بالامس القريب احتفل الكبران الحاكم والمتحكم بأمره بالجزائر ، بعيد ميلاد دولته الستين، ولم يجد المسكين ما يفتخر به في مثل هذه المناسبات ، أو ما يستعرضه من إنجازات من صنع يده تليق ببلد بمؤهلات بلده ، ليظهر التطور الذي حققه بقيادته للجزائر، ويبين من خلاله كيف حولها خلال ستين سنة من حكمه، من دولة مستعمرة متخلفة ، لدولة مؤسسات، متقدمة، ومزدهرة، تضمن لشعبها ، مكاسب،و حقوق، وحريات ، وتنافس الدول المتطورة في كل المجالات الصناعية ، والتجارية ، والثقافية ، والخدمات ، ليتشرف الكابران بكل فخر واعتزاز بحصيلة عمل سياسته ، التي نهجها في تسيير شؤون البلاد والعباد بهذه الدولة ، ولما لم يجد الكابران شيئا من هذا ، و من أجل التغطية على النقص و الفشل ، ماكان عليه غير إخراج واستعراض المكتسبات الحقيقية التي استثمر فيها وانجزها بفائض عائدات بيع البترول والغاز، وحققها على أرض الواقع ، طيلة مدة حكمه ، والتي لم تكن أكثر من عتاد حربي ،مكون من دبابات، وزوارق، وشاحنات، وطائرات وراجمات صواريخ ، كلها حربية وقديمة قدم حكمه، ليفتخر ويضلل شعبه ويقول له افرح وانظر ماذا حققت لك ، بحكمي للبلاد ، أنظر فضلي عليك …….
اكيد لو سألنا الكبران هل العتاد الدي يتباهى بعرضه اليوم ، هو من صنعه ؟ ، سيكون جوابه الذي نعرفه جميعا قبل السؤال ، هو لا ، واكيد لو سألناه أيضا هل سبق له أن جرب جيشه الشعبي الجرار الجبار الذي يتغنى به في معركة واحدة؟ ، طيلة الستين سنة من حكمه, باستثناء حرب الرمال؟ والعشرية السوداء، سيجيبنا أيضا ، بلا ، لم يحدث ذلك ، واذا سألناه عن سبب عدم مشاركة جيشه اوتدخله في أية حرب لمدة ستين سنة خلت؟ ، أكيد سيجيب وهو مزهو بنفسه ، بأن لا أحد تجرأ على مهاجمة بلاده، ليتدخل جيشه ، وإن سألته، ما دامت الجزائر قوية كما تقول ، فلماذا ، لم تاخذ هي المبادرة ، و ترسل قواتها، على الأقل ، لنصرة القضايا التي تؤمن بعدالتها ، وتتماشى مع مبادئها ؟ كقضية فلسطين التي الجزائر مع شعبها ظالما أو مظلوما، لرفع الظلم عنه وإعادة حقه له ، أو لمساعدة الشعوب في فرض تقرير مصيرها، بالقوة على الارض، كقضية الشعب الصحراوي مثلا ، الذي انتظر منها منذ47 سنة تأديب المغرب، الذي اعتدى عليه ،حسب قناعة حتى الجزائر ،واحتل بلاده ، بالقوة العسكرية ظلما وعدوانا ، وخربها ،وشرد أهلها جورا ؟ ، سيجيبك الكابورال ، لانه بكل أسف و ببساطة ، دستور البلاد. يمنعني من ذلك و يحرم على جيشي اللعب خارج الديار ، كما يمنع على بلادي أن تتدخل سياسيا في الشؤون الداخلية للدول، أيا كانت ، وكيفما كانت، واذا قلت له أن الكل يعرف أن النظام العسكري بالجزائر هو من يصنع دساتير بلاده ، ويفصلها على مقاسه، منذ استقلالها، و أنه هو السلطة التنفيذبة والتشريعبة و القضائية في البلاد ، وانه هو الجزائر بكاملها، وهو من يحيي ويميت فيها ،وأنه جبن منه، أن يشرع ويكتب أسطرا بدساتر البلاد المتعاقبة، خصيصا ليمنع بها نفسه ، و ليختبأ وراءها ، عندما يطلب منه ، تطبيق مبادئه التي يؤمن بها، وتنفيذ شعاراته التي يتبناها على أرض الواقع ، فكيف يرضى الكابران على نفسه ان تتناقض أفعاله مع أقواله .. أكيد لن يجد جوابا لهذا السؤال ، …واذا سألته مادام يحترم دستور بلاده الدي يمنعه لهذا الحد ، ومقيد به لهذه الدرجة ، فلماذا ، إذا شارك عسكر الجزائر في شن الحرب سنة 1976 ، داعما لمرتزقة البوليزاريو على موريتانيا الضعيفة أنذاك ، والتي رغم ضعفها ، استطاعت أن تعتقل العديد من الجزائريين وتعرض اعترافاتهم أمام الصحافة الدولية ، و لا زالت فيديوهات صورهم ، تجوب صفحات اليوتوب حتى الٱن لتفضح الكابران ، ولماذا أيضا حاربت الجزائر المغرب إلى جانب نفس الكيان ، ودنست بأقدام جنودها المتسخة أرض صحراءنا المغربية الطيبة ، حتى أحاط بهم أشاوس المغرب، ولم يبقى أمامهم غير خيارين الإستسلام، والأسر ،أو المقاومة والقتل، ليسرع قائدهم بقصر المرادية أنذاك بو خروبة في طلب الرئيس المصري أنور السادات، ويتوسل إليه لما له من مكانة عند الحسن الثاني ، ليبعث له نائبه الرئيس حسني مبارك برسالة يترجاه من خلالها ، أن يفك حصار جنود الجزائر ،بالصحراء المغربية، وهو ما فعله الراحل الحسن الثاني إكراما للسادات لا غير ، وفيديو الرئيس حسني مبارك وهو يشهد بذلك للتاريخ لازال موجودا على اليوتوب كدليل في وجه من ينكر ذلك، ويدعي بالقوة المضروبة ،الكابران الذي يتبجح بعتاد إشتراه فقط ولم يصنعه ، ولم يبدل أي مجهود لاكتسابه، غير تكليف شركات وأطر أجنبية لتضرب له الأرض ، وتطلع منها محروقات لتباع بالسوق الدولية بملايير الدولارات ، ويسرق وينهب الكثيرمنها، ويشترى بالقليل المتبقي السلم الإجتماعي ، وما يتسلح به ، وهذا هو كل المجهود الذي عمله ليستعرض حصيلته ويفتخر بها اليوم أمام أنظار العالم ،واكيد لو فرض على الكابران وسط هذا الاستعراض أن ينزع من العرض كل ما هو ليس صناعة جزائرية ليبقى. فقط في العرض ، الإنجاز الجزائري المحض الطبيعي على حقيقته ، سيتحول المشهد إلى منظر سريالي مضحك ومبكي في نفس الوقت ، لأنه لن يبقى أمام منصة العرض لا طائرات ،ولا شاحنات، ولا زوارق ولا راجمات ، ولا ٱلات موسيقية ، وكل ما سيتبقى أمام المنصة في هذا العرض هو منظر رجال حفاة ، عراة، مفضوحون يضعون أياديهم أمامهم وخلفهم لتغطية عوراتهم ، التي كانت تسترها ملابس وسترات وسراويل وأحذية وحتى ملابس داخليه كلها صنعت خارج الجزائر، وهذا فقط هو كل ما سيتبقى من العرض كمنتوج جزائري خالص للتباهي به ، أما الإفتخار باستعراض لعب العتاد العسكري، الذي صنعه الغير، فلا يعدو أن يكون ضربا من الجنون ليس إلا، وليس جنون بشر ،لأن جنون البشر يمكن معالجته أو على الأقل تفادي شروره ومحاصرته في مصحات مختصة في ذلك ، أما جنون استعراض لعب العتاد فلا يعالج إلا بهلاك صاحبه ودفنه ، كما كنا نرى في الشاشات من تعامل العلماء مع جنون البقر بحرقه حيا ودفنه ، ولما لا يكون الجنون الذي أصاب الكابران جنون بقر تحور ، ليصيب هذا النوع البقري من البشر.
كاريكاتير: بابا حميد