سعت السلطات المغربية، الخميس 18 يناير 2018، إلى طمأنة السكان بعد القلق الذي أثاره اعتماد نظام جديد لصرف الدرهم دخل حيز التنفيذ الإثنين 15 يناير 2018، مؤكدةً أن تأثيره على القدرة الشرائية والتضخم سيكون محدوداً.
وأكد عبد اللطيف الجواهري، حاكم البنك المركزي المغربي، في مؤتمر صحفي، الخميس، إن “النظام الجديد الأكثر مرونة لسعر صرف العملة سيعزز النمو الاقتصادي بنسبة 0,2 %.. وتحرُّك الدرهم سيرفع التضخم بنسبة 0.4 % في الحالة القصوى” ليبلغ 1.9 في المائة.
وأضاف أن ذلك “سيدعم القدرة الشرائية للمواطنين”.
ودخل النظام الجديد حيز التنفيذ، الإثنين، بعد مناقشات استمرت سنوات لهذا الإصلاح، الذي يهدف إلى تعزيز “متانة” الاقتصاد المغربي “وقدرته التنافسية”، بتشجيع من صندوق النقد الدولي.
ويواصل البنك المركزي المغربي تحديد سعر صرف الدرهم على أساس سلة تمثيلية من اليورو والدولار، بنسبة 60% و40% على التوالي، لكن بهامش أكبر بكثير. وقد ارتفع هامش التقلب في الواقع من 0.35 إلى 5% (2.5% في كل اتجاه).
لكن خبراء ينتقدون خفض سعر الدرهم، خصوصاً بسبب زيادة تكلفة الواردات، لا سيما منتجات الطاقة، مذكِّرين بأن الميزان التجاري للمملكة ما زال يعاني عجزاً.
وردَّ الجوهري قائلاً: “لماذا ينخفض سعر العملة إذا تم احتواء التضخم وكانت الاحتياطات كافية؟”، مؤكداً أنه “قرار طوعي وسيادي” وإصلاح بدأ “في ظروف مناسبة”.
وأضاف أن المغرب لا يعاني أزمة في احتياطي الصرف؛ “لأننا نتوفر على شروط والتزامات أعلنتها الحكومة، من قبيل عدم تجاوز العجز في الميزانية نسبة 3% ومستوى تضخم أقل من 2%”.
ويؤدي تعويم الدرهم من الناحية النظرية غالباً، إلى ارتفاع أثمنة المواد المستوردة، مما يشجع على الإقبال على السلع المحلية، وهي مسألة صحيحة نسبياً، لكن ما يمكن أن يحدث في الواقع -كما يرى محمد صلوح، الخبير والمستشار في الشؤون المالية- هو تضخم الأثمان، مما سيؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين بصفة عامة، وهو الأمر الذي يعود إلى
اعتماد الإنتاج الوطني على الاستيراد، خاصة المواد الطاقية ومواد التجهيز والمواد الغذائية.
من جهته، قال وزير الاقتصاد المغربي محمد بوسعيد، إن “هذا الإصلاح لم يأتِ نتيجة أزمة؛ بل هو قرار طوعي بدافع من رغبتنا في الانفتاح”، مؤكداً أن “البداية مطمئنة، والأسواق تثق باقتصادنا، والأسس التي بُني عليها هذا الإصلاح متينة”.
وكان هذا الاصلاح مقرراً أصلا في يوليوز 2017، لكن الحكومة قررت تأجيله، موضحة أنها تريد “القيام بدراسات إضافية”.
ويرتكز مشروع تعويم العملة المغربية، على الانتقال التدريجي نحو نظام صرف أكثر مرونة من أجل تعزيز تنافسية اقتصاده وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية.
وكانت مصر آخر الدول التي نفذت تحريراً لعملتها المحلية (الجنيه)، أعقبها ارتفاع حاد في نسب التضخم فوق 30%، وتآكل ودائع المقيمين بالعملة المحلية؛ بسبب هبوط قيمتها بنسبة 100% أمام الدولار.
كان صندوق النقد الدولي أعلن في ديسمبر 2017، منح المغرب قرضاً مالياً “خط الوقاية والسيولة”، بقيمة 3.47 مليار دولار، لدعم السياسات العمومية بهدف الرفع من نسبة النمو، معتبراً أنه قرض وقائي ضد الأخطار والصدمات الخارجية.
وأعلن البنك المركزي المغربي، قبل أسابيع، أنه سيعمل على تحرير تدريجي لسعر صرف الدرهم، وسيضع في مرحلة أولى، حدوداً عليا ودنيا، ويتدخل في حال تجاوزها.
وفي المرحلة الثانية، يصبح صرف الدرهم حينها خاضعاً لقانون العرض والطلب في سوق العملات، وهي مرحلة التحرير الكامل لسعر صرف الدرهم.