأناضول) في القاهرة بواسطة حافلة صغيرة، وقامت بمصادرة هواتف الموظفين، وقطع شبكة الإنترنت عنهم، وكذلك تواصلهم بالعالم الخارجي، مضيفاً: “طلب محامينا الاطلاع على تفاصيل الحادثة، لكن لم يتم السماح له بذلك”.
وإلى جانب سلسلة من الإدانات أصدرتها الرئاسة التركية ووزارة الخارجية وعدد من المسؤولين والوزراء الأتراك، أصدرت العديد من وزارات الخارجية حول العالم ومنها وزارة الخارجية الأمريكية وتجمعات إعلامية ومنظمات حقوقية دولية إدانات للحادثة وطالبت السلطات المصرية باحترام حرية الصحافة، وإطلاق سراح المعتقلين.
من جهته، اعتبر حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية أن سلوك الحكومة المصرية تجاه تركيا غير مقبول، وأنها لا تتصرف وفق القانون، مؤكداً أن من حق تركيا الحصول على معلومات صحيحة وشفافة، ومشدداً على أن مزاعم مصر وسلوكها غير القانوني، لا يشرعن تصرفاتها تجاه تركيا.