كل الجزائريين تفاءلوا خيرا عندما سمعوا أن رئيسهم عبد المجيد تبون (أعز الله قدركم) ، قرر مخاطبتهم عبر ممثليهم بمجلسي الشعب والأمة، خصوصا وأن الإعلان عن هذا الخطاب المرتقب الذي جاء تلاثة أيام قبل موعده.. ، جاء في ظروف يعرف فيها الشارع الجزائري غليانا، وغضبا شعبيا عارما، هلت بشائره بسقوط نظام الأسد الشبيه بنظام عسكر الجزائر في قبضته الحديدية التي يعصر بها رقاب شعبه، …السقوط الذي أعقبه إخراج الجزائريين وتداولهم لهاشتاك (مانيش راضي) ، الذي أصبح بسرعة البرق ترند في الجزائر ، وأصبح حديث القاصي والداني، ليس فقط داخل الجزائر ، بل حتى خارجها، حيث أصبحت برامج الأخبار الدولية تتغامز وتتنابز بالحديث عن رعب يهز سراويل شخوص هذا النظام ، ليكشف عوراتهم العفنة المتعفنة أمام الجزائريين، وترشحه بقوة ليتداعى، وينهار، انهيار نظام الأسد..، إذ،..كان واضحا أن الوضع في الجزائر متأزم جدا، جدا سياسيا، اقتصاديا واجتماعيا ..، وكان الشعب في حاجة ماسة لحكمة أو تهدئة تصدر ممن بيده الأمر والنهي بالجزائر لتخفيف الإحتقان ….، لذلك كان خروج بلاغ رئاسة الجمهورية الجزائري الذي أعلن إصدار تبون عفوا رئاسيا عفى بمقتضاه عن 2471 سجينا ليطلق سراحهم، ويخرجهم من سجون الجزائر قبل إنهائهم لمدد عقوباتهم …، كان بمثابة إشارة قرأت في الأول بأن الغاية منها هو التهدئة كما قال بلاغ الرئاسة .. وكمحاولة لإرضاء الشعب الجزائري، الذي يبدوا أنه ضجر من فظاعة نظامه وأساليب سياسته وأصبح غير راض بتاتا عنه … لذلك استبشر الجزائريون كلهم خيرا بسماع البلاغ كعربون حسن نية من حاكميهم …في انتظار سماع إجراءات أخرى أهم تتخد لاحقا لإرضائهم أكثر فأكثر …والمتوقع أن يعلن عنها تبونهم (اعزكم الله) أمام نواب الشعب ،..لكنهم مباشرة بعد البلاغ، اندهشوا، ولم يستطيعوا لا تحليل، ولا فهم أي شيء مما يجري أمامهم … ، وهم يرون أيادي النظام الأمنية العنيفة، تستبق زمن الخطاب المنتظر، وتقضي كل اوقاتها في جمع كل من تطاله يدها من جزائريين، ممن عبروا عن عدم رضاهم علنا ، وفي لمهم من كل الولايات، ليقدموا أمام المحاكم لتتلوا على أسماع حضراتهم احكاما لا تقل على سنتين سجنا نافذا لكل واحد منهم يقضيها بغياهب السجون الجزائرية …لإعادة تأهيله وجعله يعرف جيدا المعنى الحقيقي للرضى عن نظام الجزائر ، حتى لا يبقى في الجزأئر إلا من كان شخصا ، راضيا مرضيا لنظامه ، ليستحق العيش في بلده الجزائر، بعد ما يكون استوعب ووعي جيدا أن لا إلاه يعبد بأرض الجزائر إلاه العسكر، الذي لن يتوانى أن يخسف الأرض بكل من يكفر به، أو يشرك به أحدا، (أقول هذا واستغفر الله العظيم )، و ليفهم الجزائريون أن تبون أعزكم الله عندما عفى عن السجناء, و افرغ السجون من سجناء الحق العام ، فهو فعل ذلك ليس بحثا عن التهدئة لإرضاء الشعب كما اعتقد البعض ، ولكن فعلها لهدفين إثنين:
الأول: ليخرج مجرمي الحق العام، وليس المعتقلين السياسيين ، ليتسلطوا على الجزائريين من جديد ، ويعتدوا على أمنهم وأموالهم ، وليهددوا حياتهم،…حتى يعترفوا بنعمة نظامهم عليهم الذي يحميهم ، ولا يكفروا به ، وليتركوه يعربد على هواه في السياسة وفي المال وفي حرياتهم دون أي اعتراض،
الثاني : عفو تبون كان يهدف إفراغ وتنفيس مآوى السجون الملأى عن آخرها، لكي يجد أمكنة تستطيع استيعاب الأعداد الهائلة من أبناء الشعب الذين تحدوا النظام وأعلنوا عدم رضاهم عنه ، الأعداد المرشحة لتقيم بالسجون مددا طويلة، ….وهذا الكلام أكدته لهم سفسطة تبون الذي انتظروا خطابه بشغف، ..سفسطته أمام نواب الأمة ، والتي تكلم بها حوالي ساعتين من الوقت ، ولم يخصص فيها ولو ثانية لذكر عزمه القيام ببرنامج سياسي أو اجتماعي، أو اقتصادي يرضي الشعب ويخفيف غضبه ، بل كعادته خصص الخطاب كله ليهاجم فرنسا .. التي منحته الإستقلال سبعين سنة خلت ، ويحملها كامل مسؤولية ما تتخبط فيه الجزائر من تخلف وجهل وانعدام النظافة، ولينعت ويهين وهو رئيس دولة للأسف، يهين مواطنا جزائريا كبير السن، قضى حياته خدمة لبلده على أعلى مسوى ، حتى تقاعد سنة 2019 ، وصفه الرئيس بابن العاهرة وهو مواطن جزائري وصلت كتبه للعالمية، وتعدت ثقافته حدود الجزائر ، رجلا إسمه صنصال بوعلام، لازال ملفه القضائي بين يدي القضاء الذي لم يقل كلمته بعد في حقه، بخصوص التهم التي شتمه الرئيس وأهانه بخصوصها، وأصدر عليه حكما وأهانه ، قبل أن يحكم القضاء ..
..،الغريب في الأمر أن وقاحة الرئيس التي أقنعت الجزائريين بأنه يستحق بالفعل أن يكون إبن أبو بغلة كما تمنى في خطابه ، عندما قال للجزائريين أنه يعتبر نفسه إبن أبوبغلة ، .للأسف أن هذه الوقاحة في حق الجزائري صنصال بوعلام ، بمجرد تلفظه بها ، تلقى تصفيقات وتشجيعات وتهليلات من نواب الأمة الذين يبدوا أنهم نسوا أن أهم واجباتهم في الحياة السياسية هو أن يدافعوا عن كرامة الجزائريين.
…لذلك قام الرئيس إبن أبو بغلة في خطابه بعدم إعطاء أي اهتمام لممثلي الشعب وخصص حديثه فقط، للحديث عن بحثه عن كرامة الشهداء… الذين توفوا رحمهم الله هذه مدة ناهزت السبعين سنة..واصبحوا إنسا منسيا … وأهمل الحديث عن كرامة أبنائهم وحفدتهم الأحياء الذين تركهم الشهداء امانة في عنقه …وأهملوا ليصبحوا يعيشون الفقر المذقع في بلد غني ، و يصطفون في طوابير لا متناهية لدفع خصاص لا متناهي من مواد أساسية ،وسط جزائر أكوام الأزبال العالية، التي تنم عن أن البشر الذين يتولوا تدبير أمرها ليسوا بشرا كباقي البشر ، ولكنهم فقط أزبال بشر…..