استنكر الجيش الجزائري، السبت 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 دعوات سابقة إلى تدخله من أجل عزل رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة بسبب المرض، وما وصفه بمحاولات “يائسة” لضرب وحدة القوات المسلحة، محذراً ممن وصفهم بـ”المصطادين في المياه العكرة”.
جاء ذلك في مقال نشرته “مجلة الجيش”، لسان حال المؤسسة العسكرية في عددها لشهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، والصادر مساء السبت.
ويأتي المقال بعد بضعة أيام من عودة بوتفليقة (79 عاماً) الذي تعرض عام 2013 لجلطة دماغية، إلى الجزائر الثلاثاء الماضي، بعد رحلة علاجية لنحو أسبوع بفرنسا.
حسابات شخصية
وذكر المقال الذي حمل عنوان “الجيش الوطني الشعبي.. وفاء للمهام الدستورية”، أنه “بالأمس القريب تعالت أصوات تدفعها مصالح ضيقة وحسابات شخصية، تطالب الجيش علناً بالإخلال بالدستور والقانون ليتسنى لها تحقيق ما عجزت عن تحقيقه بالطرق الدستورية والقانونية والديمقراطية”.
ولم يوضح المقال هوية هذه الأطراف وطبيعة مطالبها للجيش، لكن معلوم أن عدداً من الأحزاب والشخصيات المعارضة أطلقت عامي 2013 و2014 دعوات للجيش للتدخل من أجل عزل بوتفليقة بعد تعرضه لجلطة دماغية.
وفي أبريل/نيسان 2013، تعرض الرئيس الجزائري لجلطة دماغية نقل على إثرها للعلاج بمستشفى “فال دوغراس” بباريس.
وبعد عودته للبلاد في يوليو/تموز من السنة نفسها مارس بوتفليقة مهامه في شكل قرارات ورسائل ولقاءات مع كبار المسؤولين في الدولة وضيوف أجانب يبثها التلفزيون الرسمي دون الظهور في نشاط ميداني يتطلب جهداً بدنياً بحكم أنه ما زال يتنقل على كرسي متحرك.
كما ترشح الرئيس الجزائري عام 2014 لولاية رابعة من خمس سنوات وفاز في الاقتراع بنسبة 82% من الأصوات.
المصطادون في الماء العكر
وحذرت المؤسسة العسكرية الجزائرية بشكل غير مسبوق، ممن وصفتهم بـ”المصطادين في المياه العكرة”.
وجاء في مقال مجلة الجيش: “بعد فشل هذه الأطراف في تحقيق محاولاتها اليائسة (تدخل الجيش لعزل بوتفليقة)، فقد اهتدت هذه الأطراف التي تميل دائماً إلى الاصطياد في المياه العكرة، إلى التعبير عن تخيلاتها وتمنياتها وأوهامها بخلق ونسج قصص خيالية تمس بمصداقية ووحدة الجيش الوطني الشعبي وانضباطه والتزامه بأداء مهامه الدستورية”.
وتابعت: “ففي الوقت الذي تتعالى فيه بعض الأبواق التي يستهويها التطاول وزرع بذور التفرقة من حين إلى آخر يواصل الجيش الوطني الشعبي تنفيذ مهامه الدستورية بكل عزيمة وثبات وصدق للحفاظ على السيادة الوطنية والدفاع عن حرمة البلاد”.
ولم توضح المؤسسة العسكرية من تقصد بهذه الأطراف أو “القصص الخيالية التي نسجتها”، لكن صحيفة الخبر (خاصة) نشرت على موقعها الرسمي تعليقاً على ما جاء في مجلة الجيش بأنه يقصد قراءات إعلامية وسياسية ظهرت في الساحة بعد استقالة عمار سعداني الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم منذ أسابيع، في خطوة اعتبرها مراقبون “إقالة”.
ووفق الصحيفة فإن هذه التحليلات أكدت أن سعداني مقرب من قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح وعزله ضربة وجهها رئيس البلاد للأخير.
هل هناك صراع؟
وكانت صحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية (خاصة) قد نشرت مقالاً نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي تحت عنوان “أي مستقبل لقايد صالح (قائد أركان الجيش الجزائري)؟”.
وجاء في المقال معلومات منسوبة لمصادر وصفتها بالمطلعة أن “إقالة عمار سعداني من قيادة الحزب الحاكم قد تكون بسبب قربه من قائد الجيش القوي الفريق قايد صالح”.
وأعطى المقال انطباعاً في تحليله للأوضاع بأن هناك صراعاً جديداً بين رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش قد ينتهي بإزاحة الفريق قايد صالح من منصبه لاحقاً.
وأعلن عمار سعداني، الشهر الماضي، استقالته من منصبه “لأسباب صحية” في خطوة مفاجئة من سياسي ظلت تصريحاته تثير الجدل في الساحة منذ توليه المنصب منتصف عام 2013، وذهب مراقبون إلى اعتبار الخطوة “إقالة”، على خلفية مواقف الرجل ومهاجمته لبعض المسؤولين.