عز الدين السريفي
اتسعت مؤشرات انتعاش قطاع الصيد البحري المغربي ليصبح من أبرز محركات معالجة البطالة وتعزيز آفاق النمو المستدام، في ظل تنامي الصادرات بفضل الحوافز الحكومية لأهل المهنة في إطار استراتيجية “أليوتيس 2025” المنظم تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، خلال الفترة الممتدة من 6 إلى 9 فبراير المقبل، تحت شعار “البحث والابتكار من أجل صيد بحري مستدام”.
انعكس ارتفاع إنتاج قطاع الصيد البحري المغربي في إطار استراتيجية “أليوتيس 2025″ على فرص التوظيف بشكل كبير، وهو ما يفتح آفاقا واسعة لمعالجة تحديات البطالة وتعزيز الصادرات.
ويتسلح المغرب بموقعه وسواحله الطويلة لتعزيز الشراكات مع أفريقيا في القطاع، حتى يكون مركزا يربط القارة بدول العالم، خصوصا بعد عودته إلى عضوية الاتحاد الأفريقي.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن حجم الإنتاج بلغ العام الماضي 1.4 مليون طن، ما يمثل نسبة 84 بالمئة من الهدف المحدد في مخطط المغرب الأزرق.
واعتمدت الرباط منذ 2009، استراتيجية “أليوتيس” لتطوير مصايد الأسماك وتعزيز مراقبة أنشطة الصيد بواسطة الأقمار الاصطناعية.
وتعد النرويج أحد أبرز المستورين عالميا بالنسبة لمنتوجات الصيد البحري المغربي، حيث تستقبل حوالي 2480 طنا سنويا من المغرب، بقيمة 72 مليون درهم (7.5 مليون دولار) يمثل فيها زيت السمك 98 بالمئة من حيث الحجم والقيمة.
ويؤكد المسؤولون المغاربة أن هذا الأمر جلب المزيد من فرص العمل للقطاع، حيث تمكن المغرب خلال عام 2017، من توفير ما يناهز 108 آلاف فرصة عمل في القطاع، فضلا عن حوالي 97 ألف فرصة غير مباشرة من خلال صناعة وتربية الأحياء البحرية. وفي ضوء تلك الأرقام، فقد تحققت نسبة 84 بالمئة من الهدف، الذي حددته أليوتيس لعدد فرص العمل المحددة عند 115 ألف فرصة عمل مباشرة.
وتستوعب أوروبا نحو 60 بالمئة من صادرات قطاع الصيد البحري المغربي، وهذا ما دفع خبراء وزارة الاقتصاد والمالية إلى التأكيد على أن الانفتاح على الأسواق الجديدة، وخصوصا في قارة أفريقيا، يمكن أن تكون له آثار إيجابية على تطوير القطاع.
وتتضمن الاستراتيجية المتكاملة والشاملة، الحصول على المنتجات السمكية، مع ضمان التنمية المستدامة للأنشطة، بالإضافة إلى احترام البيئة والتوازن البحري، وهو ما يأتي في إطار تصور المغرب لنموذج التنمية في المستقبل.
وإلى جانب ذلك، سيتم تطوير نظام تتبع المأكولات البحرية، والتركيز على تسويق منتجات المصايد والتدريب والابتكار والتعاون الإقليمي، بالإضافة إلى دعم المصدرين والمستوردين المغاربة والفرنسيين.
وبالنسبة للاستثمارات الخاصة القائمة على الأرض خلال الفترة 2010-2017، تم تسجيل 2.6 مليار درهم (215 مليون دولار) بينها 214 مليون دولار، تتعلق بالتراخيص الجديدة.
ويرى مسؤولون فرنسيون أن بلادهم تبحث عن أسواق من أجل تدعيم وارداتها من الأسماك، ويتم التنسيق مع المصدرين المغاربة، خصوصا أن قطاع الصيد بالمغرب يعمل وفق معايير جيدة مماثلة لما هو عليه الحال في القارة الأوروبية.
ورغم الأداء الجيد الذي سجله قطاع المصايد إلى حدود اليوم، فقد رصد تقرير صادر عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية، أن ذلك لا يزال غير كاف نظرا للفرص التي لم يتم استغلالها في هذا القطاع حتى ألان.
وتعتبر استدامة مصائد الأسماك من بين القضايا التي تؤرق جميع مناطق العالم، وإن “الوضع الحالي يحتاج إلى المزيد من العمل من أجل حماية النظم الإيكولوجية الأرضية والبحرية”.
يشار إلى أن نسخة سنة 2025 من معرض “أليوتيس” ستسلط الضوء على مجموعة متنوعة من القطاعات الاستراتيجية، منها الأسطول والمعدات من خلال عرض أحدث الابتكارات في مجال التقنيات البحرية والصيد المستدام، إضافة إلى التثمين والمعالجة عبر حلول لتحسين سلسلة القيمة للمنتجات البحرية وتعزيز جودتها.
كما يتعلق الأمر أيضا، بالابتكار من خلال إبراز التقنيات الناشئة والاتجاهات الجديدة في قطاع الصيد البحري، إلى جانب تسليط الضوء على دور الفاعلين العموميين وشبه العموميين في تحقيق التنمية الاستراتيجية للقطاع، واستكشاف فرص التعاون والشراكات على المستوى العالمي، علاوة على تنظيم جناح مخصص للمبادرات التي تروج لممارسات الصيد المسؤولة والمستدامة.
ومن خلال اختيار شعار دورة هذه السنة، ينخرط معرض “أليوتيس” في إطار دينامية من التفكير والعمل لمواجهة التحديات العالمية مثل، التغير المناخي، تأثر الموارد البحرية، وتغير عادات الاستهلاك، والانتقال نحو اقتصاد أزرق مستدام.
وتهدف هذه النسخة إلى فتح آفاق جديدة لتقديم حلول ملموسة تساعد صناع القرار في إدارة الموارد البحرية والحفاظ عليها، بالإضافة إلى دعم التنويع في الإنتاج البحري.
كما تسعى هذه النسخة إلى تعزيز الشراكات بين المؤسسات البحثية، مما يتيح تبادل أفضل التجارب وتعزيز الوعي المشترك بمستقبل مستدام.
وحرصا على أداء مهمته كواجهة لتطوير قطاع الصيد البحري المغربي، وضع معرض “أليوتيس” مجموعة من الأهداف الطموحة، منها ترويج المهن والخبرات المرتبطة بالصيد البحري وتربية الأحياء المائية لجمهور متنوع، يشمل المهنيين، والمستثمرين، والمواهب الشابة، وتشجيع البحث والابتكار، ثم إبراز التقنيات المتقدمة والممارسات المبتكرة التي تخلق القيمة وتحترم البيئة.
كما يروم المعرض، تعزيز اللقاءات التجارية وفتح فرص الشراكات على المستويين الوطني والدولي، إلى جانب توعية الزوار بأهمية الاستدامة في الأنشطة البحرية، بما يتماشى تماما مع أهداف الاقتصاد الأزرق.
وتعكس هذه النسخة، التزام المملكة المغربية الراسخ بجعل البحث العلمي رافعة استراتيجية تضمن استدامة الموارد البحرية، وتعزز تنافسية الصناعات المغربية في مجالي الصيد البحري وتربية الأحياء المائية.