استقبل الكيان الصهيوني خبر فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية على منافسه هيلاري كلينتون بالترحيب والاحتفاء، إذ تعامل المسؤولون الإسرئيليون مع الأمر على أنه فرصة ذهبية لدفع المصالح الصهيونية إلى الأمام وعلى مستويات غير مسبوقة، فبينما كانت ردود أفعال أغلب الدول محذرة من نتائج هذا الفوز، أعرب الجانب الإسرائيلي عن ثقته بالرئيس الأمريكي الجديد؛ لمواصلة تعزيز الحلف المميز بين الجانبين.
وجاءت تهنئة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لتعبر في مضمونها عن أن ترامب صديق حقيقي للكيان الصهيوني، وسيعمل على مصلحته وتعزيز نفوذه في الشرق الأوسط في مواجهة العرب والفلسطينيين الذين يحاولون انتزاع حقوقهم بأي طريقة كانت. وقال مكتب نتانياهو إن رئيس الوزراء أكد في برقيته “أهنئ الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.. إنه صديق حقيقي لإسرائيل”، مؤكدًا “سنعمل معًا من أجل دفع الأمن والاستقرار والسلام في منطقتنا قدمًا”.
وأضاف نتانياهو أن “العلاقة المتينة بين الولايات المتحدة وإسرائيل مبنية على قيم ومصالح مشتركة وعلى مصير مشترك”، مؤكدًا ثقته بأن “الرئيس المنتخب ترامب سيواصل تعزيز التحالف الفريد القائم بين إسرائيل والولايات المتحدة، وسنقوده إلى قمم جديدة”.
وفتح فوز ترامب شهية المسؤولين الإسرائيليين للمطالبة بتغيير ما على الأرض فيما يخص مستقبل الوضع الفلسطيني، حيث دعت وزيرة العدل الصهيونية إيليت شاكد، وهي من حزب “البيت اليهودي”، ترامب إلى الوفاء بوعده بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في خروج عن سياسة الإدارات الأمريكية المتعاقبة، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية، كما دعت تسيبي هوتوفلي نائبة وزير الخارجية، وهي من حزب “الليكود” الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس بلدية القدس نير بركات، إلى نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس، كما طالبت وسائل إعلام إسرائيلية ترامب بتنفيذ وعوده بالاعتراف بالمستوطنات وإلغاء اتفاقية النووي مع إيران.
واستكمالًا للتوقعات الإسرائيلية فيما يخص القضية الفلسطينية في عهد ترامب بعد فوزه بالانتخابات، أكد وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت أن فكرة الدولة الفلسطينية انتهت بعد انتخاب ترامب، داعيًا اسرائيل إلى التراجع عن فكرة إقامة دولة لفلسطين، ووفق رؤية بينيت زعيم حزب “البيت اليهودي” المتطرف فإن “فوز ترامب يشكل فرصة لإسرائيل للتخلي فورًا عن فكرة إقامة دولة فلسطينية”، وأضاف “هذا هو موقف الرئيس المنتخب.. انتهى عهد الدولة الفلسطينية”.
وفي محاولة لفهم الفرحة الصهيونية العارمة بانتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، أكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الصهيونية أن لدى المسؤولين الإسرائيليين وخاصة اليمين منهم كل الأسباب لإعلان هذه الفرحة، بداية من ترشيح هونيوت غينغريتش لمنصب وزير الخارجية في إدارة ترامب، وهو قريب جدًّا لتولي هذا المنصب، وهو الذي ادعى في وقت سابق أنه لا وجود للشعب الفلسطيني، مرورًا بوجود مرشح آخر لترامب في الخارجية الأمريكية، وهو جون بولتن، الذي يعارض بشكل واسع الاتفاق النووي مع إيران، ويؤيد هجومًا عسكريًّا ضدها.
وعلى الجانب الأهم يوجد مرشح لقيادة البنتاجون، هو رئيس بلدية نيويورك السابق، رودي (رودولف) جولياني، الذي إذا عين كما هو متوقع وزيرًا للدفاع، فسيكون أحد أكبر «أصدقاء الكيان الصهيوني ممن تولوا هذا المنصب في الإدارات الأمريكية المتعاقبة».
كما قد تكون وعود ترامب الواسعة للكيان الصهيوني خلال فترة المنافسة على منصب الرئاسة الأمريكية هي التي أشعلت الترحيبات والتهنئيات عند إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية، فبالإضافة إلى تعهده بأنه سيتخذ قرارًا بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، أكد في تعهدات سابقة أنه سيكون الرئيس الأمريكى الأكثر صداقة للكيان الصهيوني، مضيفًا أنه يطمح لبلورة اتفاق سلام، فيما يتفق مع الشروط الإسرائيلية الخاصة بالمفاوضات.
وحول الاتفاق النووى الإيرانى، زعم “ترامب” أنه الاتفاق الأسوأ بالنسبة لإسرائيل، موضحًا أن طهران ستحصل بموجب الاتفاق على 150 مليار دولار من أموالها المجمدة، موضحًا أنه من أغرب البنود إمكانية الهجوم على إسرائيل فى حال ما إذا قامت تل أبيب بقصف المنشآت النووية، واصفًا ذلك البند بـ”الوقاحة”.
كما تعهد بدعمه لإسرائيل فى مواصلة بناء المستوطنات بالأراضى الفلسطينية، وقال ترامب خلال رسالة سابقة له “أنا أعارض الدعوة إلى تجميد البناء بالمستوطنات كشرط مسبق لإتاحة المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين”، كما تبني دعوة لزيادة المساعدات العسكرية لإسرائيل في إطار الحفاظ على أمنها، لدرجة أنه اعتبر الهجمات التى تتعرضها لها دولة الاحتلال بمثابة الهجوم على الولايات المتحدة الأمريكية .
ولكن في إطار الضغط الصهيوني على ترامب أفردت صحف صهيونية صفحاتها لتحقيق هذه الوعود، فقالت “يديعوت أحرونوت: «إن الكثير من الإسرائيليين يعرفون جيدًا الرئيس الأمريكي الجديد، ويرونه الرجل الأكثر دعمًا لتل أبيب، فلديه علاقات مع رجال أعمال إسرائيليين وبالأخص في مجال العقارات”، مضيفة أنه بالرغم من أن ترامب محاط بالكثير من اليهود، والعديد من أصدقائه أيضًا من اليهود، وربما المقرب جدًّا له هو صهره (جارد كوشنير) زوج ابنته إيفينكا، والذي من شأنه لعب دور هام جدًّا في العلاقة بين ترامب ونتنياهو رئيس وزراء الاحتلال، إلا أنه رغم كل ذلك تتوقع الصحيفة أن هذه الوعود ما هي إلا حبر على ورق، مشيرة إلى أنه فيما يتعلق بمواقفه من ملفات المنطقة، فالكل يعلم مواقفه المؤيدة للكيان الصهيوني في الملف الفلسطيني، ولكنه لا يمكن أن يتنبأ برؤيته حيال الشرق الأوسط.
ووفق خبراء إسرائيلين فإن هناك أسئلة مطروحة على ترامب حول كيفية تصرفه في ملفات الشرق الأوسط.. هل سيطلق الملف السوري لروسيا؟ وكيف سيتعامل أيضًا مع الاتفاق النووي الإيراني رغم تصريحاته الرافضة له؟ مشيرين إلى أن ترامب المرشح للرئاسة ليس بالضرورة هو نفسه ترامب الرئيس».
وبعيدًا عن كل هذه الأسئلة فمن الواضح أن فوز ترامب بالرئاسة سيكون له تأثيرات سلبية على القضية الفلسطينية، نظرًا لميله الواضح لليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يحكم دولة الاحتلال حاليًّا، وعلى الرغم من عدم اهتمام الشارع الفلسطيني كثيرًا بمن سيكون سيد البيت الأبيض الجديد، خاصة وأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية هي علاقة مؤسساتية لا يؤثر عليها الأشخاص كثيرًا، إلا أن فوز ترامب يعني أن القضية الفلسطينية مقدمة على مواجهة حتمية مع الإدارة الأمريكية الجديدة ومع الحكومة الإسرائيلية، التي رأى متطرفوها أن فوز ترامب هو فوز لليمين الإسرائيلي المتطرف، وهو ما عبرت عنه الأصوات الإسرائيلية المتطرفه كما ذكرنا في السطور السابقة.