قال أحمد نور الدين، الباحث في القضايا الدولية والمتخصص في شؤون شمال افريقيا ، إنه يمكن اعتبار الإعلان الرسمي لرئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، “غير مسبوق وسيكون له ما بعده”، لاسيما أن الرسالة جاءت بعد 4 شهور من الخطاب الملكي لـ6 نونبر 2021، الذي شدد فيه الملك محمد السادس على أن “المغرب لا يتفاوض على صحرائه”، وأن “المملكة لن تبرم أي شراكة مع الدول التي لا تعترف بالسيادة المغربية على صحرائها”.
وأوضح نور الدين، ضمن تصريح لموقع “جسر بريس” بأن موقف بيدرو سانشيز القاضي بالاعتراف الكامل لإسبانيا بمغربية الصحراء يؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات المغربية-الإسبانية.
ورصد الباحث المغربي “ثلاث خطوات” للاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء ضمن الرسالة التي بعث بها رئيس حكومة إسبانيا إلى الملك محمد السادس.
الخطوة الأولى، حسب نور الدين، هي الفقرة التي يعترف فيها بيدرو سانشيز بأهمية الصحراء بالنسبة للمغرب، والخطوة الثانية هي الإعلان عن أن إسبانيا “تعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس (الأكثر) جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف”.
وتابع الباحث ذاته شارحا: “نلاحظ إضافة اسم التفضيل: ‘الأكثر’ إلى المصطلحات التي دأب مجلس الأمن على استعمالها لوصف مبادرة الحكم الذاتي”.
أما الخطوة الثالثة، “وهي الأهم”، حسب نور الدين، فهي التي “ختم بها رئيس الحكومة الإسبانية رسالته”؛ ويتعلق الأمر بـ”التأكيد على أن أنه سيتم اتخاذ هذه الخطوات من أجل ضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين”.
وعلق المصدر ذاته: “هي رسالة واضحة وموقف لا يقبل التأويل في الاعتراف بالوحدة الترابية للمملكة في سياق الحديث عن الصحراء المغربية”.
واستطرد الباحث المغربي: “في ثنايا الرسالة ذكر رئيس الحكومة الاسباني بأواصر الصداقة، والتاريخ بل والمصير المشترك أيضا، واعتبار المغرب حليفا إستراتيجيا لاسبانيا؛ وأكثر من ذلك ربط ازدهار إسبانيا بالمغرب والعكس صحيح”، وزاد معلقا: “عندما يصدر هكذا تصريح من رئيس حكومة بلد أوربي فنحن لسنا أمام خطاب عاطفي، بل يتعلق الأمر بموقف عقلاني يستعمل لغة المصالح الإستراتيجية”.
وأردف نور الدين: “يبدو إذن أن إسبانيا أخذت وقتها، منذ اندلاع أزمة عدم الثقة بسبب استقبالها زعيم الانفصاليين، خلسة وفي جنح الظلام باسم مستعار هو ابن بطوش، وقامت بتحليل الوضع الإستراتيجي، وبتقييم حصيلة العلاقات بين البلدين، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وانتبهت إلى خطورة الوضع الأمني والإستراتيجي في ظل التهديدات التي تخيم على منطقتنا وعلى العالم”.
وواصل المتحدث ذاته: “يبدو أن الحكومة الإسبانية اقتنعت بضرورة إصلاح خطئها التاريخي كقوة استعمارية سابقة تآمرت على تقسيم أراضي المغرب، وقررت على ضوء تحليلها لكل المعطيات الإستراتيجية الاعتراف بسيادة المغرب على كامل أراضيه وفي حدوده الأصيلة والحقة من طنجة إلى الكويرة”.
كما أورد الباحث ذاته: “موقف يستحق التنويه جاء بعد تراكم مواقف صارمة من طرف المغرب، ودعوات لشركائه الأوربيين للخروج من المنطقة الضبابية والتخلي عن المواقف الانتهازية”، مؤكدا أنه “موقف تاريخي من إسبانيا يكاد يعترف رسميا بمغربية الصحراء حين يتحدث عن القيام بخطوات لضمان الوحدة الترابية للبلدين؛ وهذا يدل على أننا أمام منعطف سياسي ودبلوماسي سيكون له ما بعده، وأكيد أنه سيفتح الباب أمام كل شركاء المغرب، وعلى رأسهم فرنسا، لاتخاذ موقف واضح من السيادة المغربية على الصحراء”.