المسؤول عن النشر و الاعداد
أكدت مُخرجات لقاء رئيس حكومة إقليم الكناري الإسباني، فيرناندو كلافيخو، بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، يوم أمس الثلاثاء بالرباط، وصول عملية ترسيم الحدود البحرية الأطلسية بين المغرب وإسبانيا إلى منعطف حاسم، سيُسفر مستقبلا عن “تقاسم” الثروات البحرية في المنطقة.
وعبَّر كلافيخو عن موقف جديد أثار الرأي العام الإسباني والمحلي في الكناري، بخصوص ملف الصحراء، حين أعلن أنّ حكومته “تتبنى بالكامل سياسة الحكومة الإسبانية المركزية”، وهو ما يعني دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي في المنطقة تحت السيادة المغربية، وبالتالي الإقرار الضمني بسيادة المغرب على المياه الأطلسية المجاورة للأقاليم الصحراوية.
تصريحات كلافيخو، التي نقلتها على لسانه وكالة الأنباء الرسمية الإسبانية، كانت مفاجئة وغير متوقعة لا في مدريد ولا في الكناري، لدرجة أن EFE وصفتها بأنها “مثيرة للدهشة”، على اعتبار أن قوميي الكناري كانوا يساندون، تقليديا، الطرح الانفصالي في الصحراء، وهو الأمر الذي لا يرتبط فقط بقناعات سياسية، وإنما أيضا بمصالح اقتصادية.
وأورد المسؤول الإسباني “تحدثنا عن وضع الصحراء.. أعلم أن هذا خبر.. لقد جرى توضيح أن حكومة جزر الكناري تتبنى تماما سياسة حكومة إسبانيا، كما يجب أن يكون عليه الأمر، أعتقد أنه تم خلق مناخ من الثقة والتعاون، ونريد، في جزر الكناري، أن نواصل تعزيز ذلك”.
ووفق EFE فإن كلافيخو، المنتمي لحزب “تحالف الكناري”، كان “مُدركا تماما لأهمية تصريحاته وللسياق الذي أدلى بها فيه”، مبرزة اقتناعه بأن “المغرب شريك رئيسي لجزر الكناري في العديد من المجالات، وليس فقط في قضية الهجرة”، هذه الأخيرة التي كانت القضية المركزية التي ناقشها مع بوريطة.
ولتقدير مدى التحول في موقف كلابيخو، وبالتالي لدى أكبر حزب قومي في الكناري، يكفي الرجوع إلى إلى تصريحاته في مارس من سنة 2022، إثر رسالة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز للملك محمد السادس، الداعم لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء.
وأورد كلافيخو، الذي كان حينها عضوا في مجلس الشيوخ الإسباني، أن رسالة سانشيز تمثل “تغيرا في الموقف التاريخي لإسبانيا،الذي يدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره عبر الاستفتاء”، وتابع أن هذه الخطوة “تنتهك المعاهدات والاتفاقيات الدولية”.
كلابيخو كان حينها يتحدث في خضم المحادثات المغربية الإسبانية على ترسيم الحدود البحرية، بعد أن صادق مجلس النواب المغربي في بداية سنة 2020 على مشروع قانون رقم 37.17 بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.211 الصادر في 2 مارس 1973، المعينة بموجبه حدود المياه الإقليمية للمغرب، ومشروع قانون رقم 38.17 بتغيير وتتميم القانون رقم 1.81 المنشأة بموجبه منطقة اقتصادية خالصة على مسافة 200 ميل بحري عرض الشواطئ المغربية، وهو الأمر الذي أعاد عمليا رسم خارطة الحدود البحرية المغربية.
تلك الخطوة كانت تعني أن الرباط ستبسط سيطرها على السواحل المجاورة للأقاليم الجنوبية، والمواجهة لجزر الكناري، وهو ما يعني الشروع في عمليات التنقيب على النفط والغاز الطبيعي، ولكن أيضا الوصول إلى جبل تروبيك، الموجود على عمق 1000 متر تحت سطح الماء، والذي كان إقليم الكناري يعتبره امتدادا لحيزه الجغرافي.
هذا الجبل، الذي يبعد عن جبل “إل هييرو”، أقرب نقطة إليه من جزر الكناري، بحوالي 500 كيلومتر، يضم ثروات معدنية هائلة، إذ تذهب التقديرات إلى أنه يحتوي على 10 في المائة من الاحتياطي العالمي من “التيلوريوم” المستعمل في صناعة ألواح الطاقة الشمسية والإلكترونيات، ومخزون ضخم من “الكوبالت” المستخدم في صناعة السيارات والصناعات العسكرية، يعادل 54 مرة المخزون العالمي الحالي.
ويمثل إعلان كلابيخو تبني الموقف الإسباني الداعم لمقترح الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، تمهيدا لاتفاق اقتصادي بخصوص كيفية استغلال تلك الثروات البحرية الموجودة في خط التماس بين الأقاليم الصحراوية وإقليم الكناري، وهو ما يؤكده أيضا كلام بوريطة يوم أمس في الندوة الصحفية المشتركة مع كلابيخو، حين أورد أنه “يتبقى الآن الوصول إلى اتفاقات”.