لم تكن إسبانيا تقدر حجم الضرر الناتج عن كشف إدخال إبراهيم غالي إلى أراضيها. هذا يعني أن أجهزة الطرفين الجزائري والإسباني مخترقة، في تقدير أول من طرف الأجهزة المغربية، وفي تقدير ثاني من أحد الأجهزة الكبرى لدولة صديقة للمغرب، قد تكون فرنسا وقد تكون الولايات المتحدة الأمريكية.
ورغم اعتراض وزير الداخلية الإسباني على إدخال زعيم بوليساريو بهوية محمد بن بطوش إلى التراب الإسباني، لأن الأمر يمس في العمق اختصاصه الأمني الذي عبر أجهزة الكشف الجديدة في المطارات الإسبانية لن تستطيع أي عملية تزوير أو إخفاء أن تحتال عليها، حتى لو تعلق الأمر بـ”رئيس جمهورية الواقواق”، فإن وزارة الخارجية تبنت القضية باعتبارها طرفا في الصفقة إلى جانب الجزائر.
وعلينا أن نفهم تصريح وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا، الثلاثاء الماضي، حين قال: “إن مدريد والرباط شريكان مهمان وتربطهما علاقات أخوية”، أبعد من كونها محاولة للتخفيف من حدة التوتر الذي تفاقم بين المغرب وإسبانيا، وعلى أنه تسجيل موقف داخلي وتحلل من أي مسؤولية في ما حدث.
وهنا لعب المغرب بذكاء في نقل الأزمة إلى الداخل الإسباني، إذ تحولت قضية إيواء “إبراهيم غالي” إلى حصان طروادة للمعارضة، وفي مقدمتها الحزب الشعبي الإسباني الذي طلب من حكومة بلاده تقديم توضيحات بشأن الدخول غير القانوني وبهوية مزورة لإبراهيم غالي إلى إسبانيا. وهاجم رئيس الحزب بابلو كاسادو الحكومة المركزية في مدريد، التي اتهمها بـ”التضحية بالعلاقات مع شريك اقتصادي وتجاري مهم لإسبانيا”.. هكذا أصبح جسد إبراهيم غالي مكلفا للسياسة الخارجية الإسبانية، وسلاحا بيد المعارضة، توخز به جراح حكومة شانيز.