بمناسبة الانتخابات المغربية البرلمانية هاذ الاسبوع .. المغرب تقريبا هو البلد الوحيد في العالم العربي اللّي كيتوفّر على نظام سياسي معتمد على قواعد ثابتة و مستقرة و لها الحد الأدني من الفعالية و الكفاءة و التمثيلية .. أكبر خمسة أحزاب هوما:
العدالة و التنمية (إسلامي يمين وسط) .. و الأصالة و المعاصرة (يمين وسط فرانكفوني ) .. الإستقلال (يمين وسط محافظ) .. التجمع الوطني للأحرار (يمين وسط ) .. حزب الإتحاد الإشتراكي للقوى الشعبية (يسار وسط)….العدالة و التنمية ماشي اخوان عكس الفهم الشائع في العالم .. و تركيبة الإسلاميين في المغرب عامة مختالفة بزاف على تركيبتهم في باقي الدول العربية ..
أقوي و أكبر حركة إسلامية في المغرب هي العدل و الاحسان لكن لا تدخل في أي منافسات انتخابية و لا تتبنى أي حزب سياسي من الأساس .. حيت هيا أصلا لا تعترف بشرعية النظام الملكي .. و هي حركة ضخمة و صوفية الطابع و متفردة بشكل غريب عن أي حركة إسلامية عربية .. و كاينة حتى السلفية الجهادية لكن قوتهم ضعيفة و صوتهم شبه غير مسموع فالاوساط المغربية
كيف كنعوفو جميع النهضة في تونس إخوان لكن العدالة و التنمية في المغرب ماشي إخوان و لكن عبارة عن تطور تنظيمي و فكري لحركة ف الثمانينات كانت سميتها “الجماعة الاسلامية” عبر تحالفات مع حزب ملكي قديم في التسعينات .. حركة سياسية إسلامية لكن ماشي جهادية و لا تدعو للعنف كما أنهم كانو أول حركة اسلامية فالعالم رفضت القطبية (اصلا الاخوان في مصر و باقي الدول العربية الاخرى مزال معتانقين القطبية حتى وقتنا الراهن)
في 1992 طوروا أطروحات فكرية و سياسية و تنظيمية جديدة الشي اللّي وصّلهم لهادشي اللّي هما فيه دابا كحزب يمين وسط محافظ ثقافيا و قوي جدا انتخابيا خاصة في المدن بل و اختارق حتى البوادي مؤخراً اللي هي تقليديا كتكون موالي للأحزاب الملكية بالفطرة (عبر سجل متدرج من المشاركة الإنتخابية في أربع إستحقاقات إنتخابية برلمانية متدرجة في 1997 و 2002 و 2007 و 2011) ..
بالاضافة الى العمل على المحليات و البلديات .. فراه تمكّن من التموقع داخل المؤسسة السياسية الرئيسية .. و تمكّن من تحقيق ما عجز عنه الاخوان في باقي الدول العربية و هو انه اصبح منفصل تنظيميا بشكل كامل و حقيقي عن حركة التوحيد و الإصلاح اللّي هي الرافعة الثقافية و الدعوية الاجتماعية ديالو و اللّي بدورها حققات حمولة كبيرة من التجديد الفقهي و الفكري ..
اقرب حاجة ليهم هي حزب العدالة و التنمية اللّي في تركيا (الحزب المغربي اتسمّى بهاذ الاسم و بدا هاذ النموذج قبل التركي حيت الحزب المغربي تأسس سنة 1992 بينما التركي بان في سنة 2001)….
حزب الملكية التقليدي التاريخي هو حزب الاستقلال لكن الاستقلال كيبقا حزب محافظ ثقافيا .. لهذا ظهرت الاصالة و المعاصرة كحزب ملكي جديد بتأسيس الرجل المشاغب “فؤاد عالي الهمة” مستشار الملك حاليًا و أدمج فيه جميعهم الحادثيون الفرونكفونيون الذّين هم في الاصل ضد العدالة و التنمية ..
احزاب اليسار في المغرب تراجعت بشكل مزري باعتبارها أقوى احزاب يسارية في العالم العربي (مع السودان) و متحدّية حقيقية لسيطرة المخزن أيام “المهدي بن بركة” و “عبد الرحيم بو عبيد” و “عمر بن جلون” (تحدي إنتخابي و تحدي نقابي و تحدي كفاحي ثوري ) الى احزاب شبحية لها قواعد انتخابية باقية و لكن بلا اي برنامج سياسي و ايديولوجي ذو معنى في إطار المرحلة اليوسفية و ما بعدها ..
كاين احزاب يسارية ديمقراطية اخرى و لكن ضعيفة إنتخابيا و مهمشة و تتراوح خياراتها بين المقاطعة و المشاركة الضعيفة جدّاً.
بالرغم من الانقسام الاجتماعي و الثقافي الحقيقي في مجتمعنا المغربي بين أنصار الفرانكفونية و أنصار العربية لكن الخلافات الهوياتية السياسية في المغرب مفتعلة و شكلية .. حيث الملك هو أمير المؤمنين اعزه الله و رسميا هو رئيس الدولة و رئيس المؤسسة الدينية معا و هو ممثل الشرعية التاريخية للدولة المغربية و الاسلام المغربي .. و النظام الملكي اسلامي تحديثي توفيقي .. و كلشي كيتصارع على أرضيته باستثناء العدل و الاحسان .. و المخزن الملكي كاين اجماع عليه في المغرب على انه هو ضامن الوحدة الترابية للمغرب و الوحدة الثقافية للمجتمع المغربي المتعدد ثقافيا و اجتماعيا ..
سياسة المخزن الملكي الكلاسيكية هي تقريب كل الأطراف بدرجات متفاوتة و في نفس الوقت عدم استبعاد اي طرف بدرجات متفاوتة باستثناء العدل و الاحسان و الجهاديين بالطبع .. فالكل مرضي نسبيا..
الملك محمد السادس نصره اللّه نجح في تقديم تجربة إصلاح سياسي و دستوري ناجحة وقت الثورات العربية (تجربة الإصلاح الوحيدة الناجحة في العالم العربي في مرحلة الثورات) .. نقدرو نسمّيوها امتداد تراكمي و نوعي لإصلاحات مرحلة التناوب الأفقي التي اقدم عليها ابوه الملك الجهبّذ العتيد الحسن الثاني في التسعينات عقب نهاية سنوات الرصاص السوداء الشهيرة .. و تعديلات2011 في الدستور المتعلقة بتوسيع صلاحيات البرلمان و الحكومة المنتخبة و توازن السلطات و النظام الانتخابي و حقوق الأمازيغ كانت مرضية لأغلب القوى و خاصة و ان العدالة و التنمية كان واضح في تأييده للإصلاح مع باقي احزاب اليمين و اليسار و رفضه حراك 20 فبراير الثوري الديمقراطي ضد النظام و اللّي كان بقيادة العدل و الاحسان و اليسار الثوري و شباب الفيسبوك سنة 2011 ..
هاذ الحراك انتهى تلقائيا بعد عام فاش انسحب منّو العدل و الاحسان .. و هاذ الاخير رجع لمرحلة البيات الشتوي المعتادة ديالو .. جسم ضخم و كبير و قاطع في رفضه النظام الملكي و رفضه المساومة مع المخزن .. لكنه في نفس الوقت قاطع في رفضه العنف و الجهادية لكونه كيان صوفي أبا عن جد ..
ايلا كانت شي خلافات حقيقية ممكنة في المغرب حاليا فهي خلافات ترتكز على الاقتصاد السياسي لتشخيص التكيف الهيكلي و رفع سعر المحروقات و خفض الدعم .. لكن من المستحيل ان هاذ الخلافات و النزاعات بين الاحزاب تخلق اي تغييرات جذرية في السياسة المغربية..
النظام السياسي المغربي حاليا هو نظام كفء و فعال لكن في إطار أسقف منخفضة و آفاق ضيقة .. نموذج ناجح في سياقه و في ظروفه لكنه نموذج غير ملهم خارج المغرب نظرا لخصوصيته و لأسقفه المنخفضة المحددة سلفا .. ستبقى الفرادة و الخصوصية المغربية دائما.
✒#كيكيم عامر
📝#جسر_بريس