عز الدين السريفي
رفض كريم زيدان، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار وتقييم السياسات العمومية، الانتقادات الموجهة إلى الحكومة بسبب “التأخر” في إصدار مرسوم دعم المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، مفيدا بأنه “سيتم تفعيل هذا الدعم في أقرب الآجال؛ نظرا لوعي الوزارة بأهمية هذه المقاولات في تقوية النسيج الاقتصادي الوطني”، ومؤكدا أن “الوعود التي قطعت في هذا الجانب لم تكن فارغة؛ بل أرفقتها الحكومة، منذ تنصيبها، بعمل دؤوب وجبار لأجل إقرار هذا الدعم”.
هذه الانتقادات ساقها الحسن لشكر، النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، خلال الجلسة العامة للأسئلة الشفهية بمجلس النواب، الاثنين، مخاطبا زيدان بأن “المقاولات الصغرى والمتوسطة ومغاربة العالم والباحثين عن فرص الشغل كلهم مازالوا ينتظرون مرسوم دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات المغربية من أجل التواجد بالخارج”، بعد مرور سنتين على صدور ميثاق الاستثمار.
وأورد لشكر أن الحكومة تتحدث عن تخصيص “12 مليار درهم، سوف تذهب لهذا الدعم؛ ولكنها لم تحدد بعد حتى الآليات التي سوف تُعد بها هذا المرسوم، أو توضح كيفية العمل في هذا الجانب”، مضيفا: “لا نريد الوزير أن تكرر لنا نفس الأجوبة التي قدمت عن هذا السؤال (تحديات منظومة الاستثمار بالمغرب) طيلة السنة الماضية كاملة والتي قبلها”.
وعدّ النائب عينه “أنه من المتعيّن على الوزارة على الأقل خلال مدة السنة ونصف السنة المتبقية من عمر الحكومة أن تفعل هذا الأمر (الدعم) في أقرب الآجال، خاصة أنه ورد في قانون المالية 2025″، متسائلا عما “إذا كانت حتى المناصب المالية التي تتحدث عنها الحكومة حول تعبئة الشغل سيتم تأجيلها؟”.
وفي جوابه عن السؤال سالف الذكر، قال كريم زيدان إن “للحكومة استراتيجية قوية لتقوية منظومة الاستثمار، ترتكز على ثلاثة محاور؛ أولها خلق توافق حول أهداف المشاركة حسب البعدين الجهوي والقطاعي وتعزيز الجاذبية الالتقائية لتحفيز الاستثمار وتجاوز المعيقات، وثانيها العمل على خمسة أوراش استراتيجية تهم تنزيل مقتضيات ميثاق الاستثمار الجديد من خلال تفعيل أنظمة دعم الاستثمار واستقطاب مستثمرين وطنيين ودوليين ومنهم مغاربة العالم، ومواصلة تحسين مناخ الأعمال، وإحداث المرصد الوطني للاستثمار لتتبع تنزيل أهداف الاستثمار. أما ثالث المحاور فهو وضع حكامة موحدة ولا ممركزة للاستثمار”.
تعزيز أدوار مراكز الاستثمار
على صعيد متواصل متصل، كشف الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار وتقييم السياسات العمومية أن وزارته، بالموازاة مع اشتغالها “على تجويد الإطار القانوني للمراكز الجهوية للاستثمار، قامت بإنجاز تشخيص استراتيجي مفصّل لها، يشمل جوانب تقنية وأخرى تنظيمية، لتحديد تموقعها الجديد وجعلها مرجعا للاستثمار على المستوى الجهوي وبلورة خارطة طريق عملية تمكن من بلورة وتنزيل الإصلاحات المقبلة”.
وفي هذا الصدد، أفاد زيدان، جوابا عن سؤال حول تعزيز أدوار المراكز الجهوية للاستثمار، بأنه “تم تحديد 12 ورشا تقنيا موزعا على أقطاب عديدة تشمل الذكاء الاقتصادي والإقلاع الاقتصادي ومسار المستثمر وماسر مقاول؛ بالإضافة إلى 6 أوراش تنظيمية تهم الهيكلة والموارد البشرية والرقمنة والوسائل التقنية والمالية وآليات التتبع والحكامة”.
وتابع أنه “لتفعيل هذا التصور الجديد، ستتم مواكبة المراكز الجهوية في تنزيل اللاتمركز فيما يخص اتفاقيات الاستثمار التي تقل قيمتها عن 250 مليون درهم ووضع آليات جديدة تعزز الحكامة والتتبع واعتماد هيكلة للمراكز تتناسب مع خصوصيات كل جهة وتعزيز قدرات الموارد البشرية”، مؤكدا أنه “بفضل هذا التصور ستلعب هذه المراكز دورا آخر في المستقبل”، مبرزا أن “الصلاحيات التي سوف تعطى للمديرين سوف تمنحهم الأهلية لاتخاذ القرار بشكل شخصي؛ وبالتالي سوف تحل جميع المشاكل التي كانت في السابق”.
وأوضح المسؤول الحكومي عينه، على صعيد متصل، أن “الحكومة عملت على إحداث اللجنة الموضوعاتية لتشجيع استثمارات مغاربة العالم، والتي مضت في بلورة خطة عمل تتناسب مع احتياجات هذه الفئة”، لافتا إلى أنه “في هذا الإطار الوزارة منخرطة ومعبأة بشكل تفاعلي مستمر من أجل زيادة هذه الاستثمارات، خاصة في القطاعات الإنتاجية من خلال محورين أساسيين”.
ويتمثل المحور الأول، وفق المتحدث ذاته، “في تعزيز التواصل مع مغاربة العالم، من خلال تنظيم لقاءات مع المستثمرين وعموم مغاربة الخارج”؛ فيما يتصل الثاني “بتعزيز بنيات الاستقبال والتوجيه والمواكبة على مستوى الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات وعلى مستوى المراكز الجهوية للاستثمار؛ فضلا عن وجود برامج لمنصات رقمية للتواصل مع مغاربة العالم لتحفيزهم وإعطائهم فكرة شمولية عن مجال الاستثمار بالمغرب”.
“التوزيع العادل للاستثمارات”
علاقة بالتوزيع العادل للاستثمارات الذي كان مدار سؤال للنائب عبد الفتاح عمر، عضو فريق الأصالة والمعاصرة؛ أشار كريم زيدان إلى استفادة حوالي 26 مشروعا من منح دعم وتحفيز مشاريع الاستثمارات الصناعية التي تقدمها الدولة أي المنحة المخصصة لمهن المستقبل والارتقاء بمستوى الأنشطة وكذا المنحة القطاعية الخاصة بقطاع الصناعة، إضافة إلى نظام الدعم الأساسي الذي يمنحه ميثاق الاستثمار، والمنحة الترابية.
وأوضح المسؤول الحكومي ذاته أن المشاريع المستفيدة “تتوزع هذه المشاريع على 17 إقليما، نذكر منها بوجدور والدريوش وفاس وكرسيف إنزكان وآيت ملول وجرادة والعرائش والرحامنة وآسفي وسيدي إفني وتارودانت وتطوان”.
وجوابا عن إثارة النائب البرلماني إشكالية عدم استفادة إقليم سيدي بنور من الاستثمارات، كشف الوزير عينه أنه “لا توجد أية منطقة مغربية مقصود أن يتم إقصاؤها من الاستثمارات، ويجب أن نستبعد هذه المسألة من تفكيرنا”، موردا أنه “مستعد لإبداء جهده من أجل أن ترقى إلى المستوى الذي تتطلع إليه ساكنة تلك المناطق المهمشة”، مضيفا: “يجب أن يكون الحوار بيننا، وسوف آتي إلى المنطقة من أجل الاطلاع على المشاكل الموجودة هناك، وتحقيق المبتغى قدر المستطاع”.
“تحسين مناخ الأعمال”
ولتحسين مناخ الأعمال بالمغرب، فإن الوزارة تشتغل، كما كشف زيدان، وفق “مقاربة جديدة تعتمد على التجربة الحقيقية للمستثمر؛ وذلك من خلال تتبع ودراسة كل مراحل مسار المستثمر من أجل تحسينه وجعله أكثر مرونة، من خلال أولا تبسيط المساطر الإدارية ورقمنتها وتقليص الآجال الزمنية المرتبطة بها وثانيا تحسين جودة الخدمات المقدمة للمستثمر وتعزيز الالتقائية بين مختلف المتدخلين حيث تم تحديد مسارات استثمارية ذات الأولوية يتم الاشتغال على تبسيطها في إطار المرحلة الأولى من هذا الورش”.
وأورد أنه، في الوقت الحالي، تشتغل “الوزارة على جرد التراخيص والقرارات الإدارية والوثائق المطلوبة في مختلف المسارات التي تم تحديدها وكل المتدخلين الذين يتم التعامل معهم من إدارات ومؤسسات عمومية ومهنية ومنصات إلكترونية”، مفيدا أن “الهدف هو تحديد الحلقات التي من الممكن أن يتوقف عندها مسار المستثمر بسبب عائق الإجراءات أو خلل في تراتبها من أجل اقتراح حلول عملية لمختلف العوائق المحددة بالتعاون والتشاور مع القطاعات والإدارات المعنية”.
في هذا الصدد، كشف المسؤول الحكومي أن وزارته “ستتعاون مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب لإنجاز استطلاع رأي موجه إلى مغاربة العالم لتحديد الإشكاليات ودراسة سبل وإمكانية وضع إجراءات خاصة بمغاربة العالم لتعزيز استثماراتها بالمغرب”.